كريم خالد عبد العزيز

"وحوى يا وحوى إيوحا"

الأحد، 13 مايو 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"وحوى يا وحوى إيوحا" ذهب القمر أو رحل الهلال.. كلمات فرعونية كانت تستخدم كتحية للقمر، وأصبحت منذ العصر الفاطمى تستخدم كتحية خاصة بهلال رمضان، وتقال أو تغنى عند وداع هلال شعبان واستقبال هلال رمضان.. "وحوي يا وحوي" بمعنى ذهب أو رحل و"إيوحا" أصلها "أيوح أو إياح" ومعناها القمر أو الهلال.
 
مصر يا أم العجايب شعبك أصيل والخصم عايب .. خطرت على بالى هذه الكلمات عندما استشعرت نفحات شهر رمضان آتية علينا، وتأملت فى الطابع المصرى الفريد من نوعه فى إحياء هذا الشهر الكريم.. فالمصريون يتميزون عن كل الشعوب العربية والإسلامية فى التعامل مع رمضان، نشترك كشعوب عربية في تكريم هذا الشهر من الناحية الدينية، لكن الشعب المصرى يضيف لهذا الشهر روح البهجة والفرح منذ زمن الفاطميين، حتى يومنا هذا.
 
فى مصر نسمع الأغنيات الرمضانية الرائعة التى تخاطب شهر رمضان على أنه إنسان نشتاق إليه ونفرح بقدومه ونحزن لرحيله.. في مصر تنتشر الفوانيس التى تنير كل بيت وكل مسجد وكل شرفة، وتعلق الزينة التى تغطى الشوارع والحارات.. هذه الروح المميزة لن نجدها فى أى بلد آخر إلا مصر، وإن وجدت فلن تأخذ طابع الاحتفال المصرى الفريد من نوعه.
 
من ضمن الأشياء التى تميزنا عن باقى الشعوب، مهنة "المسحراتى" الذي يوقظ الناس للسحور.. هذه المهنة تعتبر من المهن التاريخية التي ظهرت في صدر الإسلام، حيث كان بلال بن رباح أول مؤذّن فى الإسلام وابن أم مكتوم يقومان بمهمّة إيقاظ النّاس للسّحور.. لكن أول من أيقظ النّاس على الطّبلة وأضاف البهجة لهذه المهنة هم أهل مصر، وأول من عمل فيها من السيدات كانت سيدة مصرية وإلى الآن تطوف مجموعة من الناس شوارع مصر بالرق والمزمار لتنشد وتغنى أناشيد رمضانية وتزف الفرحة إلى قلوب الناس.. قد نتشابه قليلا مع أهل الشام الذين كانوا يطوفون على البيوت ويعزفون على العيدان والطّنابير وينشدون أناشيد رمضانية، لكننا نتميز بالصخب والابتكار والمحافظة على التراث، لقد ابتكرنا هذه الابتكارات فى الوقت الذى كان فيه أهل بعض البلاد العربيّة كاليمن والمغرب يدقّون الأبواب بالنبابيت.
 
أما الإفطار فله طابع خاص أيضاً عند أهل مصر.. فالمصريون هم أول من ابتكر فكرة موائد الرحمن في عهد الفاطميين، حيث كان القائمون على قصر الحاكم يقيمون موائد عامة بوجبات خيرية للشعب ويوفرون مخزون من القمح والدقيق لصناعة الحلوى، وكانت موائد الرحمن تسمى وقتها "سماط الخليفة".. توارثت هذه الفكرة عبر الأجيال حتى انتشرت وصدرت إلى العالم العربي، وفى عصرنا هذا لا تخلو موائد البيوت المصرية من الجيران والأصحاب المشاركين أهل البيت فى الإفطار.. فى مصر يشمل الفرح برمضان كل المصريين حيث يفرح غير المسلمين بقدوم شهر رمضان، ويشعرون بنفس الروح ويشاركون إخوانهم وأخواتهم المسلمين فى الإفطار والسحور والسهرات الرمضانية التى لا تخلو من الضحك والمرح.. عندما تجد البهجة والزينة والصخب فى هذا الشهر الكريم إعلم أنك في مصر المحروسة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة