الانبا ارميا

"سماء أو قبر!!"

الجمعة، 13 أبريل 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ماذا يكون شكل الحياة حين تخلو من المحبة ؟! سؤال رنت أحرفه وكلماته فى أعماقه، وبدأت تتوارد الصور فى مخيلته الواحدة تلو الأخرى؛ بعضها من أيام طفولته حين كان يشعر بالود الذى يسود حياة أفراد أسرته الصغيرة ممتدًا إلى أسرته الكبيرة. فكيف له أن ينسى تلك المناسبات التى تجتمع فيها أفراد العائلة من كبيرهم إلى صغيرهم حول جَدته وجَدته يتبادلون مشاعر الود، والضحكات الصافية التى لا ترسُم أمامه مستقبلاً حافلاً بالآمال والأحلام. وفجأة، اكتست ملامحه بالحزن، مرددًا فى كلمات أشبه بالهمس: لقد تغيرت الحياة كثيرًا !
قد نرى الحياة تغيرت، وبالفعل لا يستمر أمر على حاله فهو إنما يتغير إيجابيًّا أو سلبيًّا. أمّا التوقف وعدم التغير، فهو إحدى سمات الموت وعدم الحياة. لذٰلك إن كان بعض الناس يرى أن الحياة قد تغيرت إلى الجانب السلبى أكثر، فيجب أن نتوقف لنرى ماذا قدمنا، وكيف سلكنا لتصبح ذٰلك هو نهجها الغالب عليها. ولٰكن دعنى أولاً، صديقى، أقول لك إن المحبة والود والخير لم يغادرا عالمنا بعد، فعلى الرغم من ازدياد تلك الرؤية المحبطة لكثيرين، فإنه ما تزال هناك قلوب تمتلئ بالخير والود للجميع، ولا تزال هناك أيدٍ تمتد لتساعد وتضمد آلام الآخرين.
أمّا عن شكل الحياة متى فقدت المحبة والود والتعاطف، فدعنى أقول إنها لم تعُد حياة، بل فقدت كل معانيها؛ يقول مثلث الرحمات "البابا شنوده الثالث" : "ازرع الحب فى الأرض تصبح الأرض سماءً. انزع الحب من الأرض تصبح الأرض قبرًا." ؛ إنه الفرق بين الموت والحياة. كيف يكون حال أسرة متى فقدت بين أفرادها المحبة والود؟ ألا تصير مثل غابة تتصارع فيها القوى لتضع نهاية الجميع؟!! ألا ترسُم الكآبة ملامحها على نفوس أفرادها وقلوبهم ؟!! ألا يحدث فيها ما يَكسِر القلوب والنفوس ؟!
 
قرأت بالأمس عن مشهد فى أحد البلاد شهِدته إحدى الضواحى عندما وجد سكانها سيدة مسنة فى الثامنة وسبعين ملقاةً على قارعة الطريق من دون ماء أو طعام أو دواء أو أى شىء يمكّنها من الاستمرار فى الحياة؛ كانت العجوز منكسرة النفس والقلب لا تكُف عن البكاء، وتجمع حولها أبناء الضاحية فى محاولة لمساعدتها مقدمين إليها الطعام والشراب.
 
ذكرت العجوز أن ابنتيها قررتا التخلص منها وتركها فى الشارع بعد أن اتهمتاها بالجنون!!! اصطحبت البلدية السيدة إلى أحد المستشفيات لتلقى العلاج اللازم لها، فى حين جرى البحث عن مكان لإيواء تلك الأم العجوز التى تُركت لمواجهة قسوة الحياة. ولكن أعتقد أن الأمر الأصعب على قلب تلك السيدة العجوز هى تلك القسوة التى تملكت من قلبَى ابنتيها.
 
أمّا عن زرع المحبة، فـ... فللحديث بقية.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة