أكرم القصاص - علا الشافعي

مصير النظام العالمى

الثلاثاء، 22 مايو 2018 08:00 م
 مصير النظام العالمى د. سالم الكتبي
د. سالم الكتبي

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

النظام العالمى الجديد هو المصطلح الذى بات يطلق على العلاقات الدولية فى مرحلة مابعد الحرب الباردة وانهيار ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتى، وشاع هذا المصطلح منذ أن استخدمه الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش فى خطاب له عام 1990، واعتبر أنه يمثل بداية زمن سلام لكل الشعوب !

 

ومن الناحية الواقعية فإن المصطلح يرمز إلى روزنامة القوانين والتشريعات والأعراف الدولية الناظمة للعلاقات الدولية فى الحقبة منذ عام 1990 وحتى الآن ؛ وهذا النظام له مؤسساته وآلياته ومنها بطبيعة الحال الأمم المتحدة بوكالاتها المتخصصة، وبقية مؤسسات هذا النظام مثل البنك الدولى وصندوق النقد وغيرها . ولم ينشأ هذا النظام من فراغ أو من العدم بل قام على انقاش نظام دولى قديم نشأ منذ توقيع صلج وستفاليا عام 1648.

 

ورغم الجدل حول استمرارية النظام العالمى الجديد ومدى فاعليته فى ظل بروز سمات جديدة لمرحلة مابعد هذا النظام بما تحمل من معالم مثل تآكل سيادة الدولة، وصعود الفاعلين من غير الدولة وتعاظم نفوذ الشركات عابرة القارات والجدل حول نهاية النفوذ والهيمنة الأمريكية التى كانت تمثل عماد النظام العالمى الجديد.

 

الشاهد الأخطر لانهيار النظام العالمى الجديد وعدم بروز مؤشرات لمرحلة مابعد هذا النظام ، هو فشل هيئات هذا النظام ومؤسساته فى الحفاظ على الأمن والاستقرار العالميين ، فقد أصبحت قرارات الأمم المتحدة موضع تجاهل فى جميع القضايا والأزمات الدولية ، كما فشلت المنظمة الدولية فى تحقيق أهم أهدافها، وهو العدالة الدولية.

 

هناك أمثلة عديدة على انتهاكات القانون الدولى ، سواء من جانب دول مثل إيران وإسرائيل وغيرهما ، أو من جانب القوى الكبرى ذاتها . ولاشك أن الاخفاقات المتعددة تمثل احد أسباب ظهور الارهاب وانتشاره ، إذ لا يغيب عن أى باحث أن تنظيمات الارهاب تتغذى وتقتات على ممارسات الاحتلال وانتهاك القانون الدولى فى مناطق مثل الاراضى الفلسطينية المحتلة وغيرها .

ماذا بعد تفكك النظام العالمى القائم؟ وهل يدخل العالم فى مرحلة مابعد النظام بآليات جديدة أم تشهد العلاقات الدولية مرحلة من الفوضى وغياب الاستقرار حتى تتولد مؤسسات وتفاهمات واتفاقات جديدة قادرة على ضبط توازنات القوى وإدارة شبكة المصالح المعقدة بين دول العالم كافة؟ وهل تبقى الدولة وحدة أساسية فى النظام العالمى أم تتواصل عوامل تآكلها وتقضى عليها لمصلحة كيانات وهياكل جديدة ربما تعود بالعالم إلى مرحلة ماقبل الحداثة؟

الشواهد والمؤشرات جميعها تؤكد أن الخاسر الأكبر فى مرحلة انزلاق النظام العالمى نحو الفوضى هو الدول الاقليمية، التى سقطت فريسة للصراع على النفوذ والمصالح بين القوى الكبرى، والمشهد فى سوريا ربما يبرز هذا الأمر بوضوح.

هناك سياسات واتجاهات عالمية تدفع باتجاه تسريع وتيرة انهيار العلاقات الدولية منها تفاقم السياسات الانعزالية فى الدول الكبرى وفى مقدمتها الولايات المتحدة، وهناك أيضاً صعود التيار اليمينى فى أوروبا، وبروز ظواهر مثل الاسلاموفوبيا، ومعاداة اللاجئين، فضلاً عن توجه الأنظمة التوسعية إلى استحضار أفكار بائدة من صناديق التاريخ القديم والسعى لاسترداد أمجاد استعمارية قديمة لم يعد لها محل فى القرن الحادى والعشرين.

ربما تشهد المرحلة المقبلة أيضاً موجات أكبر وأضخم من اللجوء لملايين البشر سواء بسبب تفاقم الصراعات والفتن الطائفية وانتشار الارهاب، أو بسبب الجوع والعوامل البيئية التى باتت سبباً رئيسياً فى حركة الهجرة واللجوء على كوكب الأرض.

يبدو من الواضح أيضاً أن منطقة الشرق الأوسط ستكون مسرح الأحداث الأكثر تأثراً بتفاعلات المرحلة الجديدة فى العلاقات الدولية، فملامح القوى والنفوذ الجديدة ترسم الآن على أرض سوريا، كما يبدو الصراع على أشده بين روسيا والولايات المتحدة، ولم تتضح بعد ملامح العلاقات بين الولايات المتحدة والأقطاب الدولية الجديدة لاسيما الصين.

كاتب إماراتى.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة