فى أقصى جنوب الصعيد وطريق طويل غير ممهد داخل قرية تبعد أكثر من 50 كيلو مترا عن مدينة قنا، هنا قرية "الجمالية" التابعة لمركز قوص جنوب محافظة قنا أقصى محافظات الصعيد، خلف ماكينات تقطيع ضخمة بها منشار يعمل بسرعة عالية وبيدها "منشار وإزميل ومدق" تحمل بيدها أخشاب الزان والموسكى الثقيلة، تتحدى بها 270 فتاة صعيدية المعتاد ويواجهن الصعاب فى مهنة الرجال، تحتاج إلى مجهود ذهنى وعضلى كبير وبتركيز عالى تسابق به سرعة المنشار الكهربائى على صينية التقطيع، هكذا هو الحال داخل ورش النجارة التى يعمل بها الفتيات فقط لصناعة قطع الأثاث المختلفة وفن "الأويمة" الزخرفة على الخشب، "اليوم السابع" داخل أول ورش النجارة للفتيات فقط.
"مدرب الفتيات" أسطى المهنة: 30 فتاة يواجهن منشار الكهرباء الضخم ويقطعن مساحات الخشب بحرفية لصناعة الأثاث
يقول حسن مفرج أسطى المهنة ومدرب الفتيات، إنه فى البداية لم يكن يتوقع النجاح فى تدريب الفتيات على أعمال النجارة، مؤكدا أنه كان يخاف عليهم وتوقع عدم قدرتهم على إنهاء الأعمال التى يراها صعبة وتحتاج إلى تركيز ومجهود عضلى وتركيز ذهنى وجرءة عالية لمواجهة أدوات التقطيع الكهربائى الضخمة التى تعمل بمنشار كبير حاد سريع جدا يخشاه الكثيرون.
وأضاف، بدأنا منذ شهور قليلة بالعمل مع عدد قليل من الفتيات، وكنت أدربهم على أعمال يدوية بسيطة، وكان من المتوقع أن نستغرق شهورا طويلة فى التدريب، إلا أنى لاحظت طموحهن وإصرارهن على إنهاء الأعمال الكبيرة ومهمات صعبة، لافتا إلى أنه يصل عدد الفتيات العاملات بالورشة إلى 30 فتاة.
وأوضح أنه فى البداية واجه العديد من الصعوبات والتحديات فى تعليم الفتيات تصنيع العديد من المنتجات المتميزة، إلا أن الفتيات كسرن القاعدة فى العمل وبدأن فى إنهاء العديد من المنتجات بسرعة كبيرة غير متوقعة.
منى أبو السعود تبلغ من العمر 33 سنة، إحدى العاملات لديها 3 أطفال تقول، منذ بداية إطلاق الفكرة فى القرية سعيت للتدريب والعمل ودعمنى زوجى فى اتخاذ الخطوة، وفى البداية كان الهدف الوحيد هو إعانته فى الاحتياجات اليومية للأسرة، إلا أنى أحببت العمل وسط زميلاتى وبدعم من المدرب والعاملين على المشروع، لافتة أن الخوف الإحساس الوحيد الذى كان يسيطر على جميع الفتيات بالورشة بمجرد رؤية وسماع صوت الماكينات الضخمة وسرعة المنشار.
هدية محمد 25 عاما غير متزوجة حاصلة على مؤهل متوسط مشرفة الورشة، هى أقدم العاملات بها، وحصلت على تدريبات كثيرة فى حرفة النجارة، تقول "كنت من أول المتطوعات بالعمل فى ورش النجارة، وكانت الفكرة فى حد ذاتها غريبة على مجتمع قريتنا فى الجمالية جنوب محافظة قنا".
وأكد أحمد إبراهيم مهندس زراعى وأحد أبناء قرية الجمالية ومشرف على المشروع، أن بداية الفكرة جاءت من مؤسسة النداء بدخول القرية فى تحدى تعليم الفتيات حرف يدوية من خلال فتيات لديهن القدرة على العمل والإبداع، لافتا إلى أن الفكرة واجهت صعوبات كثيرة فى بدايتها ورفض شديد من الأهالى على خلفية العادات والتقاليد لصعيد مصر، وبدأنا بتنظيم حملة ندوات لتوعية الأهالى بمميزات المبادرة وتعليم الفتيات حرفة مختلفة.
"الأيدى الناعمة" تتحدى الطبيعة وترسم طريقها للمستقبل بـ "الأويمة"
"الأويمة" هى مجموعة من الفنون الحرفية التى تقوم بتحويل الخشب إلى أشكال فنية جميلة لتصنع بعض التحف الفنية وقطع الأثاث يحتاج فن "الأويمة "إلى تركيز ومهارة عالية وقوة بدنية وذهنية للحفر من خلال أدوات يدوية على قطعة الخشب الصماء لتتحول إلى لوحة فنية يصنع منها العديد من قطع الأثاث.
وفى قرية الجمالية كان للفتيات السبق فى العمل بـ"الأويمة" التى أكد خالد السيد أحد أكبر أسطوات المهنة ومدرب الفتيات، أنها مهنة لا يعمل بها فى كل محافظات مصر غير الرجال قائلا "لم أستوعب فى البداية فكرة تعليم الفتيات "الأويمة" وقدرة الفتاة على حمل أوزان من الخشب الزان والموسكى والرسم بالحفر عليه وزخرفته من خلال استخدام "المدق، والأزميل والغوش والبريمو".
محافظ قنا: نعمل على تذليل العقبات لإقامة مشروعات للتنمية المستدامة بقنا
اللواء عبد الحميد الهجان محافظ قنا، أكد أن المحافظة شهدت خلال الفترة الماضية طفرة كبيرة فى مشروعات التنمية المستدامة التى تعمل على تمكين الشباب والفتيات اقتصاديا، وتعمل على خلق فرص عمل جديدة ومبتكرة تضيف إلى مهارتهم العديد من الخبرات.
وأضاف أن المحافظة تعمل جاهدة لتذليل العقبات أمام كافة المشروعات التى تضيف إلى الرصيد الاستثمارى لأبناء محافظة قنا، وخاصة التى تعمل على خلق العديد من فرص العمل وتدريب وتشغيل الشباب وتعليمهم حرف جديدة، لافتا إلى أن فتيات الصعيد استطعن أن يواجهن العديد من التحديات والصعوبات فى تعلم العديد من الحرف الصعبة منها صناعة الكليم وزخرفة النحاس والنجارة والأويمة والأركت .
وأشار الهجان فى تصريحاته لـ"اليوم السابع" أن المحافظة مستمرة فى دعم كافة المشروعات من خلال المشروع القومى للتنمية المجتمعية والبشرية "مشروعك" بتقديم تسهيلات وقروض وصلت إلى 216 مليون جنيها بعد دراسات جدوى ودراسة الأفكار المقدمة من خلال متخصصين والذى وصلت إلى أكثر من 4 آلاف مشروع لمشروعات صغيرة ومتناهية الصغر قدمت ما يقرب من 5 آلاف فرصة عمل.
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
اريد الشراء
اين تباع المنتجات وكيف يمكن مساعدة الفنانين وزيادةارباحهم