البطولة تصنعها المواقف، والرجال تخلقهم الشدائد، والتاريخ يسجل فيه اللحظات الصعبة، وتبقى الأحداث الكبرى مؤسسة لما بعدها، فكل حدث كبير له ما قبله وما بعده، وكل تاريخ مميز هو مرحلة انتقال من وضع إلى وضع، وتبقى زيارة شمال سيناء ضمن العملية الشاملة، هى الزيارة الأكثر ثراء فى عمل المراسل الحربى خلال الفترة الحالية، يزيد الأمور خطورة وإثارة أن يحدث عمل إرهابى كبير وأنت موجود فى محيط التفجير، وتكتشف أن الحدث على مستوى كبير، وأن النتيجة إذا تم هذا العمل سيكون مردودها قوى للغاية.
فجر اليوم المشهود، بدأت طلقات النيران تنتشر فى الأجواء، ومع الأذان يعلو " الله أكبر"، كانت الأسلحة المختلفة يدوى صوتها فى سكون الساعات الأولى من النهار، وانفجار مكتوم يبدو صوته فى محيط مقر الإقامة، بعد دقائق معدودة كانت الأخبار ترد من الضباط والمجندين، هناك عمل إرهابى على أحد المواقع الأمنية التى نقيم فى محيطها، وأن أفراد الخدمة تعاملوا معها ونجحوا فى إحباط الهجوم.
فى هذا اليوم كنا نخطط لزيارة ميدانية أخرى إلى أحد أماكن جهود العملية الشاملة سيناء 2018، إلا أن كل ذلك تبدل كليا، فالعناصر الإرهابية كانت تخطط لعمل إرهابى كبير، يستهدف أبطال الجيش والشرطة، وتهدف الضربة لرفع معنويات العناصر الإرهابية المحاصرة بقوة داخل شمال سيناء، لعمل ضجة إعلامية يمكنهم من خلالها التأثير على معنويات القوات المشاركة فى العملية الشاملة، ولكن كل تلك المخططات تحطمت تحت أقدام أول جندى على أسوار الموقع المستهدف، رغم أن كل التخطيطات كانت توحى بنجاح العملية الإرهابية نظريًا، فالأربع تكفيريين يرتدون زى للقوات المسلحة بالشكل الجديد، ولديهم ثقة مفرطة ربما نتجت عّن أفكارهم فى المقام الأول وزادتها المخدرات إفراطا، وأيضاً مكان الاستهداف، فأهمية الكتيبة يعلمها الجميع، ورغم كل ذلك فإن التوفيق الله عز وجل والكفاءة والتدريب والتأهيل، جعلت كل ذلك خبرا يضاف لاخبار كثيرة من اخبار القوات المسلحة يتضمن القضاء على عناصر ارهابية وتكفيرية، لكن الاختلاف هنا اننا كنا موجودون.
"اليوم السابع" شاهد على التاريخ
الخلية الإرهابية بشقها الظاهر تتكون من 4 عناصر تكفيرية مفخخة، اعتمدت تلك العناصر على فكرة التسلل لمحيط الموقع لتفجيره، وذلك لتحقيق الآهداف السابق ذكرها، واستغلت فى ذلك اليوم تقلب الأجواء، حيث تهطل الأمطار بغزارة ولكن كان الله لهم قبل الجيش المصرى بالمرصاد.
العنصر التكفيرى الأول توجه إلى بوابة الموقع فحاول إصابة جندى فى برج علوى، ولكن كان هناك جندى آخر فى البرج المقابل، استطاع ضربه وإصابته اصابة فى الحزام الناسف فانفجر فيه.
إحباط الهجوم إرهابى على ارتكاز أمنى بسيناء
وخلال لحظات كان كل فرد من أفراد الموقع يرتدى شدته وسلاحه للتعامل مع المحاولة الإرهابية، وفقا لما تم تدريبهم عليه، وبينما كانت الجنود تنتشر، توجه الإرهابى الثانى إلى أحد العربات المدرعة، فحاول فتح الباب بجوار السائق، لكن قوات التأمين كانت له بالمرصاد فأردته قتيلا، بينما تعاملت قوات التأمين مع العنصرين الثالث والرابع مباشرة، وانفجر فى أحدهم حزامه الناسف فتحول إلى أشلاء.
يقول أحد ضباط الموقع، أنه أثناء تواجده فى الموقع سمع هتاف الخدمة بوجود هجوم، مشيرًا إلى أن هناك تكفيرى اقترب من البوابة بحزام ناسف وبندقية آلية حيث تم التعامل معه والقضاء عليه.
إحباط الهجوم الإرهابى على أحد الارتكازات الأمنية
ويضيف أن الإرهابى الثانى اقترب من أحد الخدمات الأخرى، فقامت الخدمة بالتمركز والتعامل معه فتم تصفيته أيضًا، وانفجر فيه الحزام الناسف، قائلًا: "الحمد لله كلنا وقفنا مع بعض ودافعنا عّن كيان وحدتنا مكنش فيه فرق، وأملنا من ربنا كبير، تعاملنا مع العناصر الإرهابية وقدرنا نصفيهم بأقل خسائر".
وتابع قائلًا: "لنا هدف أننا نحمى كيانا وارتكازنا، ونحمى القوات المسلحة لأنها الدرع الواقى للبلد كلها، لأن العملية الشاملة هدفها تطهير مصر كلها، لذلك فمواجهة العناصر التكفيرية والإرهابية والقضاء عليها هو هدف من أهداف العملية الشاملة، ولكن الهدف الأكبر هو القضاء على محاولات وضع تلك الجماعات فى مصر، ولذلك مصر ستظل دولة قوية قادرة على حماية حدودها، ولن ترضخ لجماعات إرهابية ظنت أنها بتخريبها دولا أخرى أنها تستطيع أن تفعل ذلك مع مصر".
ووجه رسالة للتكفيرين قائلا: " يا داعمين الإرهاب أما كفاكم القتل والحرق والخراب، أما كفاكم السلب والنهب والاغتصاب، قتلتم حرقتم نهبتهم سلبتم اغتصبتم، أو أنتم الآن من الأسياد، يا داعمين الإرهاب، لمن تدفعون .. ضد أخوانكم تدفعون، على من تحرضون .. على أشقائكم تحرضون، ولأى غرض تسعون .. على القتل والخراب تسعون، وأى عائد كسبتم، وأى تاريخ سجلتم، ياداعمين الارهاب، كم من آسر شردتم، وكم من رجال قتلتم، وكم من أطفال يتمتم، أو أنتم الآن من الأسياد، يا داعمين الإرهاب، قد نهى الله عّن الفساد، فلما كل هذا العناد، وقد حرم الله قتل العباد، يا داعمين الإرهاب، لدينا جنود، بل لدينا أسود ، أسود أسود ، بتاريخ مشهود ، يومهم ممدود، عزمهم معهود، يوفون بالعهود، حطموا القيود، وأملهم ممدود، بإصرار مشدود، من رب ودود، أن يحموا الحدود".
ويوجه الضابط رسالة لابنتيه، قائلا: " متخافوش، أبوكم بطل فى جيش أبطال، قادر على أن يحمى بلده ووطنه، وبإذن الله منصورين".
ومن جهته قال أحد جنود الموقع وهو من المنصورة: "كنت فى فترة الراحة، حيث سمعنا صوت إطلاق نيران، وكلمة " حرس سلاح"، كل منا قام بشد مهمته والتأكيد على تسليحه، وتم التعامل مع كل العناصر الإرهابية، حيث تم القضاء عليها.
وأضاف: "حاسس بالفخر وشايف إنى بعمل حاجةً مهمة، ووالدى قالى اشفلك واسطة ووالله رفضت، لأن فخر ليا إنى أموت على سلاحى، لأن اليمين الذى أديته فى بداية التحاقى بالجيش أن أحمى بلدى وسأعمل به".
إحباط الهجوم الإرهابى على أحد ارتكاز أمنى
وعن فترة جنديته فى القوات المسلحة، أكد أنها علمته الكثير منها الثبات على الموقف واتخاذ القرار المناسب، والثقة فى السلاح وفى النفس، وتعلمت أن سلاحى لا أتركه قط حتى أذوق الموت، كما تعلمت أن التدريب المستمر طوال الفترة الماضية، هو الطريق الصحيح للعمليات التى ننفذها اليوم.
فى السياق نفسه، يقول جندى من البحيرة، أنه كان يتواجد مع الضابط الشهيد أحمد الشاذلى، حيث توجهنا إلى منطقة الاشتباكات، ووجدنا تكفيرى، اصبناه، وفجر نفسه، واصيب الضابط بشظية أدت لاستشهاده.
وعن خروجه مع الضابط الشاذلى فى مداهمات سابقة، أكد أن الضابط الشاذلى ضابط احتياط وكان دائمًا يشارك فى المداهمات، وكان يتبقى على خروجه من الجيش شهر تقريبًا، مشيرًا إلى أنه كان شخص ودود للغاية، وكان يقول "لازم نقف بقلب فى أى عملية، لأن دفاعنا عّن بلدنا هو أعلى مراتب الكرامة وعزة النفس".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة