بعد التحقيق والفيلم الوثائقى لـ"اليوم السابع" عن "عمليات الليزك".. ضحايا يتواصلون مع الجريدة.. محمد: أعانى انفصال بشبكية العينين.. تامر: انتظر العمى بأى لحظة.. ريهام: أجريت عملية "ترفيهية" فخرجت بعاهة مستديمة

الإثنين، 23 أبريل 2018 02:09 م
بعد التحقيق والفيلم الوثائقى لـ"اليوم السابع" عن  "عمليات الليزك".. ضحايا يتواصلون مع الجريدة.. محمد: أعانى انفصال بشبكية العينين.. تامر: انتظر العمى بأى لحظة.. ريهام: أجريت عملية "ترفيهية" فخرجت بعاهة مستديمة عملية الليزك - أرشيفية
كتب محمود حسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على صفحتين كاملتين، نشرت "اليوم السابع" فى عددها الصادر الجمعة 8 أبريل، تحقيقًا عن ضحايا لعمليات تصحيح البصر بـ"الليزك"، كما قدمت لقرائها على موقعها الإلكترونى فيلما وثائقيا عن تعرض بعض من أجروا العملية إلى مضاعفات خطيرة، وصلت إلى حد فقدان القدرة على الرؤية بصورة سليمة، كما تواصلت مع عدد أطباء عيون كشفوا بحسب قولهم، كيف أن بعض الأطباء لا يراعون "ضميرهم" فى فحوصات ما قبل العملية، الأمر الذى يترتب عليه كوارث لدى العديدين ممن خاضوها، رغم أن الأطباء طمأنوهم بأن العملية "آمنة 100%"، كما انتقد أحد الجراحين فى تصريحاته لـ "اليوم السابع" ما أسماه بـ "إساءة استخدام" العملية بشكل مفرط فى مصر، واصفا إياها بالجراحة التى ابتكرها العلم لأغراض حقيقية لكنها تحولت إلى تجارة "تجميلية" فى مصر.

 

موضحا أن العديدين مروا بهذه التجربة بنجاح، لكن هذا لا يمنع أن نحو 20% ممن خضعوا للعملية يعانون من هذه المضاعفات الخطرة التى لا يتحدث الكثير من الأطباء حولها.

 

وأثار التحقيق والوثائقى ردود أفعال على مواقع التواصل الاجتماعى، كما تواصل عدد من "الضحايا" الذين تعرضوا لمشكلات مع عملية الليزك بعد قراءتهم للتحقيق، ليحكوا هم أيضًا معاناتهم بعد تعرضهم لعملية ليزك أودت ببصرهم، كاشفين عن المزيد من معاناة عدد كبير من ضحايا العملية الجراحية، وكيف انتهت بهم رغبة "الاستغناء عن النظارة" إلى كارثة محققة أثرت على استكمال حياتهم بشكل سليم.

 

الفيلم الوثائقى: "الليزك.. العمى بشعاع ليزر" من انتاج "اليوم السابع"

محمد: حدث لى انفصال فى الشبكية بالعينين وانفقت "تحويشة العمر" على العمليات

 

مجاملة من عضو مجلس شعب حولت حياته لجحيم، هكذا يمكن أن نختصر قصة "علاء س" والذى يعمل "حارس أمن"، والذى طلب عدم ذكر اسمه كاملا، بدأ الأمر كله منذ 10 سنوات، بعدما أنهى علاء دراسته، أحد أقاربه أخبره أن عضو مجلس الشعب بالمنطقة يوفر عملية "الليزك" مجانا للأهالى، ونصحه بأن يذهب لينال هذه العملية المجانية ويستغنى عن "نظارته" إلى الأبد.

لم يكذب "علاء" خبرا، وبالفعل أجرى العملية الجراحية بأحد المراكز الطبية فى مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، يقول لـ "اليوم السابع": محدش جاب لى سيرة المضاعفات خالص، قالوا لى هتلبس بس نضارة قراية"، بعد إجراء عملية الليزك ظهرت المضاعفات الشهيرة للعملية، هالات حول الإضاءة بحيث تصبح الرؤية ليلا أمرا عسيرا، يرى الألوان باهتة، أما الشمس فلم يكن يستطيع أن يمشى فيها مطلقا، لكن "علاء" لم يكن يدرك أن هذه المضاعفات ما كان يجب أن تحدث له من العملية إلا حين قرأ "تحقيق اليوم السابع" الأسبوع الماضى، ظن أنه أمر شائع نتيجة ضعف نظره، لكن ما حدث بعد ذلك جعله يدرك أن أمرا ما خاطئا قد أصابه.

بعد 4 سنوات فوجئ علاء بنزيف فى عينه اليسرى، وحين ذهب للطبيب أخبره أن لديه نزيف فى الشبكية وأنه لابد أن يجرى عملية "حقن للشبكية"، وبالفعل أجرى العملية لكن الرؤية بدأت تصبح مشوشة فى عينه اليسرى، ذهب للطبيب حين أصبحت الرؤية عسيرة فأخبره أنه يحتاج إلى عملية ثانية، وبالفعل أجراها، لكن فى عام 2015 أخذت الأمور منحنى أكثر إيلاما، غمامة بدأت تظهر على العين، تزيد يوما بعد الآخر، وحين ذهب للطبيب أخبره بالمفاجأة أن لديه "انفصال فى الشبكية"، وأن العملية ستكلفه 7 آلاف جنيه، لم يكن علاء لديه هذا المبلغ، لذا ذهب إلى إحدى الجمعيات الخيرية التى تكفلت بنصف المبلغ وبالفعل أجراها.

يشرح "علاء" لـ "اليوم السابع" فيقول إن علاج انفصال الشبكية يتم على مرحلتين، الأولى أن يضع ما أسماه "زيت السليكون" وبعد 6 أو 8 أشهر يذهب للطبيب مرة أخرى لإزالته، حين ذهب علاء لإزالة "زيت السليكون" أخبره الطبيب بأن العملية لم تنجح وتحتاج إلى إعادة، ساعتها استسلم علاء للقدر وقرر ألا يجرى العملية مرة أخرى واكتفى بالرؤية بعينه اليمنى فقط، لكن بعدها بشهر فوجئ بظهور عتامة على "الرؤية" بعينه الوحيدة السليمة، ليفاجأ أن الشبكية تنفصل فى العين اليسرى.

أجرى علاء عملية كلفته مبلغ 8 آلاف جنيه لإعادة النظر فى العين اليسرى، عادت الرؤية إليها بشكل ما، أما العين اليمنى فمازالت تنتظر حتى "يحلها ربنا من عنده"؛ بحسب قوله، ويأتى المال وعندها يجريها، اليوم يقول علاء: "عينى اليمين بقت وظيفتها انها تضايقنى وبس، عليها شوائب ومش شايف بيها كويس، والفلوس اللى كنت محوشها علشان اتجوز بيها خلاص صرفتها كلها على العمليات فى عينيا اللى باظت من الليزك".

 

تامر: انتظر العمى فى أى لحظة بعد مضاعفات كبيرة

فى عام 2012 ذهب تامر محمود الذى يعمل سائق ليموزين بأحد الفنادق الفاخرة، ليجرى "كشف نظارة" روتينى، قال له مساعد الطبيب إنه لم يعد أحد الآن يلبس النظارات، وأن العالم كله اتجه إلى "الليزك"، وحين دخل إلى الطبيب أخبره عن "عملية الليزك" وقال له إنها آمنة تماما، وستكلفه فقط 4500 جنيه، أجرى تامر الفحوصات، لكنه لاحظ أن الفحوصات بها خطأ، فقد أظهرت أن نظره "سالب 3 درجات" بالعين اليمنى، و"سالب 4 درجات" باليسرى، بينما نظره هو "سالب 6 درجات" فى العينين، طمأنه الطبيب أنه سيعيد قياس نظره على "جهاز العملية" وعليه ألا يقلق مطلقا، وبالفعل أجرى تامر "عملية الليزك"، لكنه قبل إجراءها وبعدما خلع نظارته ووضعت قطرة "المخدر الموضعى" فى عينه، طلب منه مساعد الطبيب التوقيع على ورقة، وحين سأله عن هذه الورقة أخبره إنها فاتورة المستشفى، وبالفعل وقع عليها، لكنها مع الأسف لم تكن "الفاتورة".

ويستكمل تامر حكايته لـ"اليوم السابع" فيقول: بعد العملية فوجئت أننى لا أرى بشكل جيد، ذهبت للطبيب وقلت له أنا لا أرى جيدا، لا أستطيع حتى أن أرى الإرشادات المعلقة على الحوائط، فرد عليه الطبيب أن العملية نجحت لكن بنسبة 70% فقط، فوجئ تامر بهذا الأمر، خاصة حين أخبره الطبيب أن عليه أن يرتدى نظارة من جديد، ساعتها اشتعل تامر غضبا ، إذا كنت قد أجريت عملية كى لا ارتدى نظارة فلماذا ألبس نظارة أخرى، لكن الطبيب قال له هذه ليست كتلك، فالنظارة الطبية التى سترتديها "خفيفة"، ولا تنسى أنك وقعت على ورقة تقول بأنك تتقبل المضاعفات، ليكتشف تامر أن ما قالوا له أنه "الفاتورة" لم يكن سوى إقرار بتقبله كل المضاعفات التى يمكن أن تحدث له من العملية.

طوى تامر هذا الفصل من حياته، خاصة وأنه نال وظيفة فى "سويسرا"، وبالفعل سافر إلى الخارج، لكن هناك بدأ يشعر بألم فى عينه، زار طبيبا ليخبره بأن ضغط العين لديه مرتفع وبشدة، وأعطاه "قطرة للعين" سيظل يضع منها طوال حياته، لم تكن "القطرة" مشكلة كبيرة، لكن بعدها بـ 3 أشهر عاد الألم من جديد لـ "تامر" ليخبره الطبيب بالصدمة، لديك "جلوكوما" على عينك، والعصب البصرى تأثر بالعملية التى أجريتها فى مصر، وأنه بات مهددا بـ "العمى الكامل"، وأن لديه العديد من المشاكل فالقرنية أصبحت ضعيفة للغاية، والعصب العينى فى خطر كامل.

بكلمات باكية يصف "تامر محمود" حياته فيقول: "عينى كل يوم بتزداد جحوظ للخارج، لو بصيت لشكلى هتحس إنى الشيطان، غير إنها متحجرة، ألم شديد عندى فى عينى بقالى 5 شهور مش عارف أنام من غير منوم، عندى 43 سنة وحياتى اتدمرت بالكامل، حياتى اتدمرت بالكامل، شغلى باظ أنا سواق يعنى من غير عينى مش هعرف اشتغل، انا فى حالة يأس تام، خسيت عشرين كيلو، الدكتور فى مصر بتواصل معاه على واتس اب بيحاول يقنعنى إن ده مش سببه الليزك، قلتله أنا داخلك سليم العملية دى فتحت على باب جهنم، أنت دمرتنى، نظرى كل يوم بيتدهور أكثر فأكثر ".

ويقول تامر إن الأطباء فى "سويسرا" يشعرون بالذهول لإجرائه تلك العملية دون سبب واضح فقط من أجل الاستغناء عن "النظارة"، كما أنهم أخبروه أنه حتى إن كان مريضا مصابا فى حادث، فلا تتم عملية "الليزك" له إلا تحت محاذير شديدة.

ويختتم حديثه قائلا: "لما كنت داخل أعمل العملية، قال لى الممرض انت مش هتنسى اليوم ده فى حياتك، وبالفعل لم أنس هذا اليوم مطلقا، لأنه اليوم الذى يهدننى بأن أكون أعمى ومتسول، لو شخص ما أعطيته زوج من الأحذية ليصلحهم لى فأتلفهما لشعرت بالحزن، فما بالك بشخص اتلف الطبيب عيناه".      

 

صابرين: أعيش بـ"شبورة" وشوائب دائمة على عينى

فى عام 2016، ذهبت المهندسة "صابرين الريس" من محافظة الدقهلية لإجراء عملية الليزك، كالعادة أخبرها الطبيب أن العملية "آمنة تماما"، وأن جميع من أجروها سعداء بها، لكن ما حدث لصابرين فى أعقاب ذلك جعلها لا تعرف طعما للسعادة، فى اليوم التالى استيقظت صابرين على ما قالت إنه "زغللة رهيبة" فى الرؤية وتداخل فى الأنوار والألوان وشبه انعدام كامل للرؤية، ظنت أنها لم تتعاف بعد من العملية الجراحية، لكن "الزغللة" استمرت فذهبت للطبيب الذى أجرى فحوصات سريعة لها وأخبرها أنها بخير، لكنها لم تتحسن فعادت إليه من جديد بعد أسبوع، فأعطاها "قطرة للعين" وأكد على أنه لا يوجد أى مشكلات وأن هناك مشكلات بسيطة فى "مقاس النضارة"، عادت صابرين إلى المنزل وقد دخلت فى حالة انهيار تام وبكاء.

لم تترك صابرين نفسها وذهبت إلى طبيب آخر ليخبرها بما حل بها، العدسة السطحية للقرنية والتى يتم إزالتها فى عمليات الليزك وإعادة تركيبها مرة أخرى، لم تعد إلى مكانها بشكل صحيح، أو بحسب وصف الطبيب "مكرمشة" وأنها تحتاج إلى تدخل جراحى لإعادة وضع تلك العدسات، أما الطبيب الذى أجرى لها عملية الليزك فتهرب منها تماما، واختفى من الوجود تقريبا، ولم يجد أصحاب مركز العيون بدا سوى إجراء الجراحة على حسابهم لمعالجة المشكلة.

لكن المشكلة لم تحل، بعد أسبوع من إجراء جراحة إعادة "سطح القرنية" إلى مكانها الصحيح، وجدت صابرين "ضبابا" يسيطر على مجال رؤيتها، كما أن لديها ما تصفه بـ "شوائب سوداء" موجودة دائما فى عينها، أصبحت ترى الكلام المكتوب على الأوراق مكررا، وحين عادت للمركز الذى أجرت فيه الليزك أجابها الطبيب بجملة واحدة: "معلهش.. حاولى تتعايشى مع الوضع الجديد"، تقول صابرين لـ "اليوم السابع" استنزفت نفسيا تماما، ولم أجد أى وسيلة للحل، وأصبحت كل فترة أذهب لفحص عينى ويقوم الطبيب بتغيير "القطرات" التى يعطينى إياها بأخرى جديدة.

تقول صابرين إنها بعد عام ونصف من محاولة علاج عينها، قررت أن تنسى الأمر، وأن "تتعايش" كما قال لها الطبيب مع الوضع الجديد، كانت قبل أن تجرى عملية الليزك قد بدأت خطوات إعداد "الماجيستير" الخاص بها، وقررت أن السبيل الوحيد لأن تنسى مشكلتها أن تعود من جديد لاستكمال تحضير شهادة "الماجيستير" الخاصة بها، لكنها حين فتحت جهاز اللابتوب وجدت انها لا ترى منه شيئا، فأدركت أنها لن تستطيع أن تستكمل ما بدأته، وأن حياة جديدة تنتظرها بعد الليزك ليست كالحياة التى قبلها.

تصف صابرين حالها الجديد بقولها: "خلاص حياتى القديمة انتهت، ما بقتش قادرة أكملها، ومفيش حاجة أعملها، وكل اللى بتمناه إن الأمور ما تتدهورش أكتر من كده".

 

ريهام: دخلت لأجرى جراحة ترفيهية فخرجت بعاهة مستديمة

 

ريهام حسن، طبيبة بيطرية، من الدقهلية، فى عام 2011 افتتح طبيب جديد فى المنصورة مركزا لتصحيح البصر بـ "الليزك"، ولأنه قريبها فقد أراد أن يجاملها لتكون واحدة من أوائل زبائنه، لم تكن تعانى من قصر نظر شديد فى الإبصار، فقط درجة ونصف بالسالب فى عين، ودرجة وربع فى العين الأخرى، لكنها لم تكن تعلم أن هذه الـ"مجاملة" ستجعل نظرها فى نهاية المطاف أضعف 3 مرات، وستدخلها فى دوامة لا نهاية لها.

بعد إجراء جراحة "الليزك" اكتشفت ريهام أنها لا تستطيع قراءة ما هو مكتوب على شاشة "اللابتوب" أمامها، وحين وضعت نظارتها القديمة وجدت أن الرؤية تحسنت، فاعتقدت لوهلة أن المشكلة تكمن فى أن "العملية" لم تنجح، حين عادت للطبيب لتخبره أخبرها بأن لديها "شوية ضعف" فى القرنية، لكن لهجته دفعتها للشك فذهبت لطبيب آخر، ليخبرها بالمفاجأة، قرنيتها "مخروطية" من الدرجة الثالثة أى بالغة الشدة، وأن ما لديها هو أمر شديد الخطورة، وإذا لم تقم بإجراء عملية "تثبتيت قرنية" فقد تفقد بصرها وتحتاج إلى عملية زراعة قرنية.

عادت للطبيب قريبها والذى نفى هذا الأمر تماما، وساعتها اشتبكت معه فى نقاش حاد وطلبت منه الإشاعة لعينها قبل الجراحة، وقبل أن تتركه قالت له: "دخلت تعملى عملية رفاهية وطلعتنى بعاهة مستديمة"، لتجد أغرب رد يمكن أن يواجهه إنسان فى حالتها، حين قال لها الطبيب: "ده قضاء وقدر.. طلعى حاجة لوجه الله وخليكى مؤمنة".

لتبدأ ريهام كما تحكى لـ "اليوم السابع" رحلتها على الأطباء بحثا عن حل لمشكلتها، تقول إنها لم تترك طبيبا فى "المنصورة" ولم تذهب إليه، لكن جميعهم لم يعطوها حلا، لكن طبيب آخر قال لها لن تجدى أحدا فى المنصورة يعالجك لأن الطبيب الذى أجريت لديه عملية "الليزك" هو استاذنا جميعا ولن نعمل فى "حالته"، لذا عليك بالسفر إلى القاهرة، وأعطاها اسم طبيب شهير فى القاهرة.

بالفعل ذهبت "ريهام" إلى القاهرة، وهناك فى عيادة الطبيب الشهير واثناء انتظارها وجدت 7 حالات أخرى تنتظر معها وجميعهم لديهم مشاكل من جراحة "الليزك"، قال لها الطبيب "عينك انتهت وهتحتاجى جراحة "زراعة حلقات" للقرنية فى العين اليمنى، وعملية تثبيت فى القرنية بالعين اليسرى.

منذ عام 2013 أجرت ريهام 5 عمليات جراحية، ثلاثة فى العين اليمنى، واثتنين فى العين اليسرى، كلفتها العملية الواحدة حوالى عشرة آلاف جنيه، تقول لـ "اليوم السابع" كانت عملية جمع تكلفة العملية الواحدة مسألة شاقة وليست بالأمر السهل.

اليوم تدهور نظر "ريهام" ليصبح سالب 3 درجات ونصف، لكنه ثابت منذ فترة، فهى تجرى فحصا كل 3 شهور لنظرها كى تتأكد من أن الأمور ثبتت على وضعها، وتعانى "ريهام" من استيجماتيزم شديد فى عينها لدرجة تخلق لها "معاناة خاصة"، تقول قراءة أى شىء به إضاءة أو بعيد عنى أصبح معاناة، حين حاولت تعلم القيادة اكتشفت انها لا ترى جيدا فى "مرايا" السيارة، ولم تستطع القيادة، كما أنها غير قادرة على تقدير المسافات، تقول عن معاناتها:"بطلت أبص على الإعلانات فى الشوارع علشان ما اتضايقش، حتى الموبايل ما بشوفهوش، علشان كده اشتريت تابلت علشان يكون كبير وأقدر أبص فيه، امتلك صيدلية لا أقوم بفتح أبوابها سوى بعد صلاة العصر لأن الوجود فى الشمس جحيم بالنسبة لى، أما الماجيستير الخاص بى فقد توقفت عن استكماله".

رغم معاناتها ترى أنها أفضل حالا من آخرين يعانون من تدهور حاد فى الرؤية بسبب العملية، الجزء الذى لم تروه ريهام عن قصتها، أننا حين بحثنا عن اسم الطبيب الذى أجرى لها "الليزك" وبحثنا عنه على الإنترنت، وجدنا أنه دائم الظهور على القنوات التليفزيونية متحدثا عن عمليات "الليزك" وقدر الأمان الكبير فيها، وعدم وجود أى مضاعفات لها.

 

جراح عيون : كوارث تحدث بسبب «استخسار» بعض الأطباء شراء مشرط ثمنه 100 جنيه أثناء العملية.. وبعض المضاعفات تصل نسبة الإصابة بها إلى 20%

 

 

 

 

الدكتور محمد عبدالحميد، أحد أطباء العيون المصريين بالخارج، زميل كلية الجراحين البريطانيين، أوضح لـ«اليوم السابع» عبر الإنترنت أن عملية «الليزك» عندما تمت الموافقة عليها من قبل منظمة الغذاء والدواء كانت تستهدف بالدرجة الأولى فئة معينة من المرضى، وهم الذين لا يستطيعون ارتداء النظارة الطبية، وذلك لوجود تفاوت بين درجة النظر فى العينين يزيد على 4 درجات، ما يسبب لهم مشاكل جسيمة وازدواجية فى الرؤية، كما تم وضع اشتراطات خاصة بمن يمكن إجراء العملية لهم، ولكن مع الأسف تمت إساءة استخدام العملية فى مصر بشكل إجرامى.

 

وأضاف عبدالحميد أن هناك اشتراطات معينة فيمن تجرى لهم هذه العملية، وموانع كثيرة، فيجب ألا تجرى لمن يكون «سُمك» قرنية العين أقل من 500 إلى 550 مايكرون، لأن العملية قائمة بالأساس على إزالة أو «كشط» جزء من القرنية، فكلما زادت درجة «قصر النظر»، تطلب ذلك «سُمك» قرنية أكبر للوصول إلى نتيجة آمنة

 

وكذلك لا تجرى لمن لديه ما يسمى بـ «القرنية المخروطية»، ومن لديهم جفاف شديد فى العين، ومن لديهم «قصر نظر» يتجاوز 9 درجات، وأيضًا ألا يكون الشخص الذى تجرى له يعانى من عدم انتظام السكر فى الدم، تجنبًا لزيادة نسبة الالتهابات، وكذلك لا تجرى العملية لسيدة حامل أو شخص استخدم العدسات اللاصقة لفترة طويلة، لأن هؤلاء سيحدث لهم ما يسمى بـ«الارتشاح فى القرنية»، وبالتالى عدم دقة القياسات قبل العملية، كما أن مرضى الروماتويد والذئبة الحمراء أيًضا لا يمكن إجراء العملية لهم، لأن لديهم جفافًا شديدًا فى العين، وكذلك من لديهم «مياه زرقاء»، أو ارتفاع فى ضغط العين.

 

ويتابع عبدالحميد: «كما أن هؤلاء الذين لديهم قصر شديد فى النظر، تكون الشبكية الخاصة بهم ضعيفة، وهذا ما قد يؤدى فى حالة إجراء العملية إلى انفصال الشبكية، بل والأسوأ أنه قد يؤدى إجراء العملية فى عين هذا الشخص إلى حدوث جلطة فى الشبكية وانسداد شريان الشبكية المركزى، وإن كان هذا عارضًا نادرًا لكنه قد يحدث، مما يؤدى فى النهاية إلى فقدان البصر».

 

لا تقف المشكلة عند هذه النقطة فقط، فإذا كانت الفحوصات سليمة، ويلائم الشخص استخدام «الليزك»، فإن هناك مضاعفات محتملة من العملية، كأن يحدث جفاف فى العين، وهذا يحدث بنسبة حوالى 20% للمرضى، وهناك 20% من المرضى يمكن أن تحدث لهم هالات حول الإضاءة، وهذه تسبب الأذى للسائقين تحديدًا، الذين ستتحول أضواء السيارات لهم فى الليل إلى هالات كبيرة لا يمكنهم النظر إليها، كما أن هناك حوالى 0.15% من الذين يتم إجراء العملية لهم قد تحدث لهم التهابات، وقد ترتفع هذه النسبة إلى 5% بسبب تلوث الجرح أثناء أو بعد العملية، كما تتفاوت النسبة بحسب نوع الالتهاب، وهى أمور يجب أن تقال للمريض ليعرف إن كان مستعدًا للمجازفة، ولكن مع الأسف أغلب أطباء إجراء جراحات «الليزك» يخفونها عن المريض، ويدّعون أن العملية آمنة تمامًا.

وهناك تراجع قد يحدث مع الوقت لبعض من تجرى لهم العملية، خاصة هؤلاء الذين يجرونها قبل سن 21 عامًا، ومع الأسف فى هذه الحالة لا يمكن أبدًا أن يتم إجراء تصحيح للعملية، ويصبح المريض فى هذه الحالة معلقًا، لا هو قادر على أن يعود لـ «النظارة»، لأن الجهاز الخاص بتحديد قوة النظر لا يستطيع قياس النظر بسبب التغيرات التى حدثت فى العين خلال عملية «الليزك»، كما أن «سُمك» القرنية يكون قد قلّ كثيرا، ويكون من الخطورة الشديدة إجراء العملية مرة أخرى لهم، لكن مع الأسف بعض الأطباء يجرمون بإجرائها مرة أخرى.

 

ولا يتوقف الأمر عند هذه النقطة، كما يشير عبدالحميد، فإن الشخص الذى يقوم بإجراء عملية «الليزك» ثم يصاب بالمياه الزرقاء أو البيضاء بعد سنوات، وهو مرض يحدث بعد سن الأربعين غالبًا، تكون لديهم مشكلة كبيرة عند إجراء عملية إزالة المياه البيضاء، لأن سُمك القرنية تغير بسبب الليزك، والأجهزة المصممة لقياس العدسة التى ستتم زراعتها بعد إزالة المياه من على العين لا تعطى نتيجة صحيحة، ورغم أن هناك عددًا من المعادلات لمحاولة حساب المقاس الصحيح، فإنها حتى الآن لا ترقى إلى نتائج صحيحة.

 

أما عن أكثر المضاعفات خطورة، فهى أن حوالى 0.06% ممن يتم إجراء الليزك لهم، أى 6 من كل 10 آلاف شخص، قد يحدث لهم جحوظ فى القرنية، وتتلف تمامًا بعد 10 سنوات، ما يعنى أنهم سيحتاجون لعملية زراعة قرنية، وقد يفقد الرؤية.

 

وأكد الدكتور محمد عبدالحميد أن أى شخص لا تنطبق عليه الشروط، ويتم إجراء العملية له فهذا بمثابة جريمة، لكنها مع الأسف ترتكب فى مصر، حتى أن نحو ثلثى الأطباء الذين يجرون عمليات «الليزك» فى مصر لا يقومون بإجراء الفحوصات الكافية على المريض، رغم أن نسبة من لا تلائمهم العملية قد يصل إلى 20% من إجمالى الراغبين فى إجرائها.

 

ويؤكد الدكتور محمد عبدالحميد أن موقع هيئة الغذاء والدواء يحذر المرضى من الأطباء منعدمى الضمير بالمقولة المشهورة «احترس من الذئاب التى تتخفى فى رداء الأغنام».

 

ويحكى الدكتور محمد عبدالحميد أنه مر بنفسه بإحدى التجارب الخاصة بهذا الأمر، حين كان طبيبًا حديث التخرج، ويعمل بأحد مستشفيات العيون الخاصة فى مصر عام 2002، حيث حضر له أحد الراغبين فى إجراء العملية، وكان يعانى من التهاب فيروسى فى «ملتحمة العين»، وفى هذه الحالة لا يجب إجراء العملية إلا حين المريض من الالتهاب، لكن العملية أجريت له من خلال مدير المستشفى، الذى لام الدكتور محمد عبدالحميد لأنه لم يقم بتحضير المريض للعملية.

 

وتكمن المشكلة الأساسية من وجهة نظر الدكتور محمد عبدالحميد فى سوء اختيار المريض، وكذلك إخفاء المضاعفات المحتملة عنه.

 

ويستكمل زميل كلية الجراحين الملكية البريطانية، أن بعض الأطباء يعتبرون المريض «ذبيحة» لا يريدون التفريط فيها، ومع الأسف الإجراءات القانونية فى مصر لا تحمى المريض بشكل كاف، وتستغرق وقتًا طويلًا، ما يعنى فى النهاية إفلات الطبيب من العقوبة، مؤكدًا أن هناك أشخاصًا فى خارج مصر أقدموا على الانتحار بسبب عملية «الليزك»، لأن بعضهم مثلًا كان مهندسًا، أو يتعامل مع التقنيات، وفجأة اكتشف أنه لم يعد قادرًا على الرؤية السليمة، وبالتالى عدم القدرة على ممارسة مهنته بشكل صحيح، ما يدفعهم للانتحار، وغالبية من أجرى العملية واستعاد قوة إبصاره يعانى من فقدان جودة الرؤية، ويرى أمامه ما يشبه الغبار أو يرى الألوان باهتة.

 

ويكشف زميل كلية الجراحين الملكية البريطانية عن كارثة كبيرة، بقوله إن بعض مراكز «الليزك» وصل بهم الأمر إلى أن أحد المشارط الدقيقة فى «كشط» القرنية الخارجية أثناء إجراء العملية يجب استخدامه مرة واحدة فقط، لأنه يفقد قدرته على القطع بصورة سليمة بعد تلك المرة، لكن مع الأسف بعض الأطباء يستخدمونه أكثر من مرة، وهنا يكون المشرط قد فقد حدته، فيؤدى إلى إتلاف عين المريض، وبهذا نكون أمام مريض فقد الرؤية السليمة بسبب مشرط ثمنه لا يتجاوز 100 جنيه

 

واختم الدكتور محمد عبدالحميد حديثه لـ«اليوم السابع»، قائلًا: «أتمنى أن يختفى الليزك من العالم كله».

 

ليس كل أطباء العيون رافضين تمامًا لعملية «الليزك»، الدكتور جمال المشد، أستاذ جراحة العيون بكلية الطب جامعة الزقازيق، قال إن المضاعفات التى تحدث نتيجة إجراء «الليزك» تكون لحالات معروف سلفًا، بأنه لا يمكن أن يتم إجراء هذه العملية لها، قائلًا إنها «مضاعفات نادرة». 

 

ويضيف أستاذ جراحة العيون بكلية الطب بجامعة الزقازيق، لـ «اليوم السابع»، أنه من المفترض إجراء ما يسمى بفحوص «طبوغرافية» أو «تضاريس» القرنية، لنرى إذا كانت ملائمة لإجراء العملية من عدمها، وأنها قد تتسبب فى حدوث مضاعفات أم لا، وإن كانت قرنية العين نفسها صالحة للرؤية وجيدة، أم أنها تعانى من مشكلات أكثر من ضعف النظر.

 

أما عن الهالات حول الإضاءة، وجفاف العين الشديد، فيرى المشد أنها مضاعفات قد تحدث لكنها مؤقتة، ويجب أن تنتهى بعد نحو 3 أشهر، ولكن أن تستمر لفترة أطول من ذلك فهذا يعنى أن هناك مشكلة فى إجراء العملية.

لكن الدكتور جمال المشد لم ينكر أن هناك بعض مراكز العيون التى تقوم بإجراء العملية دون إجراء هذه الفحوصات بشكل كاف على المرضى، مما يتسبب فى ظهور هذه المضاعفات، قائلًا: «كل مهنة فيها الكويس والوحش، وللأسف الدكتور أو المركز اللى بيعمل كده بيسىء للمريض ولنفسه وللمهنة كلها».

 

واختتم الدكتور جمال المشد تصريحاته بقوله: إذا كان هناك ألف شخص يقولون إن «النضارة نعمة» فهناك آلاف آخرون يرون «الليزك نعمة»، فنحن لم نتوسع فى مصر فى إجراء عمليات «الليزك» بشكل كبير إلا حين رأينا النتيجة الإيجابية، ناصحًا من يريد إجراء العملية باختيار الطبيب الجيد، فالمسألة ليست «إعلانات الخصومات» و«الليزك الرخيص»، ولكن اختيار الشخص الثقة الذى يجرى هذه العملية.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

Lion

شكراا للموقع اليوم السابع المحترم

انا كنت هعمل عمليه لامي ليزك وبعد المقال ده غيرت رايي تماما النظارة افضل بكثير من المضاعفات لو عايز تعملها اعملها برا مصر اما في مصر ضياع وناس كل حياتها سبوبه وفلوس

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة