فى الوقت الذى أصبحت فيه شركات التكنولوجيا قوة عظمى معتمدة على ملايين المستخدمين حول العالم، لم تتمكن هذه الشركات من الصمود أمام الدول الكبرى وقوانينها، وذلك بعدما تمكنت عدد من الدول الكبرى من فرض رغباتها على عمالقة التكنولوجيا، وفيما يلى نرصد أبرز دول تمكنت من إرضاخ شركات التكنولوجيا لرغباتها كما يلى:
- بريطانيا.. لا تهاون فى خصوصية المستخدمين
تعد بريطانيا من الدول التى استطاعت فرض سيطرتها على شركات التكنولوجيا المختلفة، والتى كان آخرها موافقة تطبيق واتس آب بشكل رسمى على عدم مشاركة بيانات المستخدمين البريطانيين مع الشركة الأم "فيس بوك"، وهذا قبل بدء العمل بأنظمة حماية البيانات الجديدة فى مايو المقبل، ووقعت خدمة الرسائل على تعهد مع مراقب حماية البيانات فى مكتب مفوض المعلومات (ICO)، حيث تلتزم علانية بعدم مشاركة البيانات الشخصية للمستخدمين مع شركة Facebook، حيث جاءت هذه الخطوة على أعقاب قيام السلطات البريطانية بفتح تحقيق حول ما إذا كان واتس آب يمكنه مشاركة البيانات بشكل قانونى مع فيس بوك، وبعدها ظهرت مخاوف من أن يتم استخدام هذه البيانات بطرق غير واضح.
فرنسا تحكم قبضتها على شركات التكنولوجيا
أما فى فرنسا، فقد رفعت منظمة فرنسية معنية بحقوق المستهلك تحمل اسم HOP، دعوى ضد أبل فى فرنسا تتهمها بانتهاك قانون حماية المستهلك الفرنسى، وأشارت التقارير إلى أنه من الممكن أن يتم فرض غرامة على شركة أبل إذا ثبت إدانتها بانتهاك هذا القانون، وإرغامهما على دفع 5٪ من إيراداتهما السنوية، وهذا يعنى أن شركة أبل قد تكون معرضة لدفع غرامة قدرها 11.5 مليار دولار، حيث يمنع القانون الفرنسى الشركات من تقصير حياة منتجاتها من أجل زيادة الطلب على النماذج الأحدث، فالتحديثات التى أطلقتها أبل فى العام الماضى لهواتف أيفون 6 و6s بلس وأيفون SE و7 شملت تؤثر على سرعة وحدة المعالجة المركزية من أجل عدم إضافة عبء على البطاريات القديمة.
الأمر لم يقتصر فقط على أبل، حيث أصدرت وكالة الرقابة على الخصوصية الفرنسية إشعارا رسميا إلى تطبيق واتس آب، تطالب فيه بوقف تبادل بيانات المستخدمين الفرنسيين مع الشركة الأم "فيس بوك"، وهذا فى غضون شهر واحد فقط، وكان رئيس اللجنة الوطنية لحماية البيانات قد طلب من واتس آب فى وقت سابق تقديم عينة من بيانات المستخدمين الفرنسيين التى يتم نقلها إلى فيس بوك من أجل إجراء التقييم اللازم لهذه العملية.
كذلك قام وزير الاقتصاد الفرنسى برونو لو مير فى ديسمبر الماضى بتقديم شكوى ضد شركة أمازون، بسبب استغلالها للتجار، وقالت الوزارة فى بيان لها أنها تسعى لتغريم الشركة 10 ملايين يورو، وهو الأمر الذى يعد بمثابة إجراء قوى وغير مسبوق، متهمة إياها بأنها تفرض علاقة غير متوازنة على بائعيها، مما قد يدفعهم إلى الإفلاس، فالباعة يتحملون مسئولية الكثير من المشاكل التى لا علاقة لهم بها مثل الشحنات التالفة، ومشاكل التسليم وعدم الالتزام بالمواعيد المحددة، كما يمكن طردهم من الموقع إذا لم يمتثلوا للشكاوى.
وفى نفس السياق ذكرت مجلة "L'Express" الفرنسية أن مصلحة الضرائب فى فرنسا تسعى إلى الحصول على 600 مليون يورو "715 مليون دولار" من شركة مايكروسوفت بسبب إقرار الفواتير الخاصة بالعملاء الفرنسيين من ايرلندا، وهو الأمر الذى أثار بعض الشكوك حول تهرب الشركة الأمريكية من دفع الضرائب المستحقة من خلال التحايل على الجهات المختصة.
ألمانيا.. لا لخطابات الكراهية
فيما أصدرت الحكومة الألمانية غرامة تصل إلى 58 مليون دولار على الشبكات الاجتماعية، بما فى ذلك فيس بوك وتويتر، وهذا حال فشلهم فى إزالة المنشورات التى تحتوى على خطاب الكراهية فى غضون 24 ساعة، أو سبعة أيام فى حالة القضايا المعقدة، ويأتى ذلك بعد دخول قانون يعرف باسم Network Enforcement Act حيز النفاذ فى أكتوبر الماضى، ولكنه أعطى للشركات فترة سماح حتى نهاية العام الماضى ، قبل أن يتم فرض الغرامة، وهذا وفقا لموقع engadget الأمريكى.
وفى نفس السياق أضطرت شبكة فيس بوك توظيف 500 شخص جديد فى ألمانيا لمراجعة المحتوى الذى يتم نشره على موقع التواصل الاجتماعى، وهذا بعد أن دخل القانون الجديد الخاص باستهداف خطاب الكراهية على الإنترنت حيز النفاذ، فيما قالت الشركة أن الموظفين سيعملون فى مكتب جديد داخل مدينة "ايسن الغربية".
على جانب آخر، قررت شركة مايكروسوفت وقف التحديثات الإجبارية الخاصة بنظام ويندوز التابع لها فى ألمانيا، وهذا بعد 18 شهرا من المطالبات، واستجابت مايكروسوفت لشكوى قدمها مركز حقوق المستهلك فى بادن فورتنبرج فى ميونيخ "فيربروشرشوتز"، وتعهدت بعدم تحميل ملفات تحديثات ويندوز بالقوة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالزبائن قبل الحصول على موافقتهم.
الصين.. لا صوت يعلو فوق صوت الحكومة
أما الصين فتعد إحدى أكبر الدول التى تفرض سيطرتها على الإنترنت بشكل عام، حيث تمتلك الصين شبكة إنترنت داخلية، إضافة إلى الخدمات الخاصة الداخلية المشابهة للخدمات العالمية، مثل محرك البحث وشبكة فيس بوك وتويتر، وقد بدأت الصين مؤخرًا السماح لبعض هذه الخدمات بالتواجد على أراضيها لكن وفقًا لرقابتها الشديدة.
وأجبرت الحكومة الصينية كلا من "جوجل" و"فيس بوك" على قبول الرقابة الصينية والقوانين الصارمة عبر الإنترنت، حال رغبتهما فى الوصول إلى مستخدمى الإنترنت فى البلاد والبالغ عددهم 751 مليون مستخدم، خاصة أن كلا من "فيس بوك" و"جوجل" محظوران فى الصين، إلى جانب "تويتر" وغالبية شبكات التواصل الاجتماعى الغربية الكبرى، وقال تشى شياو شيا مدير عام مكتب التعاون الدولى فى إدارة الفضاء السيبرانى فى الصين: "هذا سؤال ربما يتبادر لأذهان الكثير من الناس، لماذا كل من جوجل وفيس بوك لا تعملان فى الوقت الحالى فى الصين"