رفض دعوى عدم دستورية المادتين "402" "403" من قانون الإجراءات الجنائية

السبت، 07 أبريل 2018 03:30 م
رفض دعوى عدم دستورية المادتين "402" "403" من قانون الإجراءات الجنائية المحكمة الدستورية العليا - أرشيفية
كتب إبراهيم قاسم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قضت المحكمة الدستورية العليا،برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رفض الدعوى التى أقيمت طعنًا بعدم دستورية نصى المادتين (402، 403) من قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمناه من قصر حق استئناف الحكم الجنائى على المتهم والنيابة العامة فقط، دون المدعى بالحق المدنى.

 

والتى تنص أولاهما على أن : "لكل من المتهم والنيابة العامة أن يستأنف الأحكام الصادرة فى الدعوى الجنائية من المحكمة الجزئية فى مواد الجنح، ومع ذلك إذا كان الحكم صادراً فى إحدى الجنح المعاقب عليها بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه فضلاً عن الرد والمصاريف فلا يجوز استئنافه إلا لمخالفة القانون أو لخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله أو لوقوع بطلان فى الحكم أو فى الإجراءات أثر فى الحكم.

أما الأحكام الصادرة منها فى مواد المخالفات فيجوز استئنافها:

(1) من المتهم إذا حكم عليه بغير الغرامة والمصاريف.

(2) من النيابة العامة إذا طلبت الحكم بغير الغرامة والمصاريف وحكم ببراءة المتهم أو لم يحكم بما طلبته.

وفيما عدا هاتين الحالتين لا يجوز رفع الاستئناف من المتهم أو من النيابة العامة إلا لمخالفة القانون أو لخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله أو لوقوع بطلان فى الحكـــــم أو فى الإجراءات أثر فى الحكم."

وتنص ثانيتهما على أن: "يجوز استئناف الأحكام الصادرة فى الدعوى المدنية من المحكمة الجزئية فى المخالفات والجنح من المدعى بالحقوق المدنية ومـــــن المسئول عنهـــــا أو المتهم فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذى يحكم فيه القاضى الجزئى نهائياً".

وأقامت المحكمة قضاءها تأسيسًا على أن الدستور فى مقام تنظيم الخصومة الجنائية وحرصًا منه على إيلاء أمر الدعوى الجنائية إلى جهة محايدة تتمتع بالحيدة والنزاهة تقوم عليها وتنوب عن المجتمع بأثره فى ذلك، فقد عهد بموجب نص المادة (189) منه إلى النيابة العامة - وهى شعبة أصيلة من شعب جهة القضاء العادى تتمتع بالاستقلال والحيدة- بتولى التحقيق فى الدعوى الجنائية، وتقوم بتحريكها، ومباشرتها أمام المحاكم الجنائية المختصة، باعتبارها صاحبة الولاية العامة فى مباشرة ذلك، نيابة عن المجتمع، مراعيًا فـــــــى ذلــــك أن الضــــــرر الواقـــــــع مـــن الجريمـــــة لا يخص المضرور المباشر منها فحسب؛ وإنما يقع أثره على المجتمع بأثره، فيقوض الشعور العام بالعدالة ويوهن من الثقة العامة فى نجاعة النظام الجنائى فيه، فشاء بذلك ألا يكون لسطوة الجانى مهابة تحول دون بلوغ العدالة الجنائية غايتها الاجتماعية، وتقعد المجنى عليه عن مباشرة دعواه الجنائية مخافة إيقاع الجانى به ضررا أبلغ إذا ما مضى فى طلب توقيع الجزاء عليه.

ومن جهة أخرى فإن توسيد الأمـــــــر إلى النيابة العامة، على مــــا تتمتع به مــــــن حيـــــدة واستقلال، يتيح لها وزن وتقدير الدليل لصالح القانون طلبًا للعدالة وتحريًا للصالح العام، وتحديد مسار الدعوى الجنائية أمام جهة القضاء - تحريكا ومباشرة- مما من شأنه أن يحول دون تعريض المتهم لصنوف المكايدة فى مجال الخصومة الجنائية من خصوم وجدوا فى سبل الطعن المقررة فى القانون وسائل لإرضاء ضغائنهم، وتهديدا لخصومهم بإطالة أمد التقاضى فى الدعوى الجنائية ضدهم من غير مبرر، وتعريضهم للابتزاز والمساومات غير المنصفة، فكان فى إيلاء الأمر إلى النيابة العامة ما من شأنه تجنب هذه المضرة بشقيها، وضبط مسار الدعوى الجنائية تحت إشراف مؤسسة محايدة ومنصفة ترد بأس المعتدى الظالم ولا تخش تهديده حتى توقع العقوبة عليه، وتأخذ الحق العام منه، وتحول دون تغول الأخصام على المتهم البرئ نكاية؛ حتى تدفع الضر عنه ـ وإنه وإن كان الدستور قد أسند إلى النيابة العامة الاختصاص بالتحقيق وتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية، فإنه لم يفته أن يتيح للمشرع الاستثناء من هذا الأصل العام تقديرا منه لموجبات الصالح العام إذا ما قدر استثناءً مبررًا إيلاء بعض اختصاصات النيابة العامة إلى جهة أخرى، وهو استثناء تحكمه طبيعته، فلا يتقرر إلا لمن خوله الدستور سلطة القضاء، ولضرورة تقدر بقدرها، وبمراعاة الضوابط الدستورية، سواء فى تعيين من يولى هذه الاختصاصات، أو القواعد والضمانات الحاكمة لممارستها، وذلك كله دون الإخلال بحق المضرور من الجريمة فى تحريك الدعوى الجنائية الناشئة عن الفعل المخالف للقانون بالطريق المباشر المقرر له بمقتضى نصى المادتين (99 و100) من الدستور، وفى غير الأحوال التى استثناها نص المادة (67) منه، وهو التنظيم الذى استهدف به المشرع الدستورى تحقيق التوازن بين حق النيابة العامة فى تحريك الدعوى الجنائية باعتبارها نائبًا قانونيًّا عن المجتمع، جبرًا للضرر العام الذى ينشـأ عن الجريمة، وبين الحق الخاص للمدعى بالحقوق المدنية المضرور من الجريمة فى تحريك تلك الدعوى، فى حالة امتناع النيابة العامة عن مباشرة الدعوى الجنائية دون مقتضٍ، وتحقيقًا للمصلحة العامة، إلا أن تخويل المدعى بالحقوق المدنية هذا الحق فى بعض الجرائم يقف - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عند مجرد تحريك الدعوى الجنائية، طلبًا لحقوق مدنية بطبيعتها، أما مباشرة هذه الدعوى فمنوط بالنيابة العامة وحدها باعتبارها السلطة الأصيلة التى أولاها الدستور هذا الاختصاص طبقًا لنص المادة (189) منه، ويقتصر دور المدعى بالحقوق المدنية على دعواه المدنية، والتى يدخل فيها بصفته مضرورًا من الجريمة التى وقعت، طالبًا بتعويضه مدنيًّا عن الضرر الذى لحق به، فدعواه مدنية بحتة لا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا تبعيتها لها.

 

ومتى كان المشرع فى مقام تنظيم الخصومة القضائية فى الدعوى الجنائية قد أجاز استثناءً فى الجنح للمضرور من الجريمة – تقديرًا منه لضآلة العقوبة الجنائية المقررة لها - أن يقيم نفسه مدعيًّا بالحقوق المدنية، وأن يحرك الدعوى الجنائية بتكليف المتهم مباشرة بالحضور أمام محكمة الجنح المختصة طبقًا لنصى المادتين (232 و251) من قانون الإجراءات الجنائية، وخوله الطعن على الحكم الصادر فى الشق المدنى متى لم يصادف الحكم قبوله عملاً بنص المادة (403) من قانون الإجراءات الجنائية، إلا أنه لم يجز له الطعن على الحكم الجنائى الذى يصدر على المتهم من المحكمة الجزئية فى مواد الجنح، ليقتصر حقه فى الطعن على الشق المدنى وحده، وتستأثر النيابة العامة وحدها بسلطة مباشرة الدعوى الجنائية فى مرحلة الطعن على الحكم الصادر فيها، بحسبانها صاحبة الدعوى الجنائية، فإن حرمان المشرع للمضرور من الجريمة من مكنة الطعن على الشق الجنائى فى الحكم الصادر من المحكمة الجزئية فى مـــواد الجنح، يكون قــــــد جـــــاء متسقًا مع ما رسمه الدستور لمعالم تحديد اختصاص النيابة العامة فى تحريك ومباشرة الدعوى الجنائية، إذ وسد للأصيل إلى جانب المتهم حق الطعن على الحكم الجنائى الصادر فى الدعوى الجنائية حال انتفاء موجب الاستثناء من ذلك الحكم، ولم يحل بين المضرور من الجريمة وبين مباشرة حقه فيها بسطًا لأدلته عليها إيرادًا وردًا وتعقيبًا، ولم يسلبه حقه فى الطعن على ما عسى أن يصدر فيها من المحكمة الجزئية فى مواد الجنح من حكم فى الدعوى المدنية متى كان ينال من حقه فيها، فإن النص المطعون فيه إذ قصر الحق فى الطعن على الشق الجنائى فى هذه الدعوى الجنائية على النيابة العامة والمتهم، دون المدعى بالحقوق المدنية فى الدعوى المدنية، يكون قد أعمل سلطته التقديرية ملتزما الحدود والمعالم التى حددها الدستور لسلطة الطعن فى الحكم الصادر فى الدعوى الجنائية.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة