أكرم القصاص - علا الشافعي

جمال أسعد

الاغتراب بين الإعلام والإعلان

الثلاثاء، 20 مارس 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقوم العملية التعليمية فى كل مراحلها بالدور المهم فى التكوين الأساسى للشخصية من خلال المنهج والمعلومة والسلوك اليومى وطريقة التدريس والتعامل بين الطالب والأستاذ، وبقدر ما تتم هذه العملية فى كل مراحلها وبشتى وسائلها سلبًا أو إيجابًا يكون التأثير بالسلب والإيجاب فى تكوين هذه الشخصية.
 
كذلك تقوم المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية بدور مهم فى التأثير المباشر فى الضمير الجمعى، وفى إطار العقيدة الدينية إيمانًا وقيمًا وتاريخًا وسلوكًا.
 
وبقدر ما يكون المناخ العام يدعو إلى فهم الإيمان الصحيح الذى يصدقه العمل، وعندما تكون الأعمال متطابقة مع هذه القيم ومؤكدة للمقاصد العليا للأديان بعيدًا عن التدين الشكلى ودرءا لاستغلال الدين لأهداف ذاتية وتنظيمية يكون هناك مناخ إيمانى حقيقى يظهر فى السلوك العام وفى قبول الآخر.
 
وهذا لا يلغى ولا يؤثر على الدور الخطير للإعلام بشكل عام وبكل وسائله وفى كل مراحل تطوره، حيث إن الإعلام المسموع والمرئى والمقروء له تأثير مباشر على الجماهير بكل مستوياتها ومع اختلاف طبقاتها، فالإعلام يتعامل مباشرة مع العقل والعواطف والأحاسيس ويغازل التطلعات ويؤثر فى الطموحات ويدغدغ المشاعر والأهم هو تأثيره المباشر فى تشكيل درجة الوعى، سواء كان هذا الوعى سياسيًا أو دينيًا أو اجتماعيًا أو ثقافيًا... إلخ، ولهذا لا نبالغ لو قلنا إن التأثير المباشر للإعلام يفوق تأثير التعليم وغيره.
وهنا لا غرابة عندما اخترع التليفزيون قيل «أعطنى تليفزيون أغزُ العالم كله».
 
فالإعلام دوره مقدر فى السلم والحرب وفى مواجهة الحروب السياسية والنفسية التى توجه للدولة مستهدفة الجماهير، فالإعلام يمكن أن يقوم بدور إيجابى ومهم بجانب القوات المسلحة، حيث الجبهة الداخلية دائمًا ما تكون هى الحصن والسند للقوات المسلحة وهى تحارب فى الجبهة الخارجية، فهناك ونحن نواجه كل أنواع التحديات، وعلى كل المستويات ونحن نبدأ فى البناء حتى نعيد الدولة من شبه الدولة، ونحن نعيد الأمن والأمان بعد أن فقدناهما بعد يناير 2011، ونحن نخوض أهم معركة اقتصادية، يدفع ولا يزال ثمنها الفقراء والمعدومون وغير القادرين، ونحن نخوض حربًا غير مسبوقة فى مواجهة إرهاب وليس جيشًا نظاميًا ويجد المساعدات من مخابرات ودول تملك الإمكانيات، ونحن نواجه إعلامًا موجهًا بكل الوسائل ومن كل اتجاه لهزيمتنا نفسيًا، ونحن مقبلون على انتخابات رئاسية لا تقتصر على اختيار رئيس بل هى استفتاء على بقاء نظام وحماية وطن، هل ونحن فى ظل هذه الأوضاع هل يقوم الإعلام بما يجب أن يقوم به، خاصة أن هذه القضية شغلت وتشغل بال الرئيس السيسى منذ توليه المسؤولية، وعلى الرغم من تبعية كثير من هذه الوسائل لإشراف جهات رسمية؟ للأسف الشديد لا نرى طحنًا بل ضجيجًا ولا نسمع صوتًا بل كلامًا ساكتًا، نعلم أن الإعلانات قد أصحبت هى الممول الوحيد لوسائل الإعلام حتى إن الإعلان ووكالاته أصبحت هى المهيمن والمحُدد لكل مخرجات العملية الإعلامية، فهل هذه الإعلانات تسهم فى تشكيل أى وعى يتواكب مع خطورة المرحلة؟ هل هذه الإعلانات تسهم فى تشكيل حالة انتماء أم تنشر حالة اغتراب عن النفس والوطن غير مسبوقة؟ هل تساعد فى مواجهة المشكلة الاقتصادية أم تنشر قيما استهلاكية لا تقدر عليها أعتى الدول الغنية؟ هل تعطى الفقير وغير القادر جرعة أمل ولحظة انتماء للوطن حتى تساعد على تحمل آثار جرعة الدواء المر التى يتجرعها الفقراء نتيجة للقدرات الاقتصادية؟ والأسوأ تلك الهجمة غير المنطقية التى لا علاقة لها بالإحساس العام والتى تؤكد انفصال هذا الإعلام عن الواقع وهى قنوات وبرامج الطبخ، ما هذا العبث ألا تدرون واقعنا؟ ألا تحسون بمشاعرنا؟ ألا تشاركوننا فى مشاكلنا حتى بالكلمة أو زرع الأمل حتى لا نزرع الشوك وننشر اليأس ونؤسس للخنق المجتمعى الذى يمثل خطرًا لو تعلمون كبيرًا على الجميع؟ انظروا إلى نسبة الفقر، إلى البطالة، إلى العشوائيات، إلى أطفال الشوارع.
 
الوطن يحتاج إلى نشر الأمل وزراعة الانتماء وخلق قيم الحب والتسامح وقبول الآخر، هل يليق والجيش والشرطة وكل الوطن وهو فى معركة وحرب بقاء فى مواجهة الإرهاب والجيش يقوم بعملية سيناء 2018 والجميع يدفع الثمن ويبذل الدم والدولة تحتفى بالشهداء، نجد الإعلام يصول ويجول ويتفرغ للمقارعة والمصارعة حول عملية بيع لاعبى كرة القدم بين ناديين لا نجد لهما دورًا تربويًا حقيقيًا قيميًا انتمائيًا يخدم الوطن بقدر ما نعانى من نشر حالة تعصب كروى أصابت الجميع حتى أصبحنا لا نقبل أى آخر أيًا كان مسماه، ناهيك عن تصارع القنوات من كل اتجاه على استضافة أحد الأشخاص الذى يكيل السباب والشتائم والإهانات للجميع دون ضوابط لقانون أو عرف أو قيم إعلامية مهمتها حماية المشاهدين من هذه الممارسات، حيث تأثيرها خطير على الوعى وتربية النشء، إضافة إلى نوعية الفن والأغانى والدراما التى تسهم وأسهمت فيما نراه الآن من اهتزاز للقيم ونشر للفساد وانهيار للأسرة وانتشار لزنى المحارم، الشىء الذى يؤثر مباشرة على سلامة الوطن بما لا يقل عن تهديد الأمن القومى الوطنى. سيظل يا سادة دور الإعلام فى منتهى الأهمية لمساعدة المؤسسات التعليمية والدينية والثقافية والاجتماعية فى تكوين رأى عام ناضج وفى نشر وعى قائم على الموضوعية وحب الوطن والانتماء له، دور الإعلام هو دراسة الواقع ورصد مشاكله وتحليل المناخ العام حتى نعالج المشاكل، ونرفع الوعى ونقوى الانتماء، فهذا دور واجب وبغيره يخسر الوطن ونخسر جميعًا، ويكون المستفيد فقط هم أعداء الوطن، خافوا الله فى شعبنا ووطننا وجيشنا ومستقبلنا حتى نواجه المصاعب التى تنوء عن حملها الجبال، حمى الله مصر وشعبها العظيم.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة