من بنت لأم لسيدة تتأقلم مع تغيرات الزمن فى الروح والجسد.. يبدأ الفيلم بمشهد يجمع ما بين الأم وابنتها، تمثل كلاهما صورة لرحلة العمر والمشاعر التى تمر بها كل سيدة، من فتاة شابة تتطلع لبناء أسرة فتصبح أمًا، ومن أم لسيدة تستعد للتأقلم مع أصعب مراحلها العمرية التى تفقد فيها أهم معالم أنوثتها "سن انقطاع الطمث"، وبين هذا وذاك تضح معالم الصورة أكثر والتغييرات الحقيقية التى تمر بها المرأة فى مراحل العمر.
لم يقتصر الفيلم على فئات معينة من النساء، ولكن جمعت مشاهده الفتاة المراهقة والحامل والتى وصلت لانقطاع الطمث والمسنة، بينما ارتبطت كل أحداث الفيلم فى حلقة واحدة تتمثل فى "أورور" السيدة التى تشارف على الخمسين وتعانى علامات انقطاع الطمث دون وعى منها أو تأهيل نفسى لهذه المرحلة الصعبة التى لم تفق منها لتجد ابنتها تخبرها أنها ستصبح جدة خلال أشهر، كل الصراعات الداخلية تتجمع فى هذه الشخصية التى تعبر عن كل ما يخص المرأة جسديًا ونفسيًا فى سياق درامى ممتلىء بالدعم والسند والمعنى الحقيقي لتخطى الإحباط والخسارة.
الخسارة كانت فى العمل والحب والأنوثة، لتجد المتبقى أمامها هو أمومتها وبناتها اللاتى خرجت بهن من بين كل الأخطاء التى اقترفتها فى حياتها من قبل، ليكن أفضل خطأ وقعت فيه عندما تزوجت فى سن مبكرة وأنجبت سريعًا، كل هذه التفاصيل وأكثر يعايشها كل من يشاهد الفيلم الأنثوى من الدرجة الأولى والذى تم اختياره ليكون فيلم افتتاح مهرجان ميدفيست "عن الطب فى الأفلام"، ويتم عرضه لأول مرة فى الوطن العربى.
اورور
حلقة نقاشية ما بين الطب والفن
ناقش تفاصيل الفيلم د. نهى صبرى، استشارى طب نفسى قصر العينى ورئيس وحدة الصحة النفسية للمسنين، ود. نورا عبد المجيد كاتبة روائية وناقدة، ود. مى عبد الكريم استشارى طب النساء والتوليد فى مستشفى سوسيكس ببريتون إنجلترا.
جانب من مناقشة فيلم اورور
أطباء النفس: نفسية المرأة لا يفهمها غير بنى جنسها
بدأت الدكتور نهى صبرى، استشارى طب نفسى قصر العينى رئيس وحدة الصحة النفسية للمسنين، فى التحدث عن نفسية السيدات فى كل المراحل، خاصة المرحلة التى تصل فيها لانقطاع الطمث، فتكون بالنسبة لها تقييم للحياة والعلاقة الزوجية وما خسرته وكسبته فى نهاية المطاف، وفى الفيلم كان ما تبقى لها هى بناتها.
وأضافت أن الفيلم تميز فى عكس نفسية السيدة فى مرحلة الخمسين من عمرها، وحالة العصبية ونوبات الحرارة التى تجعلها غير مستعدة لأى نقاش، ولعل ذلك تبين فى ردود البطلة "أورور" الجارحة تعليقا على حمل ابنتها، فبدلاً من قول "مبروك" قالت "متى حدث ذلك وما زال الوقت مبكرًا" خوفا من أن تصبح جدة وهى لا تزال غير مقتنعة بانتهاء شبابها متخيلة أن العالم كله انتهى بالنسبة لها، وكذلك تستحضر السيدة فى هذه الفترة خبراتها السابقة ولا تريد أن تعيدها بناتها فتكون مواقفها جامدة لحد ما تجاه ما يناقشوه بناتها.
اورور
وأكدت استشارى الطب النفسى، أن الاعتذار الذى قدمته الأم على ردود أفعالها الجارحة توضح أنها لا ترفض الحالة الجيدة مع بناتها فى هذا الوقت بالعكس يريحها نوعا ما، مضيفة أن الفيلم أيضًا تمكن من عكس حالة نفسية حقيقية عندما عرض موقف المسنات فى دعم بعضهن من خلال بيت مشترك لهن ليخلقن عالام خاصا بهن وسند يجنبهن أى مشاكل نفسية أو إحساس بالإهمال.
أما الدكتور نبيل القط، استشارى الطب النفسى وضيف المهرجان، فقد كان له تحليل آخر لما تناوله الفيلم على الجانب النفسى، حيث أكد أنه نسائي جدًا ولا يضع الرجل فى وضع اتهام ولكن وصف نعومة السيدات وتفاصيلها البسيطة حتى فى مشهد تدليك قدم الابنة الحامل، هذه اللحظات التى تكون فى حياة الرجل ولا نراها إلا فى مجتمع النساء، فهن القوة الناعمة.
اورور
وأضاف، أن فكرة الفيلم تمكنت من التعامل مع انقطاع الطمث مثل الصداع، فإن الحياة تستمر ولا تتوقف مهما مر من العمر، خاصة فى مشهد السيدة المسنة التى تقوم بالجنس على الرغم من تعديها الـ70، وهذا المشهد فقط كان يؤكد أن السيدة لا تخسر حياتها مع انقطاع الدورة الشهرية.
ولفت القط، إلى أن حالة المشاعر والحب بين النساء ونعومة العلاقات كانت مميزة، ولا يكون هناك صراعات كبرى إلا الصراع الداخلى الحقيقي الدائم داخل "أورور"، وفى النهاية كانت السيدة هى علامة دعم وقوة وسند أيضا".
اورور
الطب النسائى: يوجد حلول لأعراض انقطاع الطمث لا يناقشها الفيلم
قالت الدكتورة مى عبد الكريم، استشارى طب النساء والتوليد فى مستشفى سوسيكس ببريتون إنجلترا، إن أعراض سن اليأس عديدة ولعل الفيلم سلط الضوء على هبوات الحرارة، وكيف كانت تسبب مشكلة كبيرة للسيدة، خاصة مع حدوثها بشكل مفاجئ، وذلك بسبب نقص الاستروجين، ولكن الفن لم يتطرق للحلول.
وأوضحت استشارى طب النساء والتوليد، أن حلول هذه الأعراض تتمثل فى عدة أمور وهى:
- تعويض الهرمونات من خلال بدائل نباتية عشبية لا تتسبب فى مضاعفات كبيرة أو آثار جانبية سيئة.
- ممارسة الرياضة مثل السباحة على الأخص.
- الكثير من أعراض سن انقطاع الطمث لها فترة محددة خاصة لو وجدت السيدة قبول ودعما كافيا.
- تختفى الأعراض كلها سواء نفسية أو جسدية خلال فترة من 3 لـ 8 سنين.
فريق منظمين وضيوف مهرجان ميدفيست
النقد الفنى: الفيلم استطاع بكلمات نشر حملة توعية كاملة
وفى هذا الصدد، ناقشت نورا عبد المجيد كاتبة روائية وناقدة، التى تحولت روايات لها لمسلسلات منها أريد رجلا، مشاهد عدة من الفيلم، مؤكدة أنه تمكن من توصيل حملة توعية كاملة خاصة بما يحدث للمرأة بعد الـ40 فى كلمات داخل مشاهد.
وقالت الروائية: "استوقتنى إن البطلة تقول إن والدتها قالت لها عندما نزلت الدورة الشهرية لأول مرة أنها أصبحت امرأة فماذا عنها حاليًا بعد أن توقفت الدورة الشهرية؟" وكان رد ابنتها عليها "أنتى أيضا يا أمى قلتى لى ذلك فى أول مرة نزلت لى الدورة الشهرية" ليوضح مدى توارث الأجيال لمفاهيم خاطئة لا يعلمون حقيقتها إلا عندما يكبرون فى السن وتؤثر على نفسيتهن بالسلب كثيرًا.
عرض فيلم اورور
وأضافت أن غريزة الأم واضحة فى القصة وتم إبرازها بشكل جيد، كما أن فكرة عدد البويضات المخصص لكل سيدة وتناقصها عبر العمر لم تكن واضحة لكل السيدات ودور الفن أن يدخل كل البيوت ويوعيهم بصحتهم بشكل سهل وبسيط.
جدير بالذكر أنه انطلقت فعاليات مهرجان الميدفيست "عن الطب فى الأفلام" بالأمس وتستمر اليوم وغدا، وتم عرض فيلم "أورور لبلاندين لينوار" الفرنسى فى العرض الأول بالوطن العربى، ليكون الموضوع الأساسى للمهرجان فى دورته الثانية هو صحة المرأة، والفكرة من المهرجان الربط بين الطب والفن، فالسينما تطرح أسئلة عن الصحة كثيرا، وهو الأمر الذى يجب الانتباه له، ويعرض المهرجان 22 فيلما من 10 دول مختلفة تتحدث عن كل ما يخص المرأة وصحتها.
