قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، فى أولى حلقات برنامجه الرمضانى "الإمام الطيب" إنه عندما ألف كتاب مقومات الإسلام كان المقصود منه تقديم الإسلام للمسلم أو من يريد أن يتعرف على الإسلام في أصوله ومقوماته التي إن أكتفي بها لا يضره بعد ذلك ما يفوته من معلومات.
وأوضح أن المقومات تعنى الأصولَ الكبرى الَّتى ينبنى عليها الإسلامُ كدِينٍ لا يقتصِرُ فقط على بيانِ العَقيدةِ والعباداتِ والأخلاقِ، بل يَهتمُّ اهتمامًا كبيرًا بالتَّشـريعاتِ الَّتي تضبطُ حركةَ الفردِ وسلوكَ المجتمعاتِ؛ لتَوجيهِها أوَّلًا نحوَ الغاياتِ الأخلاقيَّةِ الإنسانيَّةِ العامَّةِ، ثم لمعرفةِ الحقِّ في الاعتقادِ، وفعلِ الخيرِ في العملِ ثانيًا. ومَعرِفةُ الحَقِّ وعمَلُ الخيرِ هما رُكنا مفهومِ «السَّعادةِ» الحقيقيَّةِ الَّتي بُعِثَ من أجلِها الأنبياءُ والمرسَلون، ونادى بها الحكماءُ وعقلاءُ الفلاسفةِ مِن قديمِ الزَّمانِ.
وبين الإمام الأكبر أن المقومات هي مكونات الشيء، فعلى سبيل المثال فإن مقومات المنزل هي الحوائط والسقف، ومقومات الكرسي الخشب والمسمار وعلل، والعلل أربع، فاعلة، وغائية وهي تصور الجلوس عليه، ومادية وهي الخشب، وشكلية وهي الصورة، وهناك فرق بين المقومات واللوازم، فالمقومات إذا فقدت انعدم وجود الشيء، أما اللوازم إذا فقدت فيظل الشيء موجودًا لكنه غير صالح للوظيفة التي حددت من أجله، فبدون حوائط وأسقف وهي المقومات لا يوجد منزل، أما بدون أبواب وأثاث للمنزل وهي اللوزام فيفقد المنزل قيمته لكنه يظل موجودًا، مضيفًا أن ذلك لا يقتصر على المحسوسات فقط، بل يمتد إلى المفاهيم الذهنية، فالمقومات التي تشكل مفهوم أو كيان الإنسان هي الحياة والتفكير، وهي مقومات ذهنية عقلية، أما أن يكون الإنسان طويلًا أو قصيرًا، ذكيًا أو غبيًا، أسود أو أبيض، فكل هذه لوازم.
وأشار إلى أن هناك فرقًا بين مقومات الإسلام وأركان الإسلام، فالمقومان الأساسان للإسلام هما الاعتقاد والعمل، والاعتقاد هو الإيمان وهو قلبي ولا يوجد به عمل ظاهري، والعمل وهو فعل ظاهري وهي أركان الإسلام الخمسة، فأركان الإسلام هنا المقصود بها مصطلح الإسلام المقابل للإيمان، أي أن الإسلام يتكون من مقومين رئيسين وهما الاعتقاد أو الإيمان، والعمل وهو الإسلام، لذلك لا يتحقق الدين الإسلامي إذا وجد الإسلام دون الإيمان، مبينًا أن هناك من تجري عليه أحكام المسلمين ولا يكون مؤمنًا، مثل المنافقين، الذين كانوا يقومون بأركان الإسلام كالصلاة والزكاة والحج، ولكنهم في داخلهم يبطنون الكفر ولا يظهرونه ولو أظهروه لانتفى عنه وصف الإسلام.
وشدد الإمام الأكبر على أهمية عدم الخلط بين الألفاظ والمفاهيم الشرعية، لأن ذلك يتسبب في إراقة دماء كثيرة، فالبعض قد يحكم على المسلم الفاسق بالكفر ويجري عليه أحكام الكفر، مع أن هناك فرقًا كبيرا بين الفسق والكفر، فهناك اختلاف بين الفاسق والمنافق والمؤمن والكافر، وهذه مفاهيم شرعية محددة، ومجرد الخلط فيها تسيل بسببه دماء.
وأضاف أن الإسلام عمل ظاهري وهو علامة على الإيمان، لكنه ليس برهانًا عليه، أي أن من يقوم بهذه الأعمال الظاهرية يعامل معاملة المسلمين وتجري عليه أحكامهم مثل أحكام المواريث والزواج والموتى، لكنها ليست برهانًا لأن المنافق أيضًا يقوم بهذه الأعمال.
وحذر الإمام الأكبر من خطورة الخلط بين الاعتقاد والعمل، بحيث يحكم حكما اعتقاديًا على من ترك العمل، مؤكدًا أنه لا يكفي أن أرى شخصًا لا يصوم ولا يصلي ولا يزكي حتى أحكم عليه بالكفر، بل الجحود والإنكار هو الذي يؤدي إلى الكفر، وما عدا ذلك فإنه يسمى مسلما فاسقا أو عاصيًا وتجري عليه أحكام المسلمين ويصلى عليه ويدفن بمقابرهم، مضيفًا أن الحكم بالكفر أو عدم الإيمان لا يبيح القتل، فالقتل يكون للمعتدين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة