"يقف دراكولا فى قصره المهيب والمخيف، بوجهه العجوز الذى يبدو أنه صنع من ندوب كثيرة بفعل الزمن نراه قويا مرعبا، ولكن بمجرد أن يتحدث عن حبيبته، وتتساقط دموعه يتحول هذا الوجه المرعب إلى وداعة لا يعرفها سوى العشاق، الذين وصلو لمرحلة الوجد".
أعترف أن علاقتى الحقيقية بالنجم المخضرم جارى أولد مان_الحاصل على أوسكار أحسن ممثل عن دوره فى داركست أور _ قد بدأت من فيلم المخرج المبدع "فرانسيس فورد كوبولا"، "دراكولا" 1992، حيث بدا لى "أولدمان" وقتها كنجم لا يشبهه أحد لأنه ببساطة كيف لهذا الوجه المشوه، أن يقنعك بكل تلك التناقضات والمشاعر، الا إذا كان صاحبه يمتلك موهبة فذه، واستثنائية بخاصة أنه يقوم بتوظيف جسده فى كل لقطة يقوم بها، مستدعيا تلك الفكرة من المسرح، وكيف أن الممثل الجيد يستطيع أن يملأ الفضاء، أيا كان خشبة مسرح أو مشهد سينمائي، لذلك تصدقه فى كل أدواره والوجوه المختلفة التى قدمها فهو هارفى اوزالد، المتهم بقتل كينيدي، ذلك الوجه الحاد الغاضب، وعازف الباص فى أحد الفرق الغنائية والذى أنقص من وزنه كثيرا لأجل هذا الدور، وبيتهوفن تلك العبقرية ذات التركيبة النفسية المعقدة والوجه الغاضب والذى يتحول إلى ملاك عندما يبدأ فى العزف، وأحد نجوم ثلاثية "دارك نايت".. فهو فعليا النجم ذو الألف وجه.
أولد مان المولود فى 21 مارس 1958 الذى ترك المدرسة فى سن الـ16، وعمل فى أحد المتاجر الرياضية، وكان يراقب كل النماذج التى تمر عليه يوميا، والذى عانى كثيرا بسبب إدمان الكحول فى سن مبكرة، وهى التجربة التى أعادت تشكيل حياته ووجدانه.
حاول "أولد مان" الالتحاق بالأكاديمية الملكية للفنون المسرحية العريقة، الأ انه فشل، ولأن التمثيل كان حلم حياته، تنازل قليلا عن تلك الكلية العريقة وذهب إلى روز برافورد للمسرح فى شرق لندن، وركز كل اهتمامه مع المسرح واستمر يقدم عروضا مسرحية لعشر سنوات، إلى أن لفت الأنظار بتجسيده لدور نجم الروك "فيشيس" 1986.
وانتقل إلى أمريكا وهو لا يملك فى رصيده الفنى سوى بعض أدوار لكنها بارزة مما دفع الناقد الفنى الأمريكى "روجر ايبرت" إلى الثناء عليه فى وقتها حيث وصفه بأنه أفضل ممثل بريطانى شاب، اشترك "أولدمان" فى عدة أفلام منها "ذكرى" عام 1982، و"الوقت" سنة 1984, قبل أن يحصل على أول بطولة له فى دور سيد شرير فى فيلم "سيد ونانسى" سنة 1986.
أنتج "أولدمان" وأخرج وكتب السيناريو للعديد من اﻷفلام منها فيلم "Nil by Mouth" وهو الفيلم الذى يحكى قصة طفولته، والذى نال عنه جائزتين "BAFTA" والذى صنف من أفضل مئة فيلم على مستوى العالم وأيضا صنف كأفضل ثانى فيلم بريطانى فى تاريخ السينما البريطانية.
وقد يكون من حسن حظ أولد مان أنه ظهر مع مجموعة النجوم البيريطانيين أصحاب المواهب الفريدة فى مجال التمثيل، والتى ظهرت فى ثمانينيات القرن الماضي، وتألقت فى السينما الأمريكية والأوروبية حيث يقف مع اولد مان دانيال دى لويس وكولن فيرث وتيم روث.
لعب الممثل "جارى أولدمان" شخصيات عديدة خلال مسيرته الفنية الطويلة منها الموسيقار "بيتهوفن ولى هارفى أوزوالد قاتل الرئيس الأمريكى جون كنيدى والحاكم الرومانى بيلاطس البنطى.
"أولد مان "لا يكتفى بدراسة وفهم الشخصية التى يجسدها فكريا بل يغوص فى نفسياتها، ولا يبدأ بالتصوير حتى يصبح ذاتها بدلا من تقليدِها وهو ما فعله مع كل الشخصيات الثرية والمركبة التى قدمها ولكنه يرى حسب تصريحات صحفية له "أن تجسيد شخصية رئيس الوزراء البريطانى الراحل ونستون تشرشل ينطوى على التحدى الأكبر.
وقضى أولدمان شهورا فى جمع معلومات عن شخصية تشرشل وأربع ساعات يوميا لوضع مساحيق على الوجه وارتداء الملابس وتقليد الصوت الشهير لرئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية وذلك حتى يقدم فيلمه الجديد (داركيست أوار). وكانت قدرة أولدمان على التحمل تمثل تحديا آخر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة