حين استيقظ "أحمد عبد الوراث" هذا الصباح لم يكن مبتسمًا كعادته، تناول فطوره على عجالة وخرج، حتى أنه حين وصل إلى موقف ميكروباصات "البوهي" بمنطقة إمبابة، وجد نفسه ينادي بصوت واهن مهمومًا متعبًا "رمسيس .. رمسيس" وهو يطل بين الحين والآخر على ميكروباصه "الترامكو القديم" كأنه يودعه.
كان بال "عبد الوارث" مشغولا طوال الطريق من الوحدة إلى موقف رمسيس الذى يقطعه يومًا ذهابًا وإيابا على مدار 12 ساعة يوميًا بشكل متواصل، مُقلا الركاب إلى أشغالهم، بما أُشع مؤخرًا داخل الموقف منذ أيام، مفيدًا بحل الميكروباص "الترامكو والراما ورمسيس" إنتاج شركة النصر لصناعة وسائل النقل الخفيف بعد تصفية أعمال الشركة بشكل نهائى وتطبيق الحل فى سبتمبر من هذا العام 2018 حسبما اُشيع.
يتذكر "عبد الوارث" متى اشترى ميكروباص الترامكو عام 1987 من شركة النصر لوسائل للنقل الخفيف الكائنة بحلوان، وكيف قام بحل كل معداتها مع الوقت، مستبدلا إياها بآخرى يابانى جعلت من مركبته وسيلة انتقال عفية تشبه المركبة الحربية فى تكوينها وهي تقطع الشوارع بشكل، تهابه السيارات الخاصة التى تبدو بجوارها صغيرة قصيرة ضعيفة، كل ذلك حين يسترجعه عبد الوارث ويفكر بأنه ميكروباصه لن يعد له وجود، يشعر بالحزن والقلق مما هو قادم.
أحمد عبد الوراث سائق بموقف البوهى
يقول عبد الوراث لـ" اليوم السابع " الذى يقلقنى إننى لا أعرف شيئًا عن قرار الحل.. قالوا أن الحل فى سبتمبر دون إعلان أى تفاصيل.. ما سعر السيارة؟ وكم سيكون قسطها؟ وهل سنتمكن من إمكانية السداد فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة؟ وهل حين نتعثر فى السداد سنجد أنفسنا خلف القضبان ونحن فى أرذل العمر؟
ويستطرد عبد الوارث: "أنا اعمل بشكل دورى يومى لمدة 12 ساعة دون إجازات مناسبات أو عطلات أسبوعية حتى أتمكن من توفير احتياجات أولادى، مشيرًا إلى أن لديه ابن فى الكلية، وابنه فى الثانوية العامة وصغير فى مرحلة التعليم الأساسى، كل ذلك يقلق عبد الوارث من قرار الحل الغامض.
ويلفت عبد الوراث إلى أن ميكروباصه الترامكوا يعد أقدم مركبة فى موقف "البوهى" صناعة شركة النصر لوسائل النقل الخفيف التى تجاوز عمرها الآن 30 عامًا.
محمد فوزى سائق على خط رمسيس
بينما يتفاءل محمود فوزى صاحب آخر ميكروباص راما تم إنتاجه من قبل الشركة عام 1992، من الأخبار التى أشيعت داخل الموقف، قائلا: "أنا مع قرار الإحلال لأن السيارة كلفتنى عناء كثيرا بعد إحلال كل معداتها واستبدالها بأخرى يابانى، مشيرًا إلى أنه كثيرًا ما يتردد على الميكانيكى لإصلاح السيارة.
وتابع فوزى لـ" اليوم السابع " السيارة الجديدة ستكون حلا جيدًا لمشاكلى وسنلتزم بسداد الأقسام، لأن قيمتها فى النهاية ستكون على نفس مقدار ما نتكلف به فى إصلاح الميكروباص بشكل شبه شهرى.
تلك الشائعات التى ترددت بقوة داخل مواقف الميكروباصات لم تكن لها أى سند معلوماتى حقيقى، سوى محاولات ربط البعض بين تصريحات مصفى شركة النصر المهندس طلعت أبو النصر، الذى أعلن تصفيتها بشكل كامل ونهائى بعد خسائرها المالية التى بلغت 117 مليون، وبين قرار الحل المزعوم.
الأمر الذى نفاه جملة وتفصيلا محمد معيط نائب وزير المالية لشئون الخزانة قائلا لـ"اليوم السابع" إن هذا الموضوع لم يطرح للنقاش.
إلا أن الشائعة تبقى لها أثر واحد يرجع إلى عام 2010 وقتما أعلنت وزارة المالية مشروع "إحلال الميكروباص" على مراحل، مرحلته الأولى استبدال 60 ألف سيارة ميكروباص مضى 30 عاما أو أكثر على إنتاجها بأخرى جديدة فى القاهرة والمحافظات، بالإضافة إلى تخصيص وزارة الداخلية 66 ألف متر مربع عند الكيلو 33 طريق مصر ــ إسكندرية الصحراوى للمشروع، واشترك آنذاك الداخلية والمالية فى وضع ملامح المشروع، الذى لم يتحقق منه أى شىء بعد تغير الأحداث السياسية وقيام ثورتى 25 يناير و30 يونيو.
عماد الدين مصطفى رئيس القابضة للصناعات الكيماوية
وعلى الجانب الخاص بشركة ناصر لوسائل النقل الخفيف الترامكو، التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، قال رئيس مجلس إدارتها عماد الدين مصطفى: "قرار تصفية الشركة بشكل نهائى سيجرى خلال شهر سبتمبر المقبل".
وأوضح رئيس القابضة للصناعات الكيماوية لـ"اليوم السابع" أن الشركة تجاوزت خسائرها أكثر من 50% فتم عرضها على الجمعية العمومية التى اتخذت قرارًا بتصفيتها مشيرًا إلى أن أى شركة فى العالم تتجاوز حجم خسائرها النصف يتخذ دائمًا القرار أما بتصفيتها أو بيعها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة