قرأت لك.. "صبرى موسى.. السيد فى حقل الأدب".. رحلة باذخة من الإبداع

السبت، 07 أبريل 2018 07:00 ص
قرأت لك.. "صبرى موسى.. السيد فى حقل الأدب".. رحلة باذخة من الإبداع صبرى موسى السيد فى حقل الأدب
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مسيرة حافلة واستثنائية، تلك التى سارها كاتبنا الكبير الراحل صبرى موسى، يحدثنا عنها كتاب "صبرى موسى.. السيد فى حقل الأدب"، الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، والذى يضم عددًا من الدراسات الأدبية والنقدية، شارك بها الكتاب فى فعاليات المؤتمر الأدبى الـ28، الذى تنظمه الهيئة، وقام بإعداده وتقديمه الناقد عمر شهر.

 

ويتضمن كتاب "صبرى موسى.. السيد فى حقل الأدب" دراسات نقدية لكل من: إبراهيم عبد المجيد، أحمد أبو خنيجر، أحمد الصغير، حسين حمودة، دعاء الحناوى، سيد الوكيل، شعبان يوسف، مدحت صفوت، هويدا صالح.

 

بدأ صبرى موسى مسيرته الحافلة منذ صدور مجموعته الأولى "القميص" فى العام 1958، وحتى مجموعة "السيدة التى.. والرجل الذى لم" فى العام 1999. وأسفرت هذه الرحلة الطويلة التى زادت عن نصف قرن عن 4 مجموعات قصصية، هى: "لا أحد يعلم" 1962، وحكايات صبرى موسى" 1963، و"وجها لظهر" 1966، ومشروع قتل جارة" 1975، إضافة لثلاث روايات هى: "فساد الأمكنة" و"حادث النصف متر" و"السيد من حقل السبانخ"، فضلا عن ثلاثة كتب تنتمى إلى أدب الرحلات هى: "فى الصحراء" 1964، و"فى البحيرات" 1965، و"الغداء مع آلهة الصيد" 1986، هذا بالإضافة إلى عطائه الصحفى الباذخ، كما ترك علامات سينمائية مهمة بوصفه واحدا من كتاب السيناريو الكبار.

 

صبرى موسى السيد فى حقل الأدب
 

أكثر من نصف قرن، إذن، عاشها صبرى موسى – كما يحدثنا عمر شهريار فى مقدمة الكتاب - مع الكتابة بفنونها المختلفة، جعلت منه واحدا من سادة السرد العربى فى القرن العشرين، وذلك رغم سنوات مرضه الطويلة، والتى أبعدته سنوات عديدة عن مواصلة مشواره الإبداعى الكبير، فقد ظل فى السنوات الأخيرة من حياته يعانى –لسوء الحظ- من المرض الذى منعه من الكتابة والنشر، وظل مقيما فى منزله لا يغادره، وعاش ما يشبه الغياب عن الأوساط الأدبية حتى رحل عن عالمنا مؤخرا، لكنه رغم سنوات الابتعاد هذه، ظل رغم احتجابه حاضرا فى قلب المشهد، بوصفها واحدا من الأدباء العرب الكبار، الذين أضافوا الكثير للمدونة الروائية والقصصية العربية، ووضعوا بصمة إبداعية لا تنمحى.

 

يقول عمر شهريار: لا أحد ينسى روايته الأشهر "فساد الأمكنة" التى تعد من علامات الأدب العربى الحديث، رغم إنها –كعادة الأعمال الاستثنائية- ربما تكون قد ظلمت بقية أعماله الأدبية المميزة بشكل مدهش، فالحقيقة أن روايتيه الأخرتين "حادث النصف متر" و"السيد من حقل السبانخ"، ومجموعاته القصصية الأخرى لا تقل إبداعا عنها. فكلما ذكر اسم صبرى موسى ذكرت "فساد الأمكنة"، وكأنه لم يكتب غيرها، لكن هذه الآفة طالت كتابا آخرين غيره، مثل يحيى حقى "قنديل أم هاشم"، ويوسف إدريس "الحرام"، والطيب صالح "موسم الهجرة للشمال" فالقائمة طويلة، ولم يكن صبرى موسى وحده الذى أصابته آثار هذه الآفة، إذ يبدو أن هذا الاختزال عادة قرائية لدى القراء والنقاد العرب، الذين يركنون إلى الدعة والراحة، فيختزلون كل كاتب كبير فى عمل واحد ليريحوا أنفسهم.

 

فى هذا الكتاب، على محدوديته وصغر حجمه، يقول عمر شهريار: حاولنا أن نقدم رؤية بانورامية عن أعمال كاتبنا الكبير صبرى موسى، وأن يشمل أكبر قدر ممكن من أعماله، سواء رواياته الثلاثة، أو أكبر عدد ممكن من مجموعاته القصصية، وللأسف لم نقترب من أعماله فى أدب الرحلات، لكن حسبنا أن نشير إلى أهمية هذا الشكل الأدبى بشكل عام، وخصوصية كتابة صبرى موسى لأدب الرحلات بشكل خاص، واستحقاق هذه الأعمال لإضاءات نقدية دقيقة وموسعة، لعلها تجد مستقبلا من يتصدى لقراءتها ونقدها بشكل عميق.

 

سعى كتاب "صبرى موسى.. السيد فى حقل الأدب" إلى محاولة جمع أكبر عدد من النقاد والمبدعين، لتقديم رؤية شبه كلية عن موسى ورحلته الإبداعية الباذخة، لذا فإنه يضم مقالات وبحوثا لنقاد ومبدعين، بعضها يتحدث عن صبرى موسى الإنسان، أو عن رحلته الإبداعية، ومعظمها يركز –نقديا- على عمل أو عدة أعمال من نصوصه الإبداعية، وقد حرصنا على أن يجمع أجيالا متعددة، بين كبار النقاد والمبدعين، وجيل الوسط، ثم ونقاد شباب بعضهم مازال فى بداية طريقه، ويكتبون للمرة الأولى عن أعمال كاتبنا الراحل، وأتمنى ألا تكون الأخيرة، وقد تنوعت المنطلقات المنهجية والقرائية حد أنها لا يجمعها رابط، سوى ثراء كتابات صبرى موسى التى يمكن قراءتها من أكثر من زاوية، وعبر منهجيات متباينة، وفى كل مرة تثبت جدتها وجديتها، وتعطى القارئ إمكانات قرائية متجددة.

 

لقد كان صبرى موسى "فتاح سكك"، يكتشف أراضى وطرقا إبداعية غير ممهدة، كان مولعا بتجريب طرائق جديدة فى الكتابة، لن تجد له عملا يشبه الآخر، فكل نص لديه عالم قائم بذاته، فقد كان من أوائل من كتبوا عن رواية المكان، وتحديدا رواية الصحراء فى "فساد الأمكنة"، أما "السيد فى حقل السبانخ" فقد كانت فتحا كتابيا كبيرا، حيث الكتابة عن المستقبل ومحاولة تخيل معالمه، كما كانت "حادث النصف متر" عملا فاتنا بكل المقاييس، رغم ما تبدو عليه من بساطة، أو ربما بسبب هذه البساطة ذاتها، التى تنطوى على أعماق مدهشة.

 

وعلى درب أديبنا الكبير الراحل، نحاول –بهذا الكتاب- أن نفتح "سكة" لاكتشاف عالمه الإبداعى المتعدد والثرى حد الدهشة، لعل هناك من يأتى لاحقا فيضيف اكتشافات أكبر، وقراءات جديدة، ورؤى مغايرة، فالأعمال الكبرى قابلة دائما لتعدد القراءات وتنوعها، ونزعم أن عالم صبرى موسى الإبداعى مازال بحاجة ملحة لاكتشاف معالمه التى لم نتبينها بعد، وهذا لن يتأتى إلا ببذل جهود نقدية وأكاديمية جادة وكبيرة، نرجو ألا ننتظرها طويلا.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة