بوح العارفين.. دع عنك تعنيفى.. قصيدة ابن الفارض

الأحد، 20 مايو 2018 12:00 ص
بوح العارفين.. دع عنك تعنيفى.. قصيدة ابن الفارض ابن الفارض
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ابن الفارض عمر بن أبى الحسن على بن المرشد بن على، ولد فى الرابع من ذى القعدة سنة 576 هـ بالقاهرة، وعرف بـ"ابن الفارض"، لأن أباه كان يكتب فروض النساء على الرجال، حموى الأصل، مصرى المولد والدار والوفاة.
 
ومات ابن الفارض فى سنة 632 هـ، ودفن بالقرافة بسفح جبل المقطم عند مجرى السيل، وظل ديوانه الذى يجمع قصائد حبه الإلهى يعرفه العامة والخاصة، ويتغنى به المداحون والمنشدون ورجال الطريقة.
 
قلْبى يُحدّثُنى بأنّكَ مُتلِفى
روحى فداكَ عرفتَ أمْ لمْ تعرفِ
لم أقضِ حقَّ هَوَاكَ إن كُنتُ الذى
لم أقضِ فيهِ أسى، ومِثلى مَن يَفى
ما لى سِوى روحى، وباذِلُ نفسِهِ
فى حبِّ منْ يهواهُ ليسَ بمسرفِ
فَلَئنْ رَضيتَ بها، فقد أسْعَفْتَنى
يا خيبة المسعى إذا لمْ تسعفِ
يا مانِعى طيبَ المَنامِ، ومانحي
ثوبَ السِّقامِ بهِ ووجدى المتلفِ
عَطفاً على رمَقى، وما أبْقَيْتَ لى
منْ جِسمى المُضْنى، وقلبى المُدنَفِ
فالوَجْدُ باقٍ، والوِصالُ مُماطِلى
والصّبرُ فانٍ، واللّقاءُ مُسَوّفى
لم أخلُ من حَسدٍ عليكَ، فلاتُضعْ
سَهَرى  بتَشنيعِ الخَيالِ المُرْجِفِ
واسألْ نُجومَ اللّيلِ: هل زارَ الكَرَى
جَفنى، وكيفَ يزورُ مَن لم يَعرِفِ؟
لا غَروَ إنْ شَحّتْ بِغُمضِ جُفونها
عينى  وسحَّتْ بالدُّموعِ الدُّرَّفِ
وبما جرى فى موقفِ التَّوديعِ منْ
ألمِ النّوى، شاهَدتُ هَولَ المَوقِفِ
إن لم يكُنْ وَصْلٌ لَدَيكَ، فَعِدْ بهِ
أملى وماطلْ إنْ وعدتَ ولاتفى
فالمطلُ منكَ لدى إنْ عزَّ الوفا
يحلو كوصلٍ منْ حبيبٍ مسعفِ
أهفو لأنفاسِ النَّسيمِ تعلَّة
ولوجهِ منْ نقلتْ شذاهُ تشوُّفى
فلَعَلَ نارَ جَوانحى بهُبوبِها
أنْ تَنطَفى، وأوَدّ أ لا تنطَفى
يا أهلَ ودِّى أنتمُ أملى ومنْ
ناداكُمُ يا أهْلَ وُدّى قد كُفى
عُودوا لَما كُنتمْ عليهِ منَ الوَفا
كرماً فإنِّى ذلكَ الخلُّ الوفى
وحياتكمْ وحياتكمْ قسماً وفى
عُمري، بغيرِ حياتِكُمْ، لم أحْلِفِ
لوْ أنَّ روحى فى يدى ووهبتها
لمُبَشّرى بِقَدومِكُمْ، لم أنصفِ
لا تحسبونى فى الهوى متصنِّعاً
كلفى بكمْ خلقٌ بغيرِ تكلُّفِ
أخفيتُ حبَّكمُ فأخفانى أسى
حتى، لعَمري، كِدتُ عنى أختَفى
وكَتَمْتُهُ عَنّي، فلو أبدَيْتُهُ
لَوَجَدْتُهُ أخفى منَ اللُّطْفِ الخَفى
ولقد أقولُ لِمن تَحَرّشَ بالهَوَى:
عرَّضتَ نفسكَ للبلا فاستهدفِ
أنتَ القتيلُ بأى منْ أحببتهُ
فاخترْ لنفسكَ فى الهوى منْ تصطفي
قلْ للعذولِ أطلتَ لومى طامعاً أنَّ
 الملامَ عنِ الهوى مستوقفي
دعْ عنكَ تعنيفى وذقْ طعمَ الهوى
فإذا عشقتَ فبعدَ ذلكَ عنِّفِ
بَرَحَ الخَفاءَ بحُبّ مَن لو، فى الدّجى
سفرَ الِّلثامَ لقلتُ يا بدرُ اختفِ
وإن اكتفى غَيْرى بِطيفِ خَيالِهِ
فأنا الَّذى بوصالهِ لا أكتفى
وَقْفاً عَلَيْهِ مَحَبّتي، ولِمِحنَتى
بأقَلّ مِنْ تَلَفى بِهِ، لا أشْتَفى
وهَواهُ، وهوَ أليّتى، وكَفَى بِهِ
قَسَماً، أكادُ أُجِلّهُ كالمُصْحَفِ
لوْ قالَ تِيهاً: قِفْ على جَمْرِ الغَضا
لوقفتُ ممتثلاً ولمْ أتوقفِ
أوْ كانَ مَنْ يَرْضَى، بخدّى، موطِئاً
لوضعتهُ أرضاً ولمْ أستنكفِ
لا تنكروا شغفى بما يرضى وإنْ
هوَ بالوصالِ على لمْ يتعطَّفِ
غَلَبَ الهوى، فأطَعتُ أمرَ صَبابَتى
منْ حيثُ فيهِ عصيتُ نهى معنِّفي
منى لَهُ ذُلّ الخَضوع، ومنهُ لي عزّ
 المنوعِ وقوَّة  المستضعفِ
ألِفَ الصّدودَ، ولى فؤادٌ لم يَزلْ
مُذْ كُنْتُ، غيرَ وِدادِهِ لم يألَفِ
ياما أميلحَ كلَّ ما يرضى بهِ
ورضابهُ ياما أحيلاهُ بفي
لوْ أسمعوا يعقوبَ ذكرَ ملاحة
فى وجههِ نسى الجمالَ اليوسفى
أوْ لوْ رآهُ عائداً أيُّوبُ فى سِنَة
 الكَرَى، قِدماً، من البَلوَى شُفي
كلُّ البدورِ إذا تجلَّى مقبلاً
 تَصبُو إلَيهِ، وكُلُّ قَدٍّ أهيَفِ
إنْ قُلْتُ: عِندى فيكَ كل صَبابة
قالَ:المَلاحة لي، وكُلُّ الحُسْنِ في
كَمَلتْ مَحاسِنُهُ، فلو أهدى
 السّناللبدرِ عندَ تمامهِ لمْ يخسفِ
وعلى تَفَنُّنِ واصِفيهِ بِحُسْنِهِ
يَفْنى الزّمانُ، وفيهِ ما لم يُوصَفِ
ولقدْ صرفتُ لحبِّهِ كلِّى على
يدِ حسنهِ فحمدتُ حسنَ تصرُّفي
فالعينُ تهوى صورة الحسنِ الَّتي
روحى بها تصبو إلى معنى خفي
أسْعِدْ أُخَيَّ، وغنِّ لى بِحَديثِهِ
وانثُرْ على سَمْعى حِلاهُ، وشَنِّفِ
لأرى بعينِ السّمعِ شاهِدَ حسْنِهِ
معنى فأتحفنى بذاكَ وشرِّفِ
يا أختَ سعدٍ منْ حبيبى
 جئتنى بِرسالَة أدّيْتِها بتَلَطّفِ
فسمعتُ ما لمْ تسمعى ونظرتُ
 ما لمْ تنظرى وعرفتُ ما لمْ تعرفي
إنْ زارَ، يوماً ياحَشاى تَقَطَّعى
كَلَفاً بهِ، أو سارَ، يا عينُ اذرِفى
ما للنّوى ذّنْبٌ، ومَنْ أهوى مَعى
إنْ غابَ عنْ إنسانِ عينى فهوَ فى






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة