اتسمت العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية، على مدار ما يزيد عن 70 عامًا بتوتر شديد تخلله بعض الانفراج لفترات قصيرة منذ انتهاء الحرب الكورية، إلا أن المرحلة الأخيرة من الخلافات بين البلدين وصلت إلى ذروتها بما جعل العالم يترقب حرب نووية وشيكة، وذلك على خلفية الحرب الكلامية الحادة بين الزعيم الكورى الشمالى، والرئيس الـ45 للولايات المتحدة.
وفيما يبدو أنها انفراجة تاريخية غير مسبوقة، جرى الاتفاق بين كيم جونج أون، ودونالد ترامب، على إجراء حوار مباشر دون وسيط، خلال شهر مايو المقبل، لبحث سبل تخلى بيونج يانج عن ترسانتها النووية والباليستية، بما يكفل نزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية، وذلك على أساس هام وهو حفظ أمن وسلامة كوريا الشمالية من أى تهديدات عسكرية.
ومع التطور النوعى الطارئ على الأزمة الكورية الشمالية، الذى جاء بتقدم مفاجئ وغير متوقع انعكس فى قابلية الزعيم الكورى الشمالى للحوار حول التخلى عن أسلحته الباليستية والنووية وتجميد كافة أنشطة التسليح فى هذا المجال، يستعرض "اليوم السابع"، فى سؤال وجواب، مراحل تطور العلاقات الأمريكية - الكورية الشمالية، على مدار 70 عامًا من الخلافات والتوتر.
س: كيف بدأت المواجهات بين أمريكا وكوريا الشمالية؟
ج: جاءت بداية دخول واشنطن على خط المواجهة مع الشطر الشمالى خلال العام 1945 عندما انتهى الاحتلال اليابانى لشبه الجزيرة الكورية بهزيمة طوكيو فى نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث قسمت كوريا على طول خط العرض 38، إلى شمال يدعمه الاتحاد السوفيتى فى عهد كيم إيل سونج، وشطر جنوبى، تحت حماية الولايات المتحدة.
وفى يونيو 1950 اجتاحت كوريا الشمالية، الجنوب، بدعم من الصين والاتحاد السوفيتى، لكن تحالفًا بقيادة الولايات المتحدة استعاد سول، ووقعت فى يوليو 1953 هدنة لم تتحول إلى اتفاق سلام، وفرضت واشنطن عقوبات على كوريا الشمالية.
س: كيف تطورت الأزمة بين البلدين فى عهد الجد المؤسس لكوريا الشمالية؟
ج: فى يناير 1968، أسرت كوريا الشمالية، "يو اس اس بويبلو"، مؤكدة أنها "سفينة تجسس" أمريكية، وبعد احتجاز دام 11 شهرًا، أفرج عن أفراد الطاقم الأمريكيين البالغ عددهم 83 شخصًا، وأكدت بيونج يانج، أن السفينة انتهكت مياهها الأقليمية، لكن الولايات المتحدة نفت ذلك.
س: ما هى اجراءات التهدئة بين واشنطن وبيونج يانج أواخر القرن العشرين؟
ج: فى يونيو 1994، بدأت أحدى مراحل التهدئة بين واشنطن، وبيونج يانج، حيث قام الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر، برحلة غير مسبوقة إلى كوريا الشمالية.
وفى أكتوبر من نفس العام – أى بعد 3 أشهر من وفاة كيم إيل سونج الذى تولى ابنه "كيم جونج إيل" السلطة بعده - وقعت بيونج يانج وواشنطن، اتفاقا ثنائيا، وتعهدت كوريا الشمالية تجميد وتفكيك برنامجها النووى العسكرى مقابل بناء مفاعلات مدنية.
وخلال العام 1999 أى بعد عام على إطلاق أول صاروخ باليستى بعيد المدى، أصدر "كيم جونج إيل"، قرارات بتجميد التجارب الصاروخية، وخففت واشنطن العقوبات، وفى أكتوبر 2000، التقت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت، الرئيس "كيم جونغ إيل" فى بيونج يانج.
س: متى عاد التوتر مرة أخرى بين واشنطن وبيونج يانج؟
ج: لم تلبث أن تستمر حالة الهدوء طويلًا بين واشنطن وبيونج يانج، حيث توترت العلاقات مرة أخرى فى يناير 2002، حيث قال الرئيس الأمريكى جورج بوش، إن إيران والعراق وكوريا الشمالية تشكل "محورًا للشر"، واتهمت واشنطن، بيونج يانج، بامتلاك برنامج لإنتاج اليورانيوم العالى التخصيب فى انتهاك لاتفاق 1994.
وفى أغسطس 2004، أعلنت كوريا الشمالية، أنه من المستحيل المشاركة فى مفاوضات جديدة حول برنامجها النووى مع الولايات المتحدة، ووصفت "بوش"، بأنه "طاغية اسوأ" من هتلر و"غبى سياسى"، وأعقب ذلك فى فى العام 2006، إجراء بيونج يانج، تجربتها النووية الأولى.
س: هل استمر النزاع طويلًا بين أمريكا وكوريا الشمالية مع بداية القرن الـ21؟
ج: فى أكتوبر 2008، شطبت الولايات المتحدة، كوريا الشمالية، من لائحة الدول المتهمة بدعم الإرهاب مقابل مراقبة كل المنشآت النووية للنظام الشيوعى، وكانت أدرجت بيونج يانج، على هذه اللائحة العام 1988 بسبب اتهامها بالتورط فى اسقاط طائرة ركاب كورية جنوبية فى 1987 ما أدى إلى سقوط 115 قتيلًا.
س: هل تأثر المواطنين الأمريكيين فى كوريا الشمالية بسبب خلافات البلدين؟
ج: أثرت خلافات واشنطن وبيونج يانج، على حياة الأمريكيين المقيمين فى كوريا الشمالية بشكل كبيرة، ففى يناير 2016، أوقفت السلطات الكورية الشمالية، طالب أمريكى يدعى "أوتو وارمبييه"، وحكم عليه بالسجن مع الأشغال الشاقة 15 عامًا بتهم سرقة إعلان دعائى، والذى توفى فى يونيو 2017 بعد أسبوع على إعادته إلى بلده وهو فى حالة غيبوبة، كما سبق وسجن عدد من الأمريكيين لسنوات قبل أن يتم الإفراج عنهم، ومازال 3 أمريكيين معتقلين فى كوريا الشمالية.
س: ما هى تطورات صراع البلدين عقب وصول ترامب إلى السلطة؟
ج: دخلت العلاقات الأمريكية – الكورية الشمالية، مرحلة صعبة من الصراع عقب وصول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، إلى الحكم، حيث شهد العام الماضى توترات شديدة بين البلدين إثر حرب كلامية شعواء بين ترامب والزعيم الكورى الشمالى، ففى الثانى من يناير 2017، أكد دونالد ترامب، أن كوريا الشمالية لن تكون أبدًا قادرة على تطوير سلاح ذرى قادر على بلوغ الأراضى الأمريكية.
وكرد سريع، فى يوليو من العام ذاته، أطلقت كوريا الشمالية صاروخين عابرين للقارات، وأكد "كيم جونج أون"، أن كل الأراضى الأمريكية باتت فى مرمى صواريخه، وهو ما قابله ترامب، فى الثامن من أغسطس، بتوعد الشطر الكورى الشمالى "بالنار والغضب".
وفى 28 أغسطس، أطلقت بيونج يانج، صاروخًا باليستيًا عبر أجواء اليابان، ما دفع "ترامب"، ليؤكد أن التفاوض مع كوريا الشمالية ليس الحل، وفى الثالث من سبتمبر، أجرى الكوريون الشماليون تجربة نووية سادسة، مؤكدين أنهم اختبروا قنبلة هيدروجينية.
وبعدما هدد أمام الأمم المتحدة، كوريا الشمالية، "بتدميرها بالكامل"، ووصف زعيمها بأنه "رجل صاروخ" يقوم "بمهمة انتحارية"، أرسل ترامب فى 23 سبتمبر، قاذفات أمريكية قرب السواحل الكورية الشمالية، فى رد على إمكانية اجراء تجربة نووية فى المحيط الهادى تحدثت عنها بيونج يانج.
وردًا على ذلك، هددت كوريا الشمالية على الفور بإسقاط الطائرات فى المستقبل، واتهمت دونالد ترامب، بإعلان الحرب عليها، وفى 26 من الشهر نفسه، فرضت واشنطن عقوبات على 8 مصارف كورية شمالية و26 فردًا متهمين بتأمين تمويل لتطوير البرنامج النووى لكوريا الشمالية.
س: كيف وصلت بيونج يانج وواشنطن إلى مرحلة الحوار التاريخية؟
ج: فى فبراير 2018، شهدت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية فى مدينة بيونج تشانج، بكوريا الجنوبية، تقاربًا مفاجئًا بين الكوريتين، كما التقى مبعوثا البلدين فى بيونج يانج.
وقال شونج أوى يونج، مستشار الأمن القومى للرئيس الكورى الجنوبى، أن "كيم جونج أون"، يتحدث عن امكانية اجراء حوار صريح مع الولايات المتحدة لمناقشة نزع السلاح النووى، ويؤكد أنه مستعد لتعليق كل تجربة نووية أو صاروخية خلال المفاوضات.
وفى 08 مارس الجارى - خلال زيارة إلى البيت الأبيض - أعلن "شونج"، أن "كيم جونج أون"، دعا الرئيس ترامب، إلى عقد لقاء بحلول شهر مايو المقبل، وفى المقابل، أكدت الرئاسة الأمريكية، أن "ترامب"، قبل الدعوة، لكنه أكد أن نظام العقوبات القصوى سيبقى قائمًا.