استيقظت "مروة" يوم الاثنين الماضى على اتصال من أحد زملاء زوجها فى مهمة العمل التى سافروا من أجلها للبحيرة، وبعد غياب 48 ساعة عن التواصل يقول لها زميل زوجها: "أحمد بخير وخدى بالك من العيال"، وهنا شعرت الفتاة ذات الـ24 عاما أن غياب زوجها هذه المرة عنها وعن طفليه ليس عاديا، وأن عدم اتصاله بهم ليومين ليس لتعبه فى العمل كما تعودت.
الضحية وزوجته وأحد أطفاله
قبل تلك المكالمة بـ4 أيام عاد أحمد "29 سنة" إلى قريته فى كفر شكر ليخبر زوجته أنه سيسافر هو وبعض الزملاء بينهم شقيقها إلى مهمة عمل فى البحيرة، ويعمل أحمد عامل يومية فى أعمال نقل "سبلة الدواجن"، أو فى أى عمل أخر يطلب إليه، سافر أحمد، وبعد يومين انقطع اتصاله بأسرته.
صباح الأحد الماضى كان هاتف أحمد يرن باسم زوجته، لكنه تلك المرة لم يتمكن من الرد، حيث كان يصارع الرمال داخل حفرة عمقها 7 أمتار داخل أحد المنازل بحثا عن الآثار، حاول أحمد إنقاذ نفسه لكن خوف زملائه الذين وقفوا يشاهدون انهيار الحفرة عليه، وضعف جسده فى مواجهة قوة الانهيار أخرجت آخر أنفاسه.
أحمد الضحية
تكشف تصريحات أسرة أحمد التى تؤكدها تحقيقات النيابة عن بداية القصة التى تتكرر بشكل كبير فى كافة محافظات مصر، لكن هذه المرة القصة الدرامية، بدأت عند الحاج "إبراهيم ا" صاحب أحد المنازل بالبحيرة والذى تعانى زوجته من مرض نفسى فشل فى علاجه، فأوهمه اثنان من المعارف وهما "جودة ع" و"محمد ع"، باستحضار أحد المشايخ لعلاجها، ويحكى إسماعيل شقيق الضحية، أنهما اتفقا مع ذلك الشيخ على إقناع صاحب المنزل بأن علاج زوجته الممسوسة لن يتم إلا باستخراج الآثار الموجودة أسفل منزله، وعندما أبدى تخوفه قالوا له لا تقلق سنتكفل نحن بكل شىء.
زوجة أحمد وطفله
عاد جودة ومحمد إلى القرية الفقيرة بكفر شكر بمحافظة القليوبية واقنعوا 3 من الشباب بينهم أحمد بالسفر إلى البحيرة بزعم القيام بمهمة عمل مقابل أجر مادى جيد، وتقول زوجة أحمد إنها تعودت على ذلك لأن ذلك مصدر رزقه الوحيد، رغم أنه مصاب بالغضروف إلا أنه مستمر فى تحمل مشاق العمل واستغلال الأوقات التى لا يألمه فيها ظهره للعمل فى أى شىء.
طفلة أحمد الضحية
بعد السفر على حسب رواية إبراهيم الاكبر وما أكدته تحقيقات النيابة، فوجئ الشباب بأن المطلوب هو الحفر تحت المنزل لاستخراج الآثار، وكانوا يدخلون إلى مكان الحفر واضعين على أعينهم شريطة سوداء كى لا يروا المكان و لا يستطيعوا أخذ الأثار بعد اكتشافها.
وتكشف تحقيفات النيابة واعترافات المتهمين أن الحفر استمر حتى وصل إلى 7 أمتار، وحينها رفض أحمد الحفر، يتابع شقيقه أن زملائه حكوا له أن أحمد رفض النزول لاستكمال الحفر قبل وفاته بليلة، لكن الشيخ سقاه يومها كوب لبن وبعدها ظل أحمد يقول كلمات غريبة وأصر على استكمال الحفر حتى انهارت عليه الحفرة.
تحقيقات النيابة
فى قرية كفر شكر ظلت عبير تحاول الحصول على أى معلومة عن مكان زوجها بعد انقطاع اتصاله، لكنها على حسب حديثها فوجئت أن زميله الذى كان يحفر معه تركه داخل الحفرة مردوم عليه وعاد وكذب عليها وقال لها أنه ترك موقع العمل للعودة إلى قريته ولا يعرفون عنه شيئا، ومنعها جودة من الذهاب إلى قسم الشرطة لتحرير محضر اختفاء.
بعد اكتشاف الكارثة حاول جودة ومحمد استخراج الجثة بواسطة "لودر" وعندما فشلا قررا – حسب اعترافهما فى التحقيقات- أن يردما عليه، ويقول عمه إبراهيم النبوى فى حديثه لـ "اليوم السابع" أنه ذهب مع فريق النيابة لاستخراجه من الحفرة ونزل بنفسه للبحث عنه حتى لا يؤذى الحفار جثة ابن أخيه، لكن وجهه كان مشوها ومنتفخا داخل الحفرة وحمله على يديه وعاد به إلى القرية بعد استكمال الأوراق والتحقيقات للدفن واستقبال العزاء، والبحث عن مصدر رزق جديد لزوجته وطفليه اللذان لم يدركا بعد ما حدث لوالدهما.
أوراق القضية
أما زوجته فتقول إنها لا تريد تعويضا، وتؤكد باكية: "كل أموال الدنيا مش هتعوضنى عن جوزى اللى مشبعتش منه ولا ولاده شبعوا منه، أنا مش عايزة غير حقه وإنهم يعدموا اللى قتوله واللى ضحكوا عليه وضيعوه وضيعوا عمره، لكن إن كان عليا أنا والولاد فربنا موجود ومش هيسيبنا".
ابن الضحية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة