أكرم القصاص - علا الشافعي

إبراهيم قاسم

الهيئة الوطنية للانتخابات.. وسلاح الأمن الاستقلالى

الأحد، 08 أبريل 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان للمشرع الدستورى الذى وضع دستور مصر 2014، فكر رائع وفلسفة عظيمة، عندما أفرد 3 مواد دستورية فى باب نظام الحكم، لإنشاء الهيئة الوطنية للانتخابات لتتولى كافة شؤون الانتخابات فى مصر، بالإدارة والإشراف على جميع الاستفتاءات والانتخابات التى تجرى بين أبناء الوطن بحكم العقد الاجتماعى الذى يربطهم، والتأكيد على أنها هيئة مستقلة بذاتها.
 
كل المهتمين بالنظم الانتخابية والعارفين بدروب السياسة فى مصر يعلمون تماما أن أى انتخابات أو استفتاءات لابد أن تدار بمعزل تماما عن أى سلطة من سلطات الدولة، مهما كانت هذه السلطة، حتى لا تكون هناك أى شبهات بتزوير إرادة الشعب المصرى، بكافة صوره وأشكاله، وهو ما دفع المشرع إلى ضرورة إسناد إدارة الانتخابات إلى هيئة مستقلة بعيدا عن السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبتفعيل النصوص الدستورية بشأن الهيئة الوطنية للانتخابات، لإدارة أول انتخابات تجرى فى مصر، نجحت «الهيئة» بنسبة %99 فى أن تأتى بثمار فكرة المشرع والقصد من إسناد الإدارة إليها، وتسليحها بالأمن الاستقلالى، حيث تمكنت من إتمام العملية الانتخابية بنجاح ودون تزوير، أما الـ%1 الذى نقص منها فكان بسبب عدم نزول أكثر من %50 من المواطنين المقيدين فى قاعدة بيانات الناخبين، وإن كان ذلك ليس لها دخل فيه، لكن من وجهة نظرى أن اختصاصها بتشجيع المواطنين على المشاركة هو أهم اختصاص كان يجب أن تصر على تنفيذه.
 
كنت متابعا لجميع قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات وملما بأخبارها عن قرب، بصفتى صحفيا متخصصا فى شؤون الانتخابات، ومسؤولا عن الانتخابات الرئاسية للجريدة، وقد تابعت 57 قرارا أصدرتها الهيئة بالنسبة لإداراتها الانتخابات الرئاسية لعام 2018، منذ بدء عملها وحتى إعلان النتيجة، فكانت هذه القرارات بمثابة التروس التى تم وضعها فى ماكينة الانتخابات، لتبدأ عملية التشغيل الفعلى لهذه الماكينة، مع سقوط أول بطاقة اقتراع بصندوق انتخابات للمصريين فى الخارج وحتى آخر يوم فرز بالنسبة للمصريين فى الداخل، وصولا لإعلان وإخطار المرشح الفائز برئاسة الجمهورية، وهو ما تم فعليا.
فكرة الاستقلال فى الرأى والقرار جاء بحيادية الهيئة، وعدم تدخلها فى نتيجة الانتخابات، وهناك أدلة واضحة على ذلك، من بينها مشاهد الناخبين فى الخارج وهم محتشدون أمام اللجان، كان يؤكد أن هناك ملايين صوتوا فى الخارج، لكن أعلنت الهيئة أن هناك 157 ألف ناخب صوتوا فقط، فماذا لو أعلنت الهيئة أن هناك 500 ألف صوتوا فى الخارج، هل كنت لا تصدق هذا؟
دليل آخر على عدم تدخلها فى أرقام الداخل، بالنظر إلى كافة نتائج الفرز فى كل محافظة من محافظات مصر والتى تم إعلانها على وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدنى، وما اعلنته غرف العمليات فى جميع الجهات غير المتصلة، ومنها غرفة عمليات «اليوم السابع»، لم تكن هناك أى أرقام مبالغ فيها فكانت جميعها متشابهة، ومع إعلان النتيجة النهائية اتضح أن جميع المؤشرات الأولية قريبة من بعضها، وهو ما يؤكد الاستقلالية وعدم التدخل فى النتائج.
 
وعن الهيكل التنظيمى للهيئة الوطنية للانتخابات، فما تحتويه فى داخلها من هيكل وصفته المواد الدستورية بكل دقة وحرفية المشرع المصرى فى الدستور، لكن ما كان سيكتب له النجاح، دون وضع كل ضلع من أضلاعها، فى مكانه الصحيح، حتى تظهر قطاعاتها كالبنيان المرصوص، وأعتقد أن الهيئات القضائية وفقت فى اختيار المستشار لاشين إبراهيم رئيسا لها، والمستشار محمود حلمى الشريف نائبا له، بجانب المستشارين الأجلاء من أعضاء محكمة الاستئناف ومجلس الدولة وهيئتى النيابة الإدارية وقضايا الدولة، ثم وفق مجلس إدارة الهيئة نفسه فى اختيار جهازه التنفيذى.
 
ونجحت الهيئة الوطنية للانتخابات باختيار واجهتها فى المؤتمرات الصحفية أمام وسائل الإعلام المحلية والدولية، للرد على الاستفسارات وأسئلة الصحفيين، فكان القاضى محمود حلمى الشريف، ليس قاضيا نمطيا فى إدارة المؤتمرات، فقد أثرت نشأته فى مركز أخميم بسوهاج وسط عائلة قضائية برلمانية سياسية، فضلا عن حياته العملية على مدى 31 عاما وتوليه متحدثا باسم نادى القضاة وسكرتيرا عاما له، فى أن يظهر بشكل القاضى الصعيدى السياسى.
 
ما أريد أن أشير إليه.. أن الهيئة الوطنية للانتخابات، وهى مازالت حديثة المهد والمنشأ، إلا أنها تمكنت من إدارة أول انتخابات بنجاح، ومع استمرارها، فى إدارة الانتخابات التشريعية والمحلية القادمة، وما نص عليه قانونها، بتجديد أعضائها كل 6 سنوات لتلافى عيوب البقاء فى المنصب لفترات طويلة، أؤكد أن جميع الاستحقاقات الانتخابية فى مصر خلال الفترة المقبلة ستكون دون أى تدخل من سلطات الدولة، كما كان يحدث أحيانا فى السابق.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة