دخل محمد عبدالسلام الزيات، وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة «البرلمان»، إلى مبنى الإذاعة لمواجهة الموقف، بعد إذاعة استقالات معارضى الرئيس السادات من الوزراء وأعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكى فى نشرة أخبار الساعة الحادية عشرة مساء يوم 13 مايو 1971، و«سبقتها ولحقتها أناشيد مثيرة» بتعبير «الزيات» فى مذكراته «السادات.. القناع والحقيقة» عن «كتاب الأهالى- القاهرة».. «راجع ذات يوم 13 مايو 2018».
ظل «الزيات» داخل الإذاعة حتى الساعات الأولى من صباح 14 مايو «مثل هذا اليوم» 1971، وكان دوره من الأدوار المهمة التى حسمت هذا الصراع للسادات ضد خصومه، فالإذاعة وقتئذ كانت الأداة الإعلامية الرئيسية والمؤثرة، ويكشف فى مذكراته، أنه فور توجهه إلى مكتب وزير الإعلام المستقيل محمد فائق، حاول أن يخلق جوا من الرهبة والتهديد، ويؤكد: «استدعيت المسؤولين الذين تصادف وجودهم فى مبنى الإذاعة، وكان بينهم محمد عروق «رئيس إذاعة صوت العرب»، وسعد زغلول، وإسحق حنا، ومنير حافظ الذى كان مديرا للاستعلامات، وكتبت على عجل قرارا بتعيين نفسى وزيرا للإعلام، دون الرجوع للسادات، بالإضافة إلى عملى وزير دولة لشؤون مجلس الأمة، وكلفت المسؤولين بإذاعة القرار».
وباعتباره وزيرا أصدر الزيات أوامره بوقف إذاعة الاستقالات، ووقف إذاعة الأناشيد المثيرة، ويؤكد: «لم يخالف هذه الأوامر إلا محمد عروق، فقد أعاد إذاعة الاستقالات من إذاعة صوت العرب ثم غادر المبنى مباشرة، وعينت سعد زغلول محله مشرفا على إذاعة صوت العرب والإذاعة العامة، وبدأ استدعاء جميع المسؤولين عن الإذاعة من منازلهم، وكان اهتمامى الأول بالقسم الهندسى، فقد كنت أعرف أن هناك محطات فى أبى زعبل وفى طرة وغيرهما من الأماكن ويمكن استخدامها، وأجريت اتصالات بجميع المحافظين فى المحافظات التى تقع فيها هذه المحطات للانتقال فورا إليها والمحافظة عليها ومتابعة ما يجرى فيها، وقررت أن تكون إذاعة صلاة الجمعة من مسجد الإذاعة، وكان مقررا أن تذاع من إحدى المحافظات.. وعندما جاء وقت الإذاعة الصباحية كانت درجة الأمان قد وصلت إلى %90».
يكشف الزيات: «خلال هذا أمكننى تدبير خط مباشر بين الإذاعة ومنزل السادات، وأخذت أتلقى بيانات التأييد وبعض الأخبار، وأذكر أن أول بيان أمرت بإذاعته من بيانات التأييد أبلغنى به عزيز صدقى الذى كان نائبا لرئيس الوزراء ووزير الصناعة، وكان قد وصل إلى منزل السادات بعد مغادرتى له مباشرة»، ويؤكد: «المجهود الذى قام به عزيز صدقى فى هذه الليلة، والذى حاول السادات أن يطمسه، لابد وأن يذكر، فقد أجرى اتصالا مع جميع رؤساء إدارات المؤسسات وشركات القطاع العام ومع العديد من الزعماء النقابيين، وأمكنه أن يؤمن جبهة العمال».
كان الفريق محمد أحمد صادق، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، هو الورقة التى اعتمد عليها السادات فى تأمين موقف الجيش لصالحه، وحسب مذكراته المنشورة بمجلة أكتوبر 20 نوفمبر 2011 إعداد محمد أمين، يعترف بأنه كان يفسد ما يقوم ببنائه الفريق أول محمد فوزى، وزير الحربية، فى هذا المجال، كتأمينه لقيادة قوات الصاعقة، ويقول: «وخلال هذه الفترة المشحونة لم يكن الفريق فوزى يعلم أننى أفسد ما يقوم ببنائه»، ويؤكد، أنه فى يوم «13 مايو» عاد إلى منزله وسمع نبأ الاستقالات الجماعية فى الإذاعة، فعاد فورا إلى الوزارة، ويقول: «اتصلت بالرئيس السادات لأول مرة تليفونيا، وقلت له إن القوات المسلحة خارج الصراع، وإنها لا تكن أى ولاء إلا للسلطة الشرعية ولمصر، وعليه أن يتصرف وهو على يقين من ذلك، فرد: أنا كنت أبحث عنك وعاوزك تيجى دلوقتى لتحلف اليمين كوزير للحربية، فأوضحت لا أستطيع أن أترك مكانى حاليا فى القيادة، وعندما أطمئن إلى استتباب الوضع سآتى».
يضيف صادق: «اتصلت بقادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، وقادة الجيوش، وقادة المنطقة المركزية والرؤساء ومديرى الإدارات، وطلبت منهم البقاء فى أماكنهم وعدم التحرك إلا بأوامر منى شخصيا، وطلبت من المجموعة 39 قتال بقيادة العميد إبراهيم الرفاعى أن تؤمن مبنى وزارة الحربية والقيادة العامة».
فى الساعة الواحدة والنصف صباحا «14 مايو» اتصل أشرف مروان بسامى شرف الذى عاد إلى منزله وكان فى منزل شعراوى جمعة مع آخرين، وفيه كتب استقالته وأرسلها إلى السادات مع «مروان».. ويذكر شرف فى مذكراته «سنوات وأيام مع جمال عبدالناصر» عن «المكتب المصرى الحديث- القاهرة»، أن مروان أبلغه بتعيينه سكرتيرا للرئيس للمعلومات، ويؤكد شرف: «أشرت عليه ببعض الإجراءات التى يجب عليه أن يتخذها لتأمين الأشرطة والعهدة من الأموال العامة والمصروفات السرية والأسلحة، وطلبت من محمد السعيد سكرتيرى الخاص أن يسلم أشرف مروان الأشرطة التى كانت فى عهدته، وقام فعلا بتسليمها إليه مباشرة وبهدوء»، يؤكد شرف: «الكلام الفارغ والقصص الخيالية، التى دارت حول تسليم الشرائط وإطلاق رصاص ومطاردات بالسيارات لم تحدث وأتحدى من يثبت غير ذلك».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة