صدر كتاب "الإسهام العربى المعاصر فى الثقافة العالمية" تحرير وتنظير الدكتور مجدى يوسف، عن دار نشر علماء جامعة كمبردج، المملكة المتحدة.
ويقول مجدى يوسف، إذا كان حميد دباشى، ذو الأصول الإيرانية، وزميل الراحل إدوارد سعيد فى هيئة التدريس بجامعة كولومبيا فى نيويورك، قد طرح السؤال التالى فى كتابه الصادر بالإنجليزية فى 2015، والمترجم للعربية فى العام التالى مباشرة تحت عنوان: هل يستطيع غير الأوربى التفكير؟ إذا كان هذا الكتاب يقدم إجابات خفيفة على هذا السؤال بث أغلبها على شاشات التلفزة الخليجية، فإن الكتاب الذى بين أيدينا، والصادر لتوه فى كمبردج بإنجلترا، يقدم الدليل الدامغ على عدم موضوعية التوجه السائد ليس فقط لدى الغربيين، وإنما بالمثل لدى أغلب العرب المعاصرين، بأننا نحن -عرب اليوم- "لسنا منتجين للمعارف العلمية الدقيقة"، وإنما مجرد "مستهلكين" للمعارف الغربية، لاسيما فى العلوم الطبيعية والاجتماعية، ناهيك عن تفشى التبعية بين جانبينا للمودات السائدة فى الغرب من العمارة ، إلى الفن والأدب.
ويدلل مجدى يوسف على أقواله "لا أدل على ذلك من المشاركة الخائبة للجامعة العربية حين نزلت ضيفا على معرض فرانكفورت للكتاب فى عام 2004، إذ أصرت على أن تقدم هناك فى برنامجها "الثقافى" لعالمنا العربى أعمال جدودنا الأوائل فى العلوم الطبيعية، بينما تنكبت عن تقديم إسهامات علمائنا العرب المحدثين فى المجالات العلمية الدقيقة، وذلك على الرغم من تحذير واضع هذا الكتاب، مؤسس "الرابطة الدولية لدراسات التداخل الحضارى"، فى ثمان مقالات نشرها آنذاك فى الأهرام، والهلال، وأخبار الأدب، وسائر صحفنا العربية قبل انعقاد معرض فرانكفورت فى عام 2004، من الوقوع فى براثن إعادة إنتاج سلسلة المحاضرات التى قدمها المعهد الثقافى الفرنسى فى القاهرة تحت عنوان: عندما كان العلم يتحدث العربية".
فإذا كان الغربيون قد درسوا تراثنا العربى القديم من منظورهم، ليخلصوا إلى أنه إذا كانت العربية لغة العلم منذ ألف عام، فإن لغته السائدة فى عالم اليوم هى الإنجليزية مثلا، فهل يجوز لنا نحن العرب أن نقدم أنفسنا للعالم فى أهم معرض كتاب غربى على النحو نفسه الذى ينفى ضمنا قدراتنا الحالية على إنتاج المعرفة، لاسيما فى العلوم الدقيقة، على الرغم من كل المعوقات الخارجية والداخلية التى تسعى للنيل من قدراتنا الموضوعية فى مجال إنتاج المعارف التخصصية الدقيقة؟
ويضيف ماجد يوسف "يقدم هذا الكتاب الدليل الدامغ على عدم صدق تلك المقولة التى تحط من شأننا نحن العرب المحدثين فى إنتاج المعارف العلمية الدقيقة حيث يقدم الإسهامات العربية المعاصرة النابعة من علمائنا العرب العاملين فى مؤسساتنا البحثية العربية، وليس فى أى من الجامعات الغربية التى سعت لاحتوائهم ومع ذلك رفضوا كل تلك الإغراءات ليظلوا أوفياء لجامعاتهم، ومراكزهم البحثية الوطنية، وتأكيد محاوريهم من كبار العلماء الغربيين على أهمية إضافات علمائنا العرب المعاصرين الراسخين فى أوطانهم لتراث العلوم الدقيقة كل فى تخصصه. أما التنسيق والتنظير لهذه الإضافات العربية المعاصرة فهو ما قدمه واضع هذا الكتاب الأستاذ الدكتور مجدى يوسف، أستاذ الحضارات المقارنة، ومؤسس" الرابطة الدولية لدراسات التداخل الحضارى" التى عقد باسمها اللقاء البحثى الذى كان هذا الكتاب ثمرته بالانجليزية والفرنسية فى مقر اليونسكو بباريس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة