قال الدكتور مجدى حسين أستاذ اللغة العربية بجامعة الإسكندرية لـ"اليوم السابع"، عن كتابه الجديد تحت عنوان التفسير التداولى للنص القرآنى، وهو التفسير الذى أثار جدلًا كبيرًا بعد إصداره: المرحلة الحالية تقتضى تفسيرا جديدا للقرآن الكريم، لا يكون نقلا عن نص قديم، لمحاولة التجديد ومحاولة استنطاق النص، الذى من شأنه تغيير بعض المفاهيم والأحكام التى يمكن أن تقدم الإسلام بصورة سمحة، ميسرة فى ظل عالم يعج بالتغيير والتطور ويتجاوز الماضى بكل ما جاء به من أسس وثوابت، كلبس الذهب للرجال وحجاب المرأة وبعض الحدود، إلى غير ذلك من الجوانب التى تتصل بالمدنية.
وأضاف مؤلف الكتاب: النص القرآنى فى حقيقته نص ليبرالى بامتياز، والاسلام أكثر ليبرالية من أوروبا التى كانت وقتها فى الظلمات، لو اكتفينا بفهم وتطبيق ما جاء به الذكر الحكيم منطوقًا ومفهومًا، مشيرًا إلى أن الله أعطى الحرية فى اتباعه قائلًا: "إنا هديناه السبيل إما شاكرًا وإما كافورا"، وقوله للرسول: "ما أنت عليهم بحفيظ" ونحن على علم بهذه الآيات ونرددها دون أن نفهم معناها الصحيح.
وعن التفسير التداولى للنص القرانى، يقول الدكتور مجدى حسين، إنه منهج غربى نقدى بلاغى علمى وبرجماتى، ونحاول التماسه فى العربية لأن اللغة ظاهرة انسانية لا تخص قوما بعينهم، ونحاول تطبيق التداولية ومناقشة النص من خلال عملية التواصل والحوار، فلو قرأت قرآنا كأن الله يحدثك وكذلك فى الحديث النبوى، وكلًا منا يفهمه حسب أسلوبه وقدراته وما لديه من معطيات لغوية، وفى التداولية نبحث عن مراد المتكلم ومقاصده، وهى مسألة صعبة، والتفاسير بالعشرات والمئات لأننا فى التفاسير قديما وحديثًا بدءا من الطبرى نحاول نفهم مراد الله ومقصده وكلها لا يكفى معناه اللغوى والمعجمى والنحوى، بل لابد من قراءة ما بين السطور، ودراسة الخلفية الثقافية والمعرفية للنص مشيرًا إلى صلاحية هذا المنهج فى تفسير القرآن.
وأوضح أستاذ اللغة العربية، أن الكتاب قد يكون المحاولة الأولى لأول تفسير بهذه الطريقة، التى عمرها 40 سنة فقط، ولم يفسر بها أحد قبل ذلك، وأنه استغل الفرصة لمناقشة النص القرانى، لحاجته لسؤال القرآن ومناقشة النص، لأن الأمور كثيرة جدا وخاصة فى حياتنا المعاصرة المعقدة.
وأكد حسين، أن جماعة داعش وأمثالهم، يتناولون القرآن الكريم، بالتمسك بالألفاظ التى فى صراحتها شديدة مثل قوله تعالى "وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر" ويطبقوه، ونسوا أن يكملوا باقى آيات القرآن التى تحث على التسامح، وأن لمثل هذه الآيات مواقف معينة، وزمن حروب وقتال، وأوضاع وظروف تغيرت عن الوقت الحالى.
وأشار حسين إلى أن سيدنا عمر بن الخطاب، أوقف العمل ببعض آيات القرآن الكريم لتغير الزمن والموقف منها قوله تعالى "إنما الصدقات.. والمؤلفة قلوبهم"، فأوقف إعطاء الصدقة للمؤلفة قلوبها وتفسيره أن الوقت تغير حينما كان الرسول يعطى المؤلفة قلوبهم لكسب قلوبهم للإسلام، ولكن عندما دخل الإسلام البلاد بشكل قوى، لم تعد هناك حاجة لذلك، وكذلك فعل فى زواج المتعة الذى كان فى عهد الرسول، لكثرة الحروب وبعد الصحابة عن زوجاتهم لأوقات طويلة، موضحًا أن القرآن صالح لكل زمان ومكان ولكن بمرونة، فاصبح الآن هناك أوطان وحقوق ومدنية.
وأشار الدكتور مجدى حسين، إلى أن رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى، بضرورة تغيير وتجديد التفسير للنص القرآنى مهمة، لأن الأمم الأخرى فى الغرب والشرق، تنظر إلينا نظرة دونية، لأننا تجمدنا فى أماكننا وتمسكنا بالمفاهيم القديمة، ولم نتطور التطور الذى حدث فى عصر عمر فى النص، فنظرة عمر فى تجديد النص توقفت فأصبحنا فى جمود، وبدأ العالم ينظر إلى المسلمين والعرب على أنهم أمم قديمة، أفكارهم بالية لذلك طالب الرئيس بمرونة فى التفكير والفكر الجديد.
ولفت حسين، إلى أن هدف البعض من القائمين على الدين أن تظل الناس خائفة، وذلك الجمود استدعى أن يكون هناك فكر جديد، والله تعالى سمح لنا بالتغيير حينما قام بالنسخ، حتى يؤكد أن القرآن ليس جامد، وأن لكل زمان ما يناسبه.
وأشار حسين، إلى أن الشيخ محمد عبده هوجم عندما أراد التجديد ومثله طه حسين وغيرهم، وهذا التشرنق جعلنا معزولين عن العالم وسبقتنا الأمم، مؤكدًا أنه إذا تم تحليل تاريخنا وإسلامنا بشكل موضوعى وبنوع من الجرأة سنقدم إسلاما معاصرا يستطيع أن يعيش مع العالم والتطور السريع، ولا يجعلنا منعزلين عن العالم الذى أصبح قرية صغيرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة