يوسف أيوب

موسم المصالحة مع الإرهابيين

الثلاثاء، 01 مايو 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هاهو كمال الهلباوى يكمل الخطة بظهوره من لندنستان، مروجًا للمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية التى قضى ضمن تنظيمها حقبة من الزمن قبل أن يتركهم لخلافات قيادية، والآن يعود به الحنين لأيام الإرهاب الإخوانى، مطالبًا الجميع بمد يد المصالحة لمن قتلوا أبناءهم.
 
بداية فإن المشكلة ليست فى الهلباوى، الذى كان له فى الجماعة الكثير من المناصب والمهام أيضًا، على رأسها أنه كان متحدثًا باسم الإخوان فى الغرب، والرئيس المؤسس للرابطة الإسلامية فى بريطانيا، التى كانت تتولى توفير التمويل للجماعة، وترتيب لقاءات لقياداتها مع سياسيين وبرلمانيين بريطانيين، المشكلة فينا نحن المصريين، حينما صدقنا أن الهلباوى انشق عن الجماعة الإرهابية، رافضًا لأفكارها التى عاش مؤمنًا بها لأكثر من خمسين عامًا، وصدقنا مسرحية استقالته من الإخوان فى 31 مارس 2012، اعتراضًا منه على تفكير الجماعة حينها بترشيح نائب مرشدها خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، وقتها احتفى كثيرون بالهلباوى الذى استمر فى مسرحيته ودوره المرسوم بدقة، بمجموعة من الحوارات والتصريحات المنتقدة لأداء بعض قيادات الجماعة، لكنه لم يتناول أبدًا فكرها الفاسد الداعى إلى تدمير المجتمع.
 
مشكلتنا نحن حينما تصورنا أن الإرهابى سيأتى عليه يوم ويتوب، وقررنا أن نفتح أبوابنا للهلباوى وأمثاله ليبقوا بيننا ونمنحه الأمان، بل والمكانة الاجتماعية التى ما كان ليستحقها أبدًا، فحصل الهلباوى على عضوية المجلس القومى لحقوق الإنسان، وهى الصفة التى استغلها ولا زال للترويج لأفكاره الداعمة لتنظيم الإخوان الإرهابى، والدعوة للمصالحة مع من تلطخت أيديهم بدماء شهدائنا، ولا تزال.
 
الهلباوى مثله مثل كثيرين تستروا أمامنا برداء الوطنية، والليبرالية، لكنهم فى الحقيقة يخفون أكثر مما يظهرون، يخفون أنهم جزء من أفكار مدمرة لا تريد لنا أن نستمر على قيد الحياة، فليس غريبًا أن يأتى الهلباوى بما قاله بشأن المصالحة مع تنظيم الإخوان الإرهابى بعدما مهد كاتب وإعلامى من المفترض أنه كبير، مهد له الطريق لطرح أفكاره الشاذة والخارجة عن أى سياق مجتمعى.
 
ولا أستبعد أن يخرج علينا خلال أيام شخص آخر من نوعية الهلباوى وذلك الإعلامى، أو الأكاديمى سعد الدين إبراهيم الذى لا ينطق إلا بما يملى عليه من أجهزة مخابرات غربية، لا أستبعد ظهور دعوات شبيهة لما طرحه هؤلاء، لأننا نعيش فى زمن الدعوة الصريحة للمصالحة مع الإرهابيين.
 
إنه موسم حقًا يا سادة، يحقق للمروجين له الكثير من الأهداف، وإذا نظرنا إلى ملابسات كل دعوة من تلك سنجد أنها تتسق مع صاحبها، فالهلباوى اختار أن يعلن مبادرته الفاسدة ويروج لها وهو يقيم فى لندن، التى سافر لها منذ ثمانية أشهر تقريبًا، ضاربًا عرض الحائط بعضوية المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى لم يدخله ولم يحضر اجتماعاته منذ ثمانية أشهر، كل ذلك دون أدنى عقاب، اختار لندن، وأيضًا إحدى قنوات الإخوان ليعلنها على الملأ أنها مبادرة إخوانية مكتملة، وأنه ما كان ليقولها إلا بعد التشاور مع قيادات الجماعة الإرهابية المقيمين فى لندن، مثلما فعل الإعلامى أو سعد الدين إبراهيم، فهم تحدثوا ولا زالوا يتحدثون باسم الإخوان.
 
وكما يقولون مكة أدرى بشعابها، فالإخوان أدرى ببعضهم البعض، وهنا أعود لما قاله أحد قيادات الإخوان المسجونين، والذى كان له تعليق مهم على ما قاله الهلباوى، وهو عمرو عبد الحافظ، الذى يعرف إعلاميًا بأنه القيادى المنشق عن جماعة الإخوان مؤخرًا، والمسجون حاليًا فى سجن الفيوم العمومى، فهذا الرجل أصدر بيانًا قال فيه «لو كنت صانع القرار فسوف أرفض أى نوع من المصالحة أو التسوية مع جماعة الإخوان، لأن جماعة بهذه الأفكار وجودها غير دستورى من الأساس، والجماعة عصيّة على الدسترة والتقنين.. الإخوان ليست مؤسسة عادية من مؤسسات المجتمع المدنى، وتعمل على وراثة هذه الدولة سلما أو عنفا، كما أنها ليست مؤسسة دعوية عادية ولكنها تخلط بين نفسها والدين، وترى الناس ضالين ما لم يتبعوها، وأعضاؤها ليسوا أعضاء عاديين فى مؤسسة عادية لها قيادة عادية، ولكن أعضاؤها مرتبطون مع قادتهم ببيعة تجعل الولاء فيها موازيا لولاء المواطن لدولته أو أولى منه».
أنا هنا لا أستشهد بعمرو عبد الحافظ لأننى مؤمن بما يقوله، أو ليقينى أنه بالفعل انشق تمامًا عن الإخوان، لأنى كما قلت سابقًا، من ارتبط بجماعة حقبة من الزمن من المستحيل أن يتركها بهذه السهولة، لكن ما قاله عمرو بمثابة رد داخلى على الهلباوى، وتشريح لفكر الجماعة الشاذ والفاسد، الذى يحاول الهلباوى وغيره تجميله الآن، وهو ما يؤكد لنا جميعًا أننا أمام تحركات ليست بريئة، وهدفها أن نقبل الجلوس مع من قتلوا أبناءنا، بل ونمنحهم السلام ليعودوا ويقتلوننا، لكن هذه المرة فى الوجه وليس فى الظهر.
 
كلمة أخيرة للهلباوى وغيره أننا أبدًا لن نقبل أى مصالحة مع إرهابى. 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة