أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 20 مايو 1958.. عبدالناصر يجتمع بالسفير الأمريكى لإنهاء أزمة الرئاسة اللبنانية.. وإيزنهاور يصفه: «زعيم حقيقى يعرف ما يفعل»

الأحد، 20 مايو 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 20 مايو 1958.. عبدالناصر يجتمع بالسفير الأمريكى لإنهاء أزمة الرئاسة اللبنانية.. وإيزنهاور يصفه: «زعيم حقيقى يعرف ما يفعل» جمال عبدالناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرر الرئيس جمال عبدالناصر التحرك بحسم فى الأزمة اللبنانية، فور إبلاغه بتهديد السفير الأمريكى فى بيروت «ماكلينتوك» لقائد الجيش اللبنانى فؤاد شهاب بقوله: «إذا لم يتدخل الجيش لمواجهة الاضطرابات، فإن الأسطول السادس سيقوم بنفسه بهذه المهمة»، حسبما يؤكد محمد حسنين هيكل فى كتابه «سنوات الغليان»، عن «مركز الأهرام للترجمة والنشر- القاهرة»، مؤكدا أن عبدالناصر تحرك فى ثلاثة اتجاهات هى، بعث رسالة شخصية إلى البطريرك المارونى «بولسى المعوشى»، ورسالة إلى بابا الفاتيكان، ومقابلة مع السفير الأمريكى فى القاهرة «ريموند هير» ظهر يوم 20 مايو «مثل هذا اليوم» 1958.
 
يؤكد هيكل أن الأزمة اشتعلت بانتشار أخبار عن نية لتعديل الدستور اللبنانى ليسمح بمدة رئاسة ثانية لكميل شمعون، وتأكدت بقول شمعون لصحيفة فرنسية: «لا أريد تجديد مدة رئاستى، ولكننى إذا لم أتأكد من وجود رئيس بعدى قادر على تحمل المخاطر الجديدة المحيقة بلبنان، سأستجيب لنداء الواجب»، وكان الخطر الذى يقصده هو الوحدة بين مصر وسوريا «22 فبراير 1958».
 
ضجت المعارضة اللبنانية بتصريح شمعون، ووفقا لهيكل، فإن الصحفى «نسيب المتنى» قاد حملة صحفية، فقرر شمعون اعتقاله، وبضغط المظاهرات والاحتجاجات أفرج عنه، وعاد «المتنى» ليواصل حملته، فاغتيل بالرصاص يوم 8 مايو 1958 دون منفذ الجريمة، وثارت ثائرة المعارضة، وطالبت باستقالة «شمعون»، لكنه رفض، مستندا على العناصر المسايرة لاتجاهاته، وبينها حزب الكتائب الذى حشد ميليشياته المسلحة، وفى مواجهة ذلك حشد الزعيم كمال جنبلاط الميليشيات الدرزية فى جبل الشوف، وبدت لبنان على شفا حرب أهلية.
 
يؤكد هيكل أن «شمعون» طلب من الرئيس الأمريكى إيزنهاور يوم 11 مايو 1958 بنزول قوات أمريكية إلى بيروت، وأخطر إيزنهاور وزارة البحرية يوم 13 مايو بالاستعداد للتدخل، وطلب التنسيق مع وزارة الحربية البريطانية، واجتمع «ماكلينتوك» مع «شهاب»، وأرسل السفير المصرى فى لبنان عبدالحميد غالب تقريرا إلى جمال عبدالناصر بما حدث فى الاجتماع، فتحرك فى اتجاهاته الثلاثة، وفى اجتماعه بالسفير الأمريكى يوم 20 مايو، وحسب محضر الاجتماع بينهما وينقل منه هيكل، سأل السفير الرئيس: «ألا تستطيعون بنفوذكم الشخصى التدخل لدى الجبهة المعارضة فى لبنان لإنهاء الأزمة؟»، فرد عبدالناصر: «إذا كانت الحكومة الأمريكية تتصور أن هناك خطة مرسومة بين المعارضة اللبنانية وبيننا فهذا خطأ. إن الحكومة الأمريكية فيما أرى تتجاهل العوامل الحقيقية للأزمة، وفى رأيى أنها مسؤولة قبل غيرها عما يحدث فى هذا البلد الآن. إن التدخل الحقيقى جاء من ناحيتكم أنتم، فقد ألقيتم بثقلكم مع فريق وضد فريق، الحقيقة أن الحكومة الأمريكية تتجاهل التطورات الموجودة فى المنطقة بأسرها. إن المنطقة كلها تحكمها نزعة ترفض أن تقبل الخضوع وتثور على السيطرة، ونسيت الحكومة الأمريكية هذا كله فى لبنان، ونسيت أيضا أن لبنان بالذات له أوضاع خاصة، تحتم أن يكون الشعب اللبنانى بأسره متماسكا مترابطا، وإذا كانت الحكومة الأمريكية تتصور أن هناك اتصالات بيننا وبين المعارضة فهذا تصور خاطئ، وإذا كانت تتصور أننا نستطيع أن نتدخل لدى المعارضة أو نضغط عليها، فذلك إمعان فى الخطأ. إن زعماء المعارضة فى لبنان قادة مسؤولون، ومسؤوليتهم أولا وأخيرا أمام الشعب الذى يقودونه». واصل عبدالناصر: «الحل الوحيد الذى أتخيله الآن، أن نحاول معا أنتم ونحن أن نقوم بجهد مشترك إذا كنتم على استعداد. إن تصوراتى على النحو التالى: أنتم أصدقاء لأحد طرفى النزاع وهو الحكومة اللبنانية، ونحن أصدقاء للطرف الآخر فيه وهو المعارضة الوطنية، فإذا وافقتم على أن نقوم بهذا الجهد المشترك، فنحن على استعداد، وسؤالى المحدد: هل الحكومة الأمريكية على استعداد، إنكم تتحملون مسؤولية خطيرة فيما يحدث لأن تدخلكم السافر مع فريق ضد فريق هو الذى أوصل الأزمة إلى ذروتها».
 
علق السفير الأمريكى: «إن ما سمعته منكم بالغ الأهمية وسأنقله فورا إلى واشنطن، ولكنى أريد أن أستفسر منكم عما إذا كانت هناك تصورات تفصيلية محددة؟». أجاب عبدالناصر: «من متابعتى لمجريات الأمور، أرى هناك كتلة ثالثة بدأت تؤكد دورها بين موقف المعارضة والحكومة وهى تقترح الآن أن يتولى رئاسة الجمهورية شخص ثالث محايد يثق فيه الجميع وهو اللواء شهاب».
 
أرسل السفير الأمريكى تقريره لواشنطن، وقرأه «إيزنهاور»، وقال: «كيف يمكن لأحد أن ينقذ بلدا من قادته؟ سعود ضعيف، وكنا نعتمد عليه لكنه لم يثبت كفاءة، وشمعون كان فى استطاعته أن يطرد شهاب، ويعين جنرالا آخر يأتمر بأمره، لكنه تردد ولم يفعل، والآن فإن شهاب مرشح لخلافته.ناصر وحده هو الذى يعرف ما يفعل، وسواء اختلفنا معه أو اتفقنا، فلا بد أن نسلم بأنه زعيم حقيقى»، وفى يوم 21 مايو أعلن شمعون أنه لا ينوى ترشيح نفسه.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة