24 مليون ناخب أو أكثر، تكبدوا عناء االذهاب للصندوق – أيًا كانت ظروفهم أو دوافعهم أو نواياهم- فهؤلاء مواطنون أرادوا الحفاظ على حقهم فى المستقبل، رغم سخرية بعض العقول المضطربة من ذهاب مسن للتصويت وهو يعلم أنه قد لا يعيش لنهاية السنوات الأربع القادمة.
عزيزى الناخب .. هذه رسالة شكر منى أنا المواطن الذى لم يذهب فى حياته الانتخابية للصندوق فىيما مضى سوى مرتين إحداهما كانت للتسلية، لكننى سألت نفسى هذه المرة كما سألت أنت نفسك: ماذا لو قال الجميع أن أصواتهم لن تحدث فرقًا؟.. هذه المرة أحدثت فرقًا قد لا ننتبه إليه الآن، ألا وهو أن أى مرشح فى المستقبل أيًا كانت ظروفه او ملابسات ترشيحه، سيحتاج لكل صوت فى الصندوق وسيستمد شرعيته وقوته فى من رقم المصوتين.
عزيزى الناخب.. هل تعلم أن واحدًا من أكبر المكاسب التى رسختها بنزولك للتصويت هذه المرة، هى ان هذا البلد ودع ما كنا نراه من تزوير فى السابق، إلى الأبد، رغم أن أحد المرشحين فى هذه الانتخابات كان يضمن نجاحه بنسبة ساحقة، لكن – وهذه نزاهة تستحق الإشادة- كان هناك إصرار على أن تكون الأصوات نزيهة والتصويت شفاف تحت إشراف قضاة أجلاء.
عزيزى الناخب.. أرجوك لا تشعر بالخجل أمام من يشمتون فيك ويتهمونك بالانضمام لـ"القطيع"، فكنا نسمع أصواتًا محبطة تقول للناس لا تذهبوا لانتخابات نتيجتها محسومة، ولما ذهب الناس، اتهموهم بأنهم نساء و "محشودون"،.. قل لهم إن النساء ملأن الطوابير حين خلت من الرجال.
عزيزى الناخب..لا تخجل حين يزايد عليك المقاطعون. قد يكون من بين هؤلاء من لديه نوايا حسنة لكن الإحباط أقوى منه، لكن هناك آخرين يحتقرون رأيك ويعتبرونك منقادًا لآخرين، بينما يمتلكون هم الحقيقة والحق ويعرفون عن الديمقراطية أكثر مما تعرف، هؤلاء قال فيهم الشاعر: "قال لزوجته اصمتى وقال لابنه انكتم، صوتكما يمنعنى من التفكير.. أريد ان أكتب عن حرية التعبير".
24 مليون ناخب أو أكثر يستحقون الشكر والامتنان.. وأنت عزيزى الناخب ربما تكون نسيت فى غمرة انشغالك بلقمة العيش، أو خوفك من المستقبل أنك الرقم الصحيح الوحيد الذى يمكن الاعتماد عليه فى مستقبل هذا البلد، وأعترف لك أننا الجيل الذى فتح عينيه على تسويد الأرقام وتقفيل الصناديق، لكننى أتفاءل اليوم حينما أرى أطفالًا يفرحون بالحبر الفسفورى على أصابعهم الصغيرة، ويتباهون فيما بينهم بأنه ذهب مع أبيه أو أمه للإنتخاب، أعرف تساؤلاتك عن قيمة الانتخابات لطفل يعتبر كل مشوار مع والديه نوعًا من التسلية؟، نحن يا صديقى لم نجد من يمنحنا هذه التسلية قديمًا فكبرنا على كراهية الانتخابات وتخلينا عن حقوقنا السياسية للسادة فى الحزب يتخذون القرارات الحكيمة فضعنا وضاع الحزب والنظام بأكمله.
24 مليون ناخب أو أكثر لهم الحق أن يفخروا بقدرتهم على تحطيم أصنام الصمت الراسخة.. ورغم هذا الفخر، لايزال بناءنا للمستقبل تنقصه لبنة كبيرة، لأن الفقر والجوع وتردى الصحة والتعليم يمنعون الناس من الحلم أو الحب أوالتفكير فى المستقبل بذهن خالٍ من الشوائب، وهذه المشاكل ستظل تحديًا حقيقيًا أمام هذا البلد ليضمن فيما بعد ضعف هذا الرقم دون إنفاق أموال أو مجهود على ملاحقة الإحباط والشائعات التى تجعل الناس لا يذهبون للصناديق، فهذا أيضًا تزوير من نوعٍ آخر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة