بعد 36 عامًا من العمل الحكومى فى محافظة الغربية وصل خلالها إلى درجة وكيل وزارة خرج "ماهر.ر" على المعاش بينما لا تزال مسئولياته فى أوجها "عندى ابنين فى كلية محتاجين مصاريف، غير طبعًا الإيجار والكهرباء والماء وتكاليف المعيشة" فقرر أن يبدأ عملًا آخر ويبرر: "معاشى 1600 جنيه، مستحيل يفتحوا بيت، ووزارة التضامن تتجاهلنا، حتى العمل الخاص مستحيل يوفر مرتب يكفى يفتح بيت بعد المعاش فبنحط دا على دا".
رغم تأكيد أنه يحب العمل قال "ماهر.ر": "طالما فيا صحة عايز أشتغل" إلا أنه يشعر بالانزعاج لاضطراره أن يعمل بعد المعاش، متابعًا: "الشغل بعد المعاش مش رفاهية، واللى يقول أن المعاش دا يمشى بيت ياخده ويعيشنى"، مطالبًا وزارة التضامن بإعادة النظر فى المعاشات خاصة فى ظل الارتفاع الكبير فى الأسعار ويقول: "يجب أن يستعينوا بلجان مالية تقيم ما تحتاجه الأسر شهريًا لتعيش".
ووفقًا للمادة 180 من قانون التأمينات، باب صرف الحقوق التأمينية فإنه "يوقف صرف معاش المستحق فى حالة الالتحاق بأى عمل والحصول منه على دخل صافى يساوى قيمة المعاش أو يزيد عليه، فإذا نقص الدخل عن المعاش صرف إليه الفرق من المعاش، وإذا قلت قيمة كلا من المعاش والدخل عن 100 جنيه فيتم الحصول على الفرق من المعاش بما لا يجاوز هذا القدر".
إلا أن الكثير من العاملين بعد سن التقاعد يلجئون للعمل فى مهن حرة كى لا يتوقف صرف المعاش لأن الدخل من المهنة الجديدة لا يغنى عن المعاش، والمعاش وحده لا يكفى كما يقول "جابر.م" الذى تحول من موظف حكومى إلى سائق تاكسى بعد التقاعد، مضيفًا: "اشتريت التاكسى بمكافأة نهاية الخدمة لأن المعاش لوحده ما بيأكلش عيش، عشان عندى 5 أبناء منهم 2 مازالوا يدرسوا والكبير راتبه يكفيه بالكاد أما الفتاتين فتحتاجان لجهاز للزواج".
واستطرد جابر حديثه: "أثناء عملى الحكومى جربت فترة أن أعمل على تاكسى لأننا كنا نمر بضائقة مالية وزوجتى تحتاج لإجراء عملية جراحية، بعد إجراء الجراح وسداد تكاليفها وسداد ما تبعها من ديون توقفت عن العمل لأنى "كنت طول الوقت مقلق ومش مرتاح"، لكن بعد التقاعد لم يعد هناك مفر "لازم اشتغل وإلا مش هنلاقى نعيش.. هنعيش إزاى بـ800 جنيه؟"
ويبلغ سن التقاعد القانونى فى مصر 60 عامًا فيما يبلغ عدد المسنين المشتغلين فى مصر (فوق سن الستين) 1.3 مليون مسن بنسبة 19.9% من إجمالى المسنين البالغ عددهم 6.4 مليون مسن فى 2017 وفقًا لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.
ووفقًا للتقرير فإن 56.9% من المسنين المشتغلين يعملون فى نشاطى الزراعة والصيد و14.7% منهم يعملون فى تجارة الجملة والتجزئة و4.3% يعملون فى نشاط النقل والتخزين.
وعلى الرغم من قلة معاشه إلا أن "يسرى.د" لا يعمل من أجل المال ويقول: "الحمد لله حالى أحسن من غيرى لأنى عايش بطولى والبيت ملك، فاللى يجى بقضى نفسى بيه وخلاص لكن المشكلة فى الوقت والوحدة"، مضيفًا: "أنجبت 3 أولاد جميعهم سافروا خارج مصر، وزوجتى توفيت قبل خروجى على المعاش بشهور، وأنا راجل مش بتاع قعدة القهوة ولو جلست وحدى طوال النهار هتجنن، لذلك أعمل سائق على سيارة نصف نقل، لا أدخل البيت بالأيام وأتعرف من وقت لآخر على أشخاص جدد."
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة