د.أيمن رفعت المحجوب

نداء بتدخل الدولة

الجمعة، 27 أبريل 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان المذهب السائد فى المرحلة السابقة من الرأسمالية، هو أن الدولة ليست بصانعة ولا تاجرة، وبأنها يجب أن تتجنب بكل دقة الخوض فى هذا الميدان، فهى المعروفة باسم "الدولة الحارسة".

 

فقد كان دور الدولة قاصراً على القيام بدور الحكم أو المصلح والضامن فى عمليات المنافسة الحرة الشريفة، وكان عليها أن تفرض تنفيذ الاتفاقيات التى كانت الرابط الوحيد بين المتنافسين المستقلين، إلا أنه حين بلغت عملية التمركز والتكتل فى الإنتاج أوجهها، وأصبح المتنافسون كبار الحجم وقليلى العدد، كان لزاماً على الدول أن تتخلى عن وظيفة الدولة الحارسة، ودور الحكم المحايد، وأن تأخذ هى بنفسها نصيب فى عملية الانتاج. وكان من أهم دوافع التدخل "الركود الكبير" فى أمريكا وأوروبا فى منتصف العشرينات من القرن السابق ، وثبت أن الاقتصاد سيميل بالطراد نحو عدم الاستقرار إذا ما ترك للأليات السوق الحر، وهذا ما أثبته "كينز" الاقتصاد البريطانى الشهير فى كتابه "النظرية العامة".

 

وانطلاقاً من هذا المبدأ الجديد، فقد أخذت الدول فى العالم المتقدم تشعر بأن من واجبها وفى استطاعتها السيطرة على النواحى الأساسية فى اقتصاديات بلادها بغية تحقيق حزمة من الأهداف.

 

أولاً؛ فرض إعادة توزيع الدخل ما بين الطبقات الاجتماعية والمواطنين، بدلا من ترك ذلك النظام خاضعاً لتقلبات السوق وما يترتب عليها من عدم استقرار.

 

ثانياً؛ فى تدخل الدولة توفير مجمل لما يحتاجه الإنتاج الوطنى من أموال وابقاؤه ثابتاً حول رقم معين من معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى، وذلك لتلافى ميل الأسعار الدائمة نحو التموج بين الارتفاع والهبوط، وما يصاحبها من تضخم مالى أو بطالة أو شح فى النقد.

 

والهدف الثالث؛ تدخل الدولة لمراقبة المصادر الإنتاجية، وتنسيق نشاطها، بحيث تؤثر فى تحديد ما تنفقه هذه المصادر للاستهلاك اليومى من جهة، وما تراكمه لإيجاد مصادر تمويل جديدة من جهة أخرى، بمعنى أنها تشرف على معدلات تراكم رأس المال القومى.

 

ففى الدول المتقدمة تحاول الدولة أن تسحب أو تدفع موارد مالية من ميدان فى الإنتاج إلى ميدان آخر، ومن السوق الداخلى الى التصدير الخارجى، ومن الإنتاج السلمى إلى الإنتاج الحربى أو العكس.

 

الأمر الذى جعل كثير من الدول سعياً وراء هذه الأهداف تتدخل فى تحديد السعر وتحدد هوامش الربح وتكون المواد الخام، إلى جانب مراقبة التصدير والاستيراد وذلك للحفاظ على سلامة ميزان المدفوعات مع الدول الأخرى والعجز الخارجى.

 

وأخيراً فإن تدخل الدول فى الأنشطة الاقتصادية جاء بدرجات مختلفة وبأساليب عدة إلا انه لا توجد دولة من دول العالم اليوم لا تدخل فى الاقتصاد كل يوم من خلال السياسات المالية والنقدية والرقابية على الأقل، عسى أن يعود هذا بالنفع على الاقتصاد ككل وبالأخص على الطبقات محدودة الدخل والفقيرة.

 

* أستاذ الاقتصاد السياسى - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة .







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة