نهير عبد النبى

ويبقى الأثر.. وداعاً أحمد صبرى

السبت، 24 مارس 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت رحالة فى الخير.. تسافر دائماً لتبحث عن معاناة الآخرين ومتطلباتهم وتلبيها، كنت تحمل على ظهرك كل ما جمعته أنت ورفقاؤك من التبرعات، ولم تشتك لحظة واحدة من ثقلها أو من الحمل الزائد عليك، تبتسم دائما وتقول "متقلقوش أنا وحش وبتحمل".
 
 تعلمنا منك الخير وتعودنا على شهامتك ورجولتك، فيكفى يا صديقى تفاصيل يوم زفافك، ليلة العمر التى قضيتها تحاول مساعدة صديقك الذى أخبرك بمرض عمته المفاجئ لتسرع بنقلها معه إلى أحد المستشفيات، ولم تتردد لحظة واحدة وتركت تحضيرات الزفاف والمعازيم لتقوم بوظيفتك الأساسية فى الحياة وهى "مساعدة المحتاجين".
أحمد صبرى
أحمد صبرى
"أحمد صبرى فى ذمة الله"، منذ أن رأت عينى هذه الكلمات على صفحات الفيس بوك استرجعت ذكرياتى وبدايتى فى العمل الخيرى، رحلت عنا ولن يرحل جميلك ودورك فى تغيير جزء كبير من شخصيتى، فمنذ أكثر من 4 سنوات، كنت لا أعرف"ما هو العمل التطوعى"، فقط أشاهد على صفحات الفيس بوك صور تجمعات لشباب وبنات من محافظات مختلفة يحتفلون بالأيتام ويوزعون شنط رمضان، فدورهم فى الحياة هو مساعدة الفقراء والمحتاجين، شعرت بالغيرة الشديدة..وتمنيت أنا أكون واحدة من هؤلاء الأبطال، وبحكم عملى كـ"صحفية" تواصلت مع أحمد صبرى لتغطية " إيفنت خيرى"، وهنا كان لقائى الأول مع وحش الخير.
 
تعلمت منه ما هو العمل التطوعى.
تعلمت منه أن أساعد الفقراء والمحتاجين دون مقابل أو تكريم. 
تعلمت منه أن أكون بشوشة أمام الآخرين حتى لو كانت هموم الدنيا تلاحقنى.
تعلمت منه طريقته البسيطة وخفة دمه لجذب الأطفال.
تعلمت منه طريقة إعداد شنط رمضان وموائد الرحمن.
30 عاماً هو عمرك الذى قضيت أكثر من نصفه فى العمل التطوعى، كان آخره 14 مارس 2018، عندما ذهبت مع رفقائك فى الخير لتحضير شنط رمضان وأثناء عودتك على الموتوسيكل الذى طالما حلمت بشرائه لتستقله فى مشاوير الخير صدمتك سيارة، ولكنها صدمتنا جميعا وكسرت قلوبنا.. وهنا توقف الزمان لمدة 7 أيام قضيتها فى الغيبوبة. 
 
فكما كنت تصارع وتحارب متاعب الحياة وتنساها بالعمل الخيرى.. قاومت المرض والوجع 7 أيام.. امتلأت فيهم قلوبنا بالألم الذى قاومناه بالصبر والدعاء فكان رد الأطباء علينا دائما "إحنا محتاجين معجزة عشان يعيش".. 7 أيام هى الفترة التى جمعت كل المبادرين من جمعيات خيرية مختلفة أمام غرفتك رافعين يدهم للسماء لا يرددون سوى كلمة واحدة "يارب نجيه"، أصدقاؤك.. أهلك.. زوجتك، حتى الأطفال الذين كنت تقوم بإطعامهم وإسعادهم استمروا فى الدعاء لك، ولكن الله اختارك ونحن رضينا بقضائه وقدره.
صبرى
صبرى
 
فارقتنا يا وحش الخير ولكن أعمالك ستشفع لك وتهون عليك وحدتك فى القبر، فماذا بينك وبين الله لتكون جنازتك كالعرس المهيب حضرها شباب وبنات الخير، الكبير والصغير بكى عليك ولكنهم أقسموا أمام الله أن يكملوا مسيرتك، وأن تكون بينهم فى كل القوافل والحفلات الخيرية، فكم من صدقات جارية وإطعام مساكين ومساعدة فقراء وغيرها من الأعمال أتمها أصدقاؤك لترتاح فى قبرك، فأنت لا تحتاج دعاءنا .. نحن من نحتاج دعاءك لنا، على قدر الألم والوجع أعلم جيدا أن فراقك رسالة من الله أن الموت هو الشىء الحقيقى فى هذه الحياة وأننا جميعا سنرحل ولكن "سيبقى الأثر".
 
وحش الخير، لن يشاء القدر أن ترى طفلك وتسمع كلمة"بابا"، ولكن اطمئن وارتاح سنكون جميعا بجانبه وبجانب شقيقاتك وزوجتك، وسننتظر طفلك لنحكى له عنك ..ونتمنى من الله أن يأخذ نفس ملامحك وروحك ويكمل مسيرتك، ولا ننسى أبدا أنك فارقت يوم عيد الأم مانحا لزوجتك الأمومة وذاهبا مغلفا بثوب أبيض فى هدية لأمك بالعالم الآخر.
وداعا يا صانع البهجة.
 
وداعا يا من تركت كنزا من الخيرات وراءك.
وداعا يا من فرجت الكروب وفرحت المهموم.
وداعا يا من لا تخلو القوافل والحفلات الخيرية من وجوده.
وداعا يا من كانت أخر أحلامه تنظيم قافلة طبية فى القدس.
وداعا يا وحش الخير.
أخى أحمد صبرى "سوف أرد لك الجميل وأعلم طفلك، ما هو العمل التطوعى."
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة