سعيد الشحات يكتب: ذات يوم .. 26 إبريل 1884.. رسالة إلى "عرابى" تشيد بالصلح بين قادة ثورته بعد احتدام الخلافات والخصام فى المنفى بـ"بسيلان"

الخميس، 26 أبريل 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم .. 26 إبريل 1884.. رسالة إلى "عرابى" تشيد بالصلح بين قادة  ثورته بعد احتدام الخلافات والخصام فى المنفى بـ"بسيلان" احمد عرابى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«كيف يقتل الحصار نقاء القلوب، وكيف تتسلل إليها عفونة الموت فى غفلة عن أصحابها؟».. سؤال طرحه الكاتب الصحفى والمؤرخ صلاح عيسى فى كتابه «الثورة العرابية»، فى سياق حديثه عن دراما حياة قادة الثورة العرابية فى المنفى بجزيرة سيلان، بعد أن دبت الخلافات بينهم وهم: أحمد عرابى، محمود فهمى باشا، عبدالعال حلمى، طلبة عصمت، يعقوب سامى، محمود سامى البارودى، على فهمى.
 
وصل المنفيون السبعة إلى رصيف ميناء كولومبو بسيلان يوم الأربعاء 9 يناير سنة 1883، وفقا لأحمد عرابى فى مذكراته الصادرة عن «دار الكتب والوثائق القومية - القاهرة»، مضيفا أن وكيل حكومة سيلان قدم إليهم وقدم لهم التحية، وأخبرهم أن الحكومة أعدت أربعة بيوت لذوى العائلات، وفيها الخدم، وكل ما يلزم من أسباب الراحة، ويؤكد: «فى صباح يوم 10 يناير خرجنا إلى البر فوجدنا رصيف الميناء مزدحما أيما ازدحام بإخواننا المسلمين من أهل الجزيرة، وأهل الجاوه والهند والملايو، وأعيان طائفتى التمل والشنكليز أهل البلاد من عباد الأوثان على «مذهب البوذا»، وكلهم يشيرون إلينا بالسلام وزيادة الاحترام».
 
يوضح عرابى كيف تم توزيعهم على السكن: «خصص لنا بيت عظيم يسمى «ليك هاوس» ومساحة بستانه 14 فدانا، ومعظم أشجاره من جوز الهند والموز وغيره، ولما وصلنا إلى المنزل المذكور أخذنا معنا، طلبة باشا عصمت وعبدالعال باشا حلمى لإقامتهما معنا حيث إنهما تركا عائلتيهما فى مصر، وتوجه محمود باشا سامى مع محمود باشا فهمى لإقامتهما فى منزل واحد لكون الأول ترك أهله وأولاده بمصر أيضا، وانفرد كل من على باشا فهمى ويعقوب باشا سامى فى بيت لوجود عائلتيهما معهما».
 
هكذا كانت مساكنهم، لكنهم وحسب صلاح عيسى: «أمضوا فيها أسوأ أيام حياتهم، هاهم يعيشون فى حصار دائم، وانقطعت السبل بينهم وبين مصر، ولا ترد إلا أخبار السوء والجو رطب وموحش وكئيب، ولا أحد يدرى متى يعودون مرة أخرى، وتمتلئ القلوب التى عاشت معا أروع نبضات العمر بالأسى، وتتسلل إليها عواصف تزكم الأنوف، ويتزوج عرابى جاريتين كانتا تخدمان ابنه، وتتضاءل الأهداف الكبرى، ويعيش الرجال مأساة الحصار بكل أبعادها، فيتشاجرون كأطفال صغار حول أشياء لا معنى لها، وكأنهم ما وقفوا يوما معا يقاتلون من أجل انتصار الحياة، ومن أجل هزيمة الخبائث والتفاهات». يصل «عيسى» إلى سؤاله: «كيف يقتل الحصار نقاء القلوب، وكيف تتسلل إليها عفونة الموت فى غفلة عن أصحابها؟. يجيب: «ذلك شىء لا يفهمه إلا من كابده من الرجال».
 
تقف الدكتورة لطيفة سالم عند هذا الواقع المأساوى فى كتابها «عرابى ورفاقه فى جنة آدم - دار الشروق - القاهرة»: «مثلت حياة المنفيين فى جنة آدم صورة حملت بين طياتها البؤس والشقاء والضياع، حيث أحيطوا بظروف مادية ونفسية ومرضية صعبة، انعكست على تصرفاتهم وعلاقاتهم، ولم تثمر أية مجهودات للتحسين من أوضاعهم إلا بالنزر اليسير، وتعثرت رغباتهم وحيل دون تحقيقها.. لم يكن الضيق المالى وحده هو الذى أحاط بالمنفيين، فقد أسهم الوقوف أمام رغباتهم الشخصية فى التعاسة التى عششت داخل حياتهم، فعند سفرهم لم يصطحب إلا ثلاثة منهم زوجاتهم، وتركت باقى الزوجات فى مصر، إما لكون بعضهن كانت حالتهن الصحية لا تسمح لهن بالسفر مرافقات لأزواجهن، وإما لأنهن لم يعرفن كيف ستكون الإقامة فى سيلان فرفضن، وإما أنهن فضلن انتظار ما سيتم بخصوص أملاك أزواجهن».
 
وصلت المنازعات بينهم حد «أنهم لم يعودوا يفتخرون بالبطولات التى قاموا بها» بتأكيد «سالم» مضيفة: «صرح محمود سامى وطلبة عصمت ويعقوب سامى بأن ما أقدموا عليه «أثناء الثورة» كان خوفا من عرابى»، لكنها تحتمل أنهم أقدموا على ذلك «للرغبة فى إقصاء ما اتهموا به بعيدا ليتمكنوا من العودة إلى مصر»، وتؤكد «سالم»: «اتسع نطاق المشاحنات، وبديهى أن يتعرض عرابى لنقمة البعض، حيث دبت الغيرة بسبب تلك المكانة التى يتمتع بها فى سيلان وهذه الشعبية التى أغدقت عليه، ووقع الخصام بينهم داخل سيلان وخارجها، وإن جرت فى البداية بعض المحاولات للصلح وأتت أكلها حينا».
 
تشير «سالم» إلى محاولات للصلح كانت تتم لأجل عودة الوئام بين المنفيين، وتذكر أنه فى يوم 26 إبريل «مثل هذا اليوم عام 1884» قام «بلنت» وهو «إنجليزى» صديق عرابى ومؤلف «التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا لمصر» بكتابة خطاب لعرابى، عبر فيه عن سعادته عندما علم أن الأمور عادت إلى مجراها كما كانت بينهم، وأنهم يعيشون أصدقاء أوفياء»، وأضاف: «لقد كثر عدد الذين يعترفون بالخدمات التى قدمتها لمصر، وأملى كبير لعودتك إلى وطنك».. تؤكد سالم: «سرعان ما انتهى ذلك، وجاء زواج عرابى من زوجتين ليخلق بعض الحساسية، وترتب عليه حدوث مقاطعة».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة