عبد الفتاح عبد المنعم

لماذا تصر الولايات المتحدة الأمريكية على فرض الديمقراطية فى العالم بالقوة؟

الخميس، 08 مارس 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أواصل قراءاتى فى الملف الأمريكى، وسياسات البيت الأبيض تجاه دول المنطقة العربية، وتأثير علاقتها الحميمة مع إسرائيل التى تعد أحد معوقات إقامة علاقات طيبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية، فتحت عنوان «لعبة الديمقراطية.. أمريكا نموذجا» كتبت الدكتورة «نهى قاطرجى» دراسة عن لعب أمريكا فى عقول شعوب العالم كله، ومن بينهم العالم العربى، تقول الدراسة: لعل أول هذه المصالح القديمة الجديدة تلك المتعلقة بتعزيز المصلحة الاقتصادية الأمريكية، التى تهدف فى سياستها الخارجية إلى تحقيق مصالح أمريكا الاقتصادية، فإذا علمنا أن أمريكا فى الوقت الراهن تعانى من أزمة اقتصادية خانقة كما عبر عنها «باتريك سيل» فى مقالة فى مجلة «العالِم» عدد سبتمبر 2002 بقوله: «تواجه أمريكا أزمة مالية خانقة تأخذ أبعادًا كارثية وقد تكون مقبلة على انهيار اقتصادى كبير مشابه للذى حدث عام 1929»، يمكن أن نتخيل مدى الانفراج الاقتصادى الذى تناله أمريكا بعد استيلائها على النفط العراقى الذى يشكل ربع مجمل الاحتياط العالمى أو ما يعادل 112 مليار برميل من النفط.
 
فإذا كان هذا هو مفهوم الديمقراطية المطبقة فى أمريكا يمكن لنا فى هذه الحالة أن نتصور أسباب إصرار هذه الدولة على تعميم هذا النموذج على العالم بأسره، وخاصة على الدول النامية والمتخلفة، والتى يدخل من بينها عدد كبير من دول العالم الإسلامى والعربى، ويمكن لنا أيضًا أن نتساءل عن هذه الديمقراطية المطاطة التى تختلف من زمن إلى آخر، حتى إن هذا الاختلاف قد يقع فى الدولة نفسها، فتارة يكون حاكم هذه الدول نموذجًا مثاليًا للديمقراطية، ويصبح تارة أخرى من ألد أعداء هذه الديمقراطية.
 
وتوضح الدراسة أنه من النماذج المعروفة عن موقف أمريكا الديمقراطى هذا موقفها مع «ماركوس» رئيس الفلبين السابق الذى كان منذ أمد غير طويل ديمقراطيًا نموذجيًا، «رجل نذر نفسه للديمقراطية»، كما كان يقول الرئيس الأمريكى رونالد ريغان، أما نائبه جورج بوش وقتها فقد أعلن فى مانيلا قائلًا: «إننا نحب تمسكك بالديمقراطية وبالعملية الديمقراطية وخدمتك للحرية». بيد أن هذا كان قبل أن يفقد ماركوس السيطرة، ففقد بذلك مؤهلاته كديمقراطى محب للحرية.
 
إن التأرجح فى فهم أمريكا لمصطلح الديمقراطية رافقه تأرجح فى فهم مصطلحات أخرى مرتبطة بالديمقراطية روجت لها أمريكا وعملت على تعميمها على العالم، مثل مصطلح العنف والإرهاب، فالملاحظ فى الديمقراطية الأمريكية وجود نوعين من العنف فى قاموسها، نوع يعد إرهابًا ونوع آخر يعد «فنًا من فنون الحكم» أو «خطأ من الأخطاء القابلة للفهم»، ففى دراسة قام بها كل من «نعوم شومسكى» و«إدوارد هرمان» حول موضوع القوة والعقيدة فى الولايات المتحدة «استعرضا نوعين من الفظائع» «حمّامات دم حميدة وبنّاءة» و«حمّامات دم شائنة» يرتكبها الأعداء الرسميون، ورد الفعل هنا يسير على منوال التعاون مع الإرهاب.
 
ويثير النوع الثانى من حمّامات الدم غضبًا عظيمًا كما يستدعى فى غالب الأحيان خداعا وتلفيقًا على نطاق واسع، بحيث يصبح كل من يدافع عن وطنه إرهابيًا، فالفلسطينى إرهابى، والأفغانى إرهابى، والعراقى إرهابى، كل هؤلاء إرهابيون لأنهم يدافعون عن كيانهم ووجودهم.
 
بينما يجرى تجاهل وإنكار النوع الأول من حمّامات الدم أو حتى يجرى الترحيب به أحيانًا، ومن نماذج هذا النوع المبارك على الصعيد الداخلى، أى عنف يمكن أن يخدم مصلحة أمريكا التوسعية، مثل العنف الممارس ضد «الزنوج الذين شيّد الرأسماليون الأمريكيون ثرواتهم الأولى على آلام الملايين منهم، والذين اختطفوا من أرجاء أفريقية، وكذلك الأمر بالنسبة للملايين من الأوروبيين الذين استغلوا بتجارة الرقيق الأبيض، إضافة إلى مئات الألوف من المكسيكيين والصينيين والفلبينيين الذين استُغلوا فى إنشاء السكك الحديدية والمزارع الرأسمالية فى البقاع الجنوبية الغربية بأجور بخسة وأجواء من العمل غير ملائمة». أما الهنود الحمر، سكان بلاد الولايات المتحدة الأصليون، الذين انتزعت منهم أراضيهم، فقد قامت الديمقراطية الأمريكية بإسباغ لقب مواطن أمريكى على كل «غازى أبيض» يقتل هنديا ويسلب أمواله وذلك تحت مبدأ «حرية الدفاع عن النفس» وضد من؟ ضد السكان الأصليين المالكين للأراضى والذين كل ذنبهم أنهم يدافعون عن حقوقهم.
 
من هنا لا نستغرب تلك الحملات الإعلامية الشرسة التى شنتها أمريكا على العراق، وإلقاءها القبض على أبنائه وقت وجودها العسكرى هناك وإذلالها لشعبه، الذى كان ذنبه أنه يقاوم العدوان الغاشم على أراضيه، فلقد اتبعت أمريكا هذه السياسة من قبل فى نيكاراغوا، حيث كان البيت الأبيض والكونجرس ووسائل الإعلام ينظمون بين حين وحين حملات لفضح شيمة الغدر فى نفس الضحية: أسلحة لعصابات من السلفادور... طائرات ميج لتهديد نصف الكرة الأرضية الغربى.. إلخ. «يتبع»






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة