ورحلت ريم بنا كغزالة كما أرادت.. غنت للمقاومة الفلسطينية والأسرى وأعادت إحياء التراث.. طافت العالم لتغنى ضد حرب العراق.. قاومت السرطان 9 سنوات.. وتوقفت عن الغناء منذ 2016.. وآخر كلماتها: "صرت عبئا على الجميع"

السبت، 24 مارس 2018 04:28 م
ورحلت ريم بنا كغزالة كما أرادت.. غنت للمقاومة الفلسطينية والأسرى وأعادت إحياء التراث.. طافت العالم لتغنى ضد حرب العراق.. قاومت السرطان 9 سنوات.. وتوقفت عن الغناء منذ 2016.. وآخر كلماتها: "صرت عبئا على الجميع" ريم بنا
كتب محمود حسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

غيب الموت صباح اليوم المطربة الفلسطينية ريم بنا، بعد صراع طويل استمر نحو 4 أعوام مع مرض السرطان، لتترك خلفها إرثا موسيقيا هائلًا، وحكاية صمود ضد مرض السرطان.

وولدت ريم بنا فى ديسمبر من عام 1966 بمدينة الناصرة بالجليل فى فلسطين المحتلة، عرفت بممارسة الغناء منذ سن العاشرة، وفى الثمانينات أصدرت ألبومين موسيقيين هما "جفرا" و"دموعك يا أمى"، قبل أن تسافر إلى روسيا لدراسة الموسيقى فى معهد جينسين فى العاصمة موسكو، والذى تخرجت منه عام 1991.

ريم بنا كانت تعرف بتأليف وتلحين أغانيها

بالإضافة إلى صوتها النادر، عرفت ريم بنا بتأليف أغنياتها وتلحينها، بالإضافة إلى تلحينها عددا من قصائد شعراء المقاومة الفلسطينية، أمثال محمود درويش، وسميح القاسم، وأشعار والدتها الشاعرة زهرة الصباغ، وتنوعت أغنياتها بين المقاومة وأغانى الحب، وفى عام 2003 تلقت دعوة للسفر إلى النرويج لإحياء عدد من الحفلات فى أوروبا، وتزامن ذلك مع اندلاع الحرب على العراق، فطافت ريم بنا عددا من البلدان الأوربية مشاركة فى التجمعات المناهضة للحرب، وهو ما جعلها معروفة لعديد من الجماهير الأوروبية.

 

كان السفر إلى النرويج بمثابة تحول كبير فى حياة ريم البنا، حيث بدأت تتعاون مع عدد من العازفين والملحنين الأوربيين، هذا التعاون الذى تجلى بداياته فى ألبومها، مرايا الروح والصادر عام 2005، والذى تناول قضية الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، وقد ضم الألبوم 11 أغنية، ثلاثة منها من كلمات والدتها الشاعرة زهيرة صباغ، و3 أخريات من كلمات الشاعر الفلسطينى توفيق زياد، بالإضافة إلى 4 نصوص تراثية فلسطينية، حقق الألبوم انتشارا واسعا إذ تزامن مع تزايد التفات العالم للمأساة الفلسطينية ومرور 4 سنوات على اندلاع انتفاضة الاقصى واستمرار نزيف الدماء دون أى حل فى الأفق.

بدأت ريم بنا رحلتها مع مرض السرطان 2009

بعدها وفى عام 2006، أطلقت ريم بنا ألبومها "لم تكن تلك حكايتى" وهو الوقت الذى تزامن مع اندلاع الحرب "اللبنانية الإسرائيلية"، وفى عام 2007 أطلقت ألبومها مواسم البنفسج، وفى عام 2009 بدأت ريم بنا رحلتها مع مرض السرطان، حيث تم تشخيص إصابتها بالمرض، وفى حوار صحفى لها قالت ريم بنا عن تلك التجربة: "السرطان احتل جسدى غصبا عنى مثلما احتلت اسرائيل أرضنا واغتصبتها، وبهذه القوة قبلت التحدى وصارعت السرطان، وانا أؤكد بأن مرض السرطان مرض جبان تغلغل فى جسمى ببطئ فكان التغلب عليه بطيئا".

فى عام 2010 أعلنت ريم بنا شفاءها من السرطان،  لكنها بجانب الغناء والنشاط الإنسانى فى قضايا الفلسطينيين، نشطت ريم بنا فى مجال التوعية بسبل مكافحة السرطان، وأهمية الكشف المبكر، وبحلول عام 2015 أعلنت ريم بنا عن إصابتها من جديد بمرض السرطان، وظهرت فى الإعلام برأس حليق تماما، قائلة إنها آثرت أن تظهر على حقيقتها كما هى دون ارتداء شعر مستعار.

وفى عام 2016 أعلنت ريم بنا أن صوتها لم يعد قادرا على الغناء من جديد، بعدما أصاب السرطان أحبالها الصوتية، وفى صباح اليوم 24 مارس 2018، أعلنت أسرتها وفاتها بعد صراع مع المرض.

خلال رحلة حياتها، تم اختيار ريم بنا سفيرة للسلام فى إيطاليا، ودرع المسرح فى النرويج، وشخصية العام فى تونس وفلسطين، كما يعود لها الفضل فى إحياء كثير من أغانى التراث الفلسطينى التى تراكم عليها الزمن والنسيان.

 

ريم بنا على "فيس بوك": أصبحت عبئا على الجميع

وقد ظلت ريم بنا تتواصل مع أحبائها ومعجبيها عبر صفحتها على "فيس بوك"، حتى الخامس من مارس الماضى، وعبرت عن الكثير من المعاناة والألم الذى تواجهه، وكان من رسائلها المؤثرة قولها : "عبء على الطب الذى عجز عن كل ما أُصبت به، عبء على المشافى التى لن تسع جسدى الصغير، عبء على وطن عشقت، ولا حيلة فى اليد، فأنا لستُ "شاكيرا أو مدونا" لتستنفر البلاد من أجلها، عبء على الطبيب حين يفقد القدرة على فعل شىء، عبء على الجسد والوجع والروح، عبء على "أصدقاء متجاهلين" سقطوا فى ملذاتهم وتسرّبوا من بين الأصابع كالهفوة، عبء على الأنفاس الضيقة، عبء على ليل لا يحتمل أرق مألوم، عبء على الهواء وورد الشبابيك، عبء على درب الأحلام الذى لم تعد تطأه قدماى، عبء على الحب الذى يجعلنا ريشة طائشة خفيفة، عبء على الومضة مهما لمعت، عبء على العبء، وحدهم أحبتى مَن حولى لا يتذمرون، وحدهم أحبتى لا يفقدون الأمل ولا يكلّون، وأنا بين حد سيفين، فى غيبوبة التأمل، أتدرّب على نهاية ساخرة، رجاء تعليقات الترحم والتشافى غير محببة، اتركوها لدعواتكم بينكم وبين ربكم، أنا بخير، لكن كل ما حولى ليس بخير".

 

أما آخر كلماتها : "لا تخافوا، هذا الجسد كقميص رثّ لا يدوم حين أخلعه، سأهرب خلسة من بين الورد المسجّى فى الصندوق، وأترك الجنازة "وخراريف العزاء" عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام، وسأجرى كغزالة إلى بيتى، سأطهو وجبة عشاء طيبة، سأرتب البيت وأشعل الشموع، وانتظر عودتكم فى الشرفة كالعادة، أجلس مع فنجان الميرمية، أرقب مرج ابن عامر، وأقول هذه الحياة جميلة، والموت كالتاريخ ، فصل مزيّف".

ومن المنتظر أن يصدر ألبوم ريم بنا الأخير فى 20 أبريل المقبل، وهو إهداء إلى المقاومة الفلسطينية.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة