أكرم القصاص - علا الشافعي

كيف تنشأ الشائعة على مواقع التواصل؟.. "اليوم السابع" يتتبع شائعة متداولة تحذر من مكالمة "الحوت الأزرق" القاتلة.. والمفاجأة: انتشرت بالهند وسنغافورة قبل وصولها مصر ومصدرها ماليزيا.. وصاحبها حوت أزرق من نوع آخر

الجمعة، 25 مايو 2018 06:00 م
كيف تنشأ الشائعة على مواقع التواصل؟.. "اليوم السابع" يتتبع شائعة متداولة تحذر من مكالمة "الحوت الأزرق" القاتلة.. والمفاجأة: انتشرت بالهند وسنغافورة قبل وصولها مصر ومصدرها ماليزيا.. وصاحبها حوت أزرق من نوع آخر شائعات مواقع التواصل
كتب محمود حسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بالتأكيد وصلتك رسائل غريبة وغير منطقية على "واتس آب" توجه لك نصيحة أو تحذير، من بعض الأصدقاء وبالطبع أقاربك كبار السن، وعلى الأرجح ستكون مذيلة فى النهاية بعبارة تطلب منك أن تنشرها على شكل واسع لتحذير الآخرين، ورغم عدم منطقية هذه الرسائل، إلا أن العديدين يصدقونها، ويعيدون نشرها مرات ومرات ويمكن أن تصلك من أكثر من شخص، فى كثير من الأحيان قد يكون وراء هذه الرسالة هدف إما سياسى أو تجارى، وفى بعض الأحيان تكون فقط للتسلية من بعض الأشخاص، أو لا شيء على الإطلاق.

واحدة من الرسائل التى انتشرت مؤخرا فى مصر هى تحذير من أن الحوت الأزرق سيتصل بعدد من الأشخاص غدا من رقم تم ذكره فى الرسالة، لذا فيجب عدم تلقى الرسائل أو المكالمات من هذا الرقم لأنك بمجرد الرد على الرسالة أو المكالمة، فسيتم تنزيل لعبة "الحوت الأزرق" على هاتفك، وستكون ضحية لهذه "اللعبة" التى أثارت الذعر حول العالم.

رسالة الحوت الأزرق على واتس اب

رسالة الحوت الأزرق على واتس اب

 بالطبع لا يحتاج الأمر لكثير من الخبرة لتعرف أن هذه الرسالة لا معنى لها، فلا يمكن أن يتمكن أحدهم من اختراق هاتفك لمجرد أنك فتحت رسالة أو رددت على مكالمة!، كما أن الحوت الأزرق ليست لعبة بالمعنى المعروف، بل هى تحدى يخوضه أشخاص مع بعضهم البعض وتيواصلون عبر "جروبات" الفيس بوك، وليست تطبيقا بالمعنى المعروف أو لعبة مثل بقية الألعاب.
 

لكن "اليوم السابع" قررت أن تتبع هذه الرسالة، لتعرف كيف انتشرت ومدى انتشارها ومن أين أتت، وكيف يمكن لرسالة غير منطقية وغير معقولة أن تصل إلى هاتفك من خلال معارفك، لتجد مفاجأة أن رسالة مثل هذه قد تطوف العالم كله قبل أن تصل إلى يديك.

 

فى البداية بالبحث فى "فيس بوك" على الرسالة وجدنا آلاف من "البوستات" التى تحمل نفس المحتوى التحذيرى، البعض – على الأرجح من الأمهات الطيبات – كان مهموما للغاية بنشر الرسالة على عدد كبير من الصفحات.

رسالة الحوت الأزرق
رسالة الحوت الأزرق

لكن بالنظر إلى رقم الهاتف الخطير الذى يمتلكه "الحوت الأزرق" ستردك منه "الرسالة القاتلة"، فنجد أنه يبدأ بـ 0060 وهو ليس رقم هاتف مستخدم فى مصر، بل رقم هاتف مستخدم فى ماليزيا، لذا قررنا البحث على الإنترنت بهذا الرقم لنفاجأ بأن الرسالة تم تداولها فى بلدان عدة قبل أن تصل إلى مصر.

هنا مثلا "نايلى فاتاشراجى" من كالكوتا فى الهند ينشر الرسالة ويحذر منها:

شخص هندى ينشر الرسالة
شخص هندى ينشر الرسالة

وهنا "مالك خان" من مدينة بيشاور فى باكستان ينشر نفس الرسالة:

 

الحوت الازرق فى باكستان
الحوت الازرق فى باكستان

 

ولدينا "فاسو سندروم" من سنغافورة وقد تطوع بنشر الرسالة:
 
رسالة الحوت الأزرق فى سنغافورة
رسالة الحوت الأزرق فى سنغافورة
 
لكن وبالعودة بالتاريخ إلى أول ظهور للرسالة على موقع "فيس بوك" يمكننا أن نجد أنها انتشرت تحديدا بداية من شهر أكتوبر عام 2017 فى ماليزيا، فقبل ذلك التاريخ لم يكن لها أى وجود على الإنترنت، وهذا هو منشأها بالتأكيد لأن الرقم المذكور يبدأ بالمفتاح الدولى لماليزيا.
 
الرسالة فى ماليزيا اكتوبر الماضى
الرسالة فى ماليزيا اكتوبر الماضى

تركنا الفيس بوك والواتس آب ورسائله، واتصلنا بالرقم فوجدناه مغلقا، فبدأنا فى البحث عن الرقم فى المواقع المخصصة لذلك مثل "ترو كولر – true caller" و "SHOW CALLER – شو كولر" وغيرها، كان لافتا للنظر اثناء البحث أن البعض احتاط أكثر من اللازم إذ وجد أن العديدين قاموا بحظر الرقم من الاتصال بهم كى يؤمنوا نفسهم على طريقة "الباب اللى يجيلك منه الريح"، ويمنعوا "الحوت الأزرق" من الاتصال بهم!.

اشخاص حظروا الرقم المنسوب لهم فى الحوت الأزرق
اشخاص حظروا الرقم المنسوب لهم فى الحوت الأزرق

على تطبيق "ترو كولر - TRUE CALLER" وجدنا الرقم تم تسجيله سابقا باسم شخص ويدعى Gurdeep Singh أو "جورديب سينج" وكتب بجواره أنه الحوت الأزرق أو "blue whale".

 

اسم صاحب الرقم على برنامج ترو كولر

ما علاقة جورديب إذن بالحوت الأزرق؟، توجهنا إلى محرك البحث "جوجل" وبحثنا عن "جورديب" و"الحوت الأزرق" فكان بانتظارنا المفاجأة، فجورديب ليس سوى شخص يملك شركة للتسويق والبيع عبر الإنترنت فى مدينة شانديغار فى الهند تحمل اسم "الحوت الأزرق".

شركة الحوت الأزرق
شركة الحوت الأزرق

لا يحتاج الأمر إلى الكثير من التخمين، فيبدو أن "جورديب" كان فى زيارة عمل على الأرجح إلى ماليزيا، وامتلك هذا الرقم لفترة من الفترات، وعلى طريقة فيلم "لا تراجع ولا استسلام" حين سجل "حزلقوم" أو الفنان أحمد مكى، الضابط سراج أو الفنان ماجد الكدوانى باسم "سعيد مهمة" على الهاتف، وكما يفعل الكثير منا سجل أحدهم "جورديب" على أنه "جروديب – الحوت الأزرق"، وبدأ يظهر بهذا الاسم على برنامج " ترو كولرtrue caller –"، ويبدو أن أحدا ما قرر أن يستخدم الرقم فى تخويف الآخرين ونشر رسالته، والتى طافت العالم من ماليزيا إلى الهند وباكستان وسنغافورة ثم أخيرا مصر، وبالتأكيد العديد من البلدان الأخرى خلال الرحلة.

فى نهاية رحلة البحث عن مصدر الرسالة الغريبة، يبدو الأمر مضحكا ومذهلا، فكيف يمكن لأكذوبة غير منطقية أن تجتاح العالم لشهور وتصل إلى ملايين البشر فى بلدان متعددة الثقافات والأفكار، بل ويتم ترجمتها عبر لغات متعددة، وكيف أنها فى كل مرة تعثر على من يصدقها ويعيد نشرها ويجعلها حية لوقت طويل، لتتركنا رحلة البحث أمام السؤال: كم يا ترى من الأمور التى انتشرت عبر "السوشيال ميديا" كالنار فى الهشيم، وصدقناها، وفى النهاية لم تكن سوى كذبة كبيرة.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة