ينتظر الجميع فى المدة الثانية لرئاسة الجمهورية، تغيرات كثيرة يراها المواطن وتحس بها الجماهير، ذلك غير الوضع السياسى والاقتصادى الذى واكب المدة الأولى للرئاسة، على اعتبار استثنائية هذه المرحلة، نتيجة للتحديات وللواقع السياسى والاقتصادى والأمنى المتردى الذى أعقب حقبتى 25/ 30، كما أن الجماهير كانت مدركة لخصوصية واستثنائية المرحلة خاصة بعد إسقاط جماعة الإخوان وما صاحب ذلك من عمليات إرهابية كانت ومازالت تستهدف الدولة.
إضافة لتلك القرارات الاقتصادية التى اتخذت بهدف وضع أسس سليمة لإصلاح اقتصادى ولمشكلة اقتصادية تراكمت مشاكلها عبر عشرات السنين، تلك القرارات التى بدأت بتحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر 2016 مصاحبا لها تخفيض الدعم عن المحروقات والكهرباء وغير ذلك من مجالات كانت تقدم للمواطن مدعومة، كل هذا جعل القيمة الشرائية للجنيه المصرى تنخفض إلى أقل من نصف قيمته، الشىء الذى جعل الدخول والمرتبات تمثل أقل من نصف قيمتها فيما قبل اتخاذ هذه القرارات، إضافة إلى تلك الهجمة غير الطبيعية لارتفاع الأسعار، كل الأسعار، بلا ضابط ولا رابط، بل ولا علاقة لهذه الارتفاعات لا بقرارات ولا سعر صرف، بل ولا قدرة للحكومة على ضبط الأسعار والأسواق بالرغم من كم التصريحات والوعود التى لا نرى لها تطبيقا على أرض الواقع، الشىء الذى يخل بالمعادلة ما بين الأجور والأسعار، كما أنه لا أحد ينكر كما أكد ويؤكد دائما الرئيس السيسى موقف الجماهير ومساندة الفقراء ومحدودى الدخل للرئيس وللنظام فى تحمل نتائج هذه القرارات الاقتصادية، حيث قد تجرعت هذه الطبقات دواءها المُر وحدها دون غيرها من القادرين والذين لا تؤثر هذه القرارات فى دخولهم أو مستوياتهم المعيشية.
ولذا فيجب أن ترى وتشاهد وتحس الجماهير بمن يحنو عليهم فعلاً وعملاً من خلال واقع وقرارات ملموسة تُشعر المواطن بتحسن ملموس فى حياته مع العلم أن هذه الطبقات وبمشاهدة العالم كله هى التى تمثل سندا حقيقيا، لا نقول للنظام، ولكن للوطن، مثل خروجهم فى انتخابات الرئاسة تحديا للمخططات المعروفة والمعلنة لمحاولة سحب الشرعية الجماهيرية من السيسى، هنا لابد من قرارات تضع تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية موضع التطبيق، وفى هذه الأيام يناقش البرلمان موازنة الدولة 2018 - 2019 وهى الموازنة التى يمكن من خلال اقتراح وتصور أرقامها أن نتصور أيضا ما يمكن أن يقدم للمواطن خاصة غير القادر، وباختصار فمجمل إيرادات الموازنة المتوقع الحصول عليها، نرى أن ربع هذه الموازنة، سيذهب لسداد أقساط الديون، والربع الآخر سيذهب لفوائد الدين العام، أى أن نصف الموازنة لأقساط الديون «التى بلغت حوالى أربعة تريليونات جنيه دين داخلى وحوالى ثمانين مليار دولار دين خارجى» ولفوائدها فقط، والنصف الثانى لباقى الاستثمارات فى جميع مجالات الموازنة.
وهذا يعنى أن عجز الموازنة لايزال يمثل المشكلة الأساسية والأهم، خاصة أن الحكومات المتعاقبة استمرأت تقديم موازنات تقليدية تعتمد على إيرادات تقليدية لا إبداع ولا جديد، بل الاعتماد على الإيرادات الريعية والضريبية، حيث من المستهدف تحصيل 770 مليار جنيه من الضرائب فى هذه الموازنة، فى الوقت الذى لا نرى فيه تطبيق التصاعدية على الدخول أو تطبيق مبدأ الضرائب على الاقتصاد غير الرسمى، هنا يجب أن ننظر إلى زيادة احتياطى النقد الأجنبى فى إطار ما يقدم من قروض خارجية ونتيجة لإصدار مزيد من أذون الخزانة التى تمثل ديونا خارجية قادمة بأقساطها وفوائدها، كما أننا لا يمكن تجاهل عوامل تمثل عوائق قادمة للموازنة العامة مثل انخفاض سعر الصرف وزيادة أسعار الفائدة على الأوراق المالية الحكومية وزيادة أسعار النفط.
فإذا كان هذا هو حال وواقع الموازنة العامة للدولة التى يقال عنها إنها أكبر موازنة فى تاريخ مصر، فلاشك أن هذا الواقع سيكون تأثيره المباشر على الطبقات الفقيرة، ناهيك عن تطبيق ما بقى من روشتة صندوق النقد الدولى من رفع الدعم عن السلع ورفع أسعار الطاقة والكهرباء والمياه، مما سيؤثر بلاشك وبلا حساب على جميع الأسعار من سلع وخدمات، هنا قيل إن هناك زيادة فى المرتبات والمعاشات لـ10 ٪ حسب قول رئيس البرلمان، فهل الـ10 ٪ هذه تمثل قيمة التضخم الذى سيرتفع بلاشك بعد رفع الدعم وزيادة الأسعار فى الطاقة والكهرباء.. إلخ؟ هل هذه الدخول وما سيصاحبها من علاوات يمكن أن تتوازن مع الأسعار وأن تجعل المواطن الذى لايزال يعانى نتيجة القرارات أن يحس بشىء من التحسن الملموس البسيط؟ وهل زيادة نوافذ التوزيع حل؟ وهل المواطن الذى كان طبقة متوسطة وأصبح طبقة فقيرة بعد المعاش فى وضعه وسنه يمكن أن يقف فى الشارع وسط الدلالات ليحصل على سلعة أو كرتونة فى رمضان؟
تتحدثون عن إلغاء الدعم للقادرين، فما هى الأسس للقادرين وكيف نحسب هذه الفئات؟
العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة حق للمواطن على أى حكومة، وأول الحقوق هو المساواة فى الظلم حتى يتحقق العدل السلبى.. تقدم مصر وحمايتها بشعبها الذى يحصل على حق الحياة الكريمة حتى يشعر أن مصر لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة