ارتبط اسم محافظة الشرقية بين المحافظات بالكرم الشديد، وعلى مر العقود الماضية لازمتهم واقعة "الشراقوة عزموا القطر"، وذلك بعد خروج أهالى قرية بالكامل لإفطار ركاب قطار تعطل بهم فى بلدهم وقت آذان المغرب فى رمضان.
الزميلة ايمان مهنى مع ولاد ابوشامة
الأمر لم ينته عند أهل الشرقية بهذه الوقعة فحسب، ففى مدنية أبوحماد نجد فرقة "ولاد أبوشامة" هما مجموعة شباب متطوعين، وعرفوا بهذا الاسم نسبة لعم أبو شامة مصطفى الذى نذر بإفطار المسافرين بالقطار طول حياته ، حيث اعتادوا الذهاب يوميا طول الشهر الكريم إلى محطة القطار لإفطار المسافرين الصائمين وبالتحديد ركاب قطار السويس الذى يمر بالمحطة قبل أذان المغرب بدقائق .
الاطفال المتطوعين
فمع دقات الساعة 6 و 10 دقائق يدخل القطار 594 القادم من السويس والمتجه إلى القاهرة محطة أبو حماد دون تأخير ضمن رحلته المعتادة يوميا، لكن شهر رمضان يكون دخول المحطة مختلفا، وفور توقف القطار تتفاجأ بهؤلاء الشباب متطوعين للخير يحملون صندوق به أكياس، يحوى الواحد منها "علبة عصير و3 تمرات وبسكويت" والمياه يوزعونها على المسافرين، حيث يصعد بعضهم إلى العربات والبعض الآخر يوزع من الشباك من على الرصيف.
شارك اليوم السابع أولاد أبو شامة رحلة إفطار الصائمين المسافرين، ففى البداية وصلنا إلى حى المغازى وقت العصر، حيث محل يبعد أمتارا عن المحطة تمتلئ جوانبه بعبوات العصير والبسكويت وأجوال البلح وثلاجات لتصقيع المشروبات ومجموعة أطفال من عمر 6 سنوات إلى 13 عاما يجلسون لتعبئة هذه المشروبات فى أكياس.
الاطفال يعئبون الاكياس
يقول أبو شامة مصطفى وهو رجل أربعينى من العمر يعمل فى مجال المقاولات، إن كل عام فى الشهر الكريم يوزع العصير والمياه على المسافرين، مشيرا إلى أنه بدأ بمفرده فى عام 2000 ، بحاجات بسيطة ثم كل عام يجد من يتطوع معه أطفال وشباب الحى إلى أن أصبحوا كتيبة أبو شامة على مر هذه السنوات، مضيفا أنه يستأجر محل قبل رمضان ويحضر ثلاجات حفظ من منزلة ويقوم بشراء العصائر والبسكويت، وبعضها يأتى تبرعات مشاركة من أهل الخير .
وقال الأطفال إنهم كأبناء الحى يتطوعون كل عام مع عم "أبو شامة"، فنحن نتجمع يوميا فى مسجد المغازى عقب صلاة العصر، ثم نتوجه إلى المحل، حيث تبدأ عمليات التجميع بحيث كل كيس بـ"عبوة عصير، 3 تمرات، بسكويت"، ويكمل عمار علاء 10 سنوات ويحى محمد 7 سنوات : "نقوم بوضع الأكياس داخل صندوق"، ويضيف محمود عطية تحمل كل مجموعة هذه الصناديق ونتوجه إلى محطة القطار ، فى السادسة مساء يوميا.
المتطوعين من الاطفال خلال اتجاهم للمحطة
ويكمل محمود شحاتة، 28 سنة : "إننى تطوعت منذ كان عمرى 14 سنة ، وبدأت بتوزيع "القرص" إلى الآن، وتزوجت ويشارك نجلى مع الأطفال فى التجميع".
وعند انتقالنا إلى محطة القطار بصحبة الأطفال وهما يحملون الصناديق، وفى الطريق ذكر أبو شامة بعض المواقف التى تعرض لها، قائلا: "ذات مرة أحد المسافرين وعقب حصوله على كيس الإفطار من الشباك والقطار يتحرك رمى لنا سرة فلوس، وقال له هات بيعها عصير للصائمين، فتحتها وجدته مبلغ كبير وبالفعل جبت بيه كله"، وتابع : "أحيانا نصادف مسافر قبطى والذى يقول لنا إعطى المسلمين أولا فهم صائمين والعدد كبير، الإ أننى أصر على إعطائه الكيس وأقول هذه هدية لا ترد".
محطة القطار
وعند المحطة التقينا بالشباب، والذين أكدوا أن دور الأطفال ينتهى عند تسليم الصناديق حفاظا على سلامتهم، ويوضح محمد عادل، 28 سنة: "إننى متطوع منذ كان عمرى 12 سنة ودورنا كشباب أن نصطف على الرصيف استعدادا للتوزيع ".
ومع دقة الساعة السادسة و10 دقائق دخل القطار المحطة، إذا بالمكان يتحول إلى شعلة متوجهة من النشاط، فانتشر الشباب يحملون الصناديق للتوزيع، بدأت ملحمة من الأدعية والثناء على دورهم، بينما بادر بعض الركاب لمساعدتهم.
يقول حسن أحمد حسن ، أثناء التوزيع عندما أسمع الدعاء من المسافرين " ربنا يكرمك " أو غيرها من الأدعية اشعر براحة وصفاء نفس.
ويلتقط أطراف الحديث محمد إبراهيم طالب بالثانوية العامة، حيث يقول إن هذا العمل لا يأخد من وقته كطالب يستعد للامتحانات إلا القليل.
لحظة دخول القطار
توزيع الافطار
توزيع الافطار داخل القطار
فرحة الصائمين
فرحة ولاد ابو شامة بالافطار
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة