العلاقة بين الطبيب ومريضه، غالبًا ما تكون علاقة شديدة الخصوصية، فيما يجمعهم السرية والثقة الشديدة بين الطرفين، إلا أن العلاقة بين الطبيب والمريض المصرى، مختلفة بصورة كلية وجذرية عن شكل العلاقة التقليدية التي تجمعهما فى كل دول العالم.
المريض المصرى، جزء من المجتمع المصرى ككل، والذى يتميز في المجمل بخفة الدم، وحس الدعابة، وهو ما يترتب عليه كثرة المواقف الطريفة التي تجمع الطرفين.
الدكتور أنطوان سعد، "تونى" كما يحب أن يناديه أصدقائه، طبيب أمراض قلب شاب، كغيره من الأطباء، مر على مواقف عديدة مع المريض المصري المتفرد في شخصيته، لكنه قرر أن يستخدمه حسابه عبر موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، لتوثيق سيل المواقف التى يغلب عليها حس الفكاهة مع مرضاه، تحت هاشتاج أطلق عليه اسم "يوميات دكتور قلب".
أحد البوستات
البوستات التى تحكى معاناة الأطباء بشكل عام، وأطباء القلب بصورة خاصة، وجدت طريقها لقلب رواد موقع فيس بوك، وحققت انتشارًا، بسب خفة ظل كاتبها، و أسلوب السرد السهل، والذى لا يخلو من تأكيد على القضايا الهامة التى تمس الأطباء بصورة خاصة.
يقول "تونى" لليوم السابع، إن ما دعاه لكتابة هذه المواقف، هو طرافتها، ولتوثيق سير النبطشيات اليومية الخاصة به، ولكسر الروتين، مشيرًا إلى أن المريض المصرى ما زال لديه القدرة على مفاجئته رغم مرور سنوات طويلة على عمله كطبيب.
أحد المواقف والذى وثقه الطبيب الشاب في بوست عبر حسابه الشخصى :" فى تخصص أمراض القلب ده سمعنا شكاوى و لخبطة فى أسامى الأدوية كتير و قليل، إنما يجيلى عيان فى الاستقبال يقولى أنا عندى ضيق فى الشريان البلتاجى، جديدة دى، برضه المريض المصرى لازم يكون مختلف، الشريان البلتاجى الأمامى، يطلع إيه البلتاجى ده يا عمدة".
أحد المواقف الطريفة
وبوست ساخر آخر كتب فيه:" و بينما أحاول الوصول لشريان المريض أثناء عملية القسطرة و عند الوصول له، اندفع الدم من داخل الشريان بقوة ضغط دمه المرتفع ليغرق وجهى بالكامل، عندها فزعت و ارتعبت و اعتلت وجهى ملامح الخوف الممزوجة بالغضب .... ولكن عندما تذكرت أن لى 19 جنيه بدل عدوى .. عادت الطمأنينة إلى قلبى و ملأ السرور وجهى بإبتسامة الرضا و أكملنا العملية، و بكل سعادة ناديت بصوت عالى " هاتى شاش و كحول بسرعة يا أم أحمد "، الدم غرقنى والـ 19 جنيه بدل العدوى نجونى".
الزمان: الثانية بعد منتصف الليل
- بص يا افندم الحاجة عندها جلطة فى القلب وعلى حسب رسم القلب الجلطة بقالها أكتر من 48 ساعة و مش هينفع تاخد مذيب الجلطة و لازم تتحجز و تعمل قسطرة ضرورى فى خلال كام يوم
- بس يا دكتور أنا اعرف أن أى جلطة لازم تاخد مذيب يدوب الجلطة خصوصا أن هى تعبانة أوى
- أيوة بس ده لو كانت الجلطة حديثة إنما حضرتك رسم القلب بيأكد أن وقت مذيب الجلطة فات
و هنا نزل عليا بأعجب و أغرب جملة كالصاعقة :
- يعنى يا دكتور أنت هتصدق رسم القلب و تكدبها هى !!!
لحظة من الصمت الرهيب ، و هنا و عند الجملة دى بالتحديد بصيت للراجل بصة مازنجر لأبو الغضب و هو بيطلع الليزر من عينيه و بحلقت فيه أوى و كان هاين عليا اطلع مسدس و أضرب نفسى طلقة و استريح من الشغلانة دى".
موقف طريف آخر سرده الطبيب الشاب :" معنديش أى مشكلة أنهم يصحونى الساعة 4 الفجر فى المستشفى عشان عيان فى الاستقبال، اتعودت على كده، إنما أنزل اسأل العيان بتشتكى من إيه .. يقولى أنا حلمت إن جالى القلب و قمت من النوم مفزوع و جيت المستشفى عشان أطمن، حاولت أستوعب الجملة و قعدت أفكر أنا عملت إيه فى دنيتى عشان يحصل فيا كل ده!.
المهم بعد الكشف و رسم قلب عشان يتأكد أنه معندوش حاجة، سألنى السؤال المتوقع، دكتور كده أنا محتاج أدوية ؟ كان على لسانى أقوله أنت تاخد العلاج ده فى الحلم لمده أسبوع، بس لقيت نفسى بقوله لو فى توتر أو قلق ابعد عنه، قالى يبقى هى مراتى السبب منها لله هى اللى عامله فيا كل ده الله يخرب بيتك يا منال، كل دا بسببك يا منال".
بوستات أنطوان سعد
وموقف آخر تمثل في اقتراح من مرافق مريض أن يعمل التحاليل بدلًا من أبوه، وهو ما قابله الطبيب الشاب بصمت تام: "الزمان : العاشرة مساءا
المكان : فى استقبال الطوارىء فى مكان ما على كوكب الأرض ، يدخل راجل كبير فى السبعينات و معاه ابنه فى الثلاثينات
أنا : يا استاذ ابوك كويس جدا بس فى شوية تحاليل لازم يروح يعملها فى معمل كبير بره و تبقى تجيبلنا النتايج فى أى يوم فى العيادة
الابن : طب ينفع يا دكتور اسيبه فى البيت و أعملها أنا علشان هو حركته صعبة و مش بيرضى يسمع الكلام و لا بيخرج بالعافية
صمت تام تتخلله لحظات من الصمت التام برضه .... مقطعش حالة الصمت دى غير أننا سمعنا من بعيد شتيمة طالعة من واحد قريب مريض تانى لدكتور زميلنا غالبا من أوضة الجراحة
و بدون أى مسبقات لفيت بجسمى و مشيت و أنا بكلم نفسى و بحاول أقنع نفسى إن جايز هو اللى صح و أنا اللى فاهم غلط و اقول لنفسى أما أنت غريب جدا ايه المشكلة لما هو اللى يعمل التحليل بدل ابوه .. حاجة عجيبة، ويسألونى يا دكتور انت بتكلم ليه".
وبوست آخر :" فى حد من قرايبك يا حاجة عنده مشاكل فى القلب؟
- أه يا دكتور .. أم وليد عندها القلب ..
- تقربلك إيه ؟
- دى جارتى يا دكتور بس أكتر من أختى ...
- لا لو كده ابقى سلميلى عليها و قوليلها الدكتور بيقولك ألف سلامة يا أم وليد، يا مثبت العقل والدين يارب".
ويحكى موقف آخر يدل على خفة دم الشعب المصرى، :" أنت بتشرب سجاير يا حاج ؟
- لا يا دكتور الحمد لله
- عظيم ... طب كنت بتشرب و بطلت ؟
- كنت ... و بطلت الحمد لله
- بطلت من امتى ؟
- من انهارده الصبح، وساد الصمت التام فى غرفة القسطرة مع خلفية موسيقية للفنان شعبان عبد الرحيم "، هبطل السجاير بأمانة أول ما أركب دعامة".
مرضى القلب ومحمد صلاح
أحد المواقف
بوستات الطبيب الشاب
بوستات أنطوان سعد