سليمان شفيق

عبد الرحمن الخميسى "القديس" المنسى

الإثنين، 19 مارس 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ولد الخميسى 1920 كأبناء جيل ثورة 1919 بالمنصورة، ورحل 1987 فى موسكو، بدأ حياته العملية فى سن 16 سنة، ومصر تغلى ضد معاهدة 1936، وأثناء الحرب العالمية الثانية كان عبر إذاعة الشرق الأوسط ضد النازية، تعرف على الطليعة الوفدية، ود. محمد مندور، واشترك فى لجنة الطلبة والعمال 1946، ومن خلالها تعرف على الحركة الاشتراكية.
 
عشت فى موسكو من 1978 وحتى 1987 للدراسة، وفيها تعرفت على الخمايسة، القاص أحمد وأستاذة الصحافة عزة والموسيقار فتحى والممثلة ضياء والصحفية عائشة، وفى إحدى رحلاته للخليج عرفنى على ابنه الأكبر عبدالمالك، ومن خلالهما تعرفت على والدهم، الفنان والشاعر والمبدع فى التمثيل والصحافة والتأليف الإذاعى والإخراج السينمائى وتعريب الأوبريت، بل وتأليف الموسيقى والأغانى كتابة ولحنا، ومذيعا عرف بأنه «صاحب الصوت الذهبى، وكان يلقبه أصدقاؤه بالقديس.
 
نلت شرف الاقتراب والسفر مع الخميسى فى مختلف بقاع الأرض، ورأيته ينحنى للفقير ويواجه الرؤساء والملوك، كتب الشعر والقصة فى مجلات عظيمة مثل «الرسالة» لأحمد أمين، و«الثقافة» لحسين هيكل، ولكن ظروفه الصعبة أرغمته أن يعمل بائعا وكمساريا ثم مصححا لغويا، ومعلما، والنوم على أرائك الحدائق العامة، وكيف جاب الريف المصرى مع فرقة أحمد المسيرى، دخل عالم الصحافة بصحيفة المصرى لسان حال حزب الوفد القديم.
 
كان الخميسى كما كتب د. لويس عوض من مؤسسى مدرسة أبوللو الرومانسية، ومعه إبراهيم ناجى ومحمود حسن إسماعيل ومحمود طه، وهناك دراسة عن شعر الخميسى للويس عوض قال فيها «إن الخميسى بلغ فى شعره حد السحر»، وأشار إلى قصيدته «فى الليل» معتبرا أنها من أروع ما كتب فى الشعر العربى، وأضاف «وليس معنى هذا أن الأستاذ الخميسى شاعر غزير الإنتاج فهو شاعر مقل مسرف فى الإقلال.
 
ولعل إقلاله من أنه شاعر مفطور لا يصنع الشعر ولا يقوله إلا إذا، اضطربت به نفسه، ففاضت به فطرته، حتى لم يعد يطيق السكوت، وليس معنى هذا أن نفس الخميسى لا تهتز لشعر الحياة إلا نادراً، فأنا أعرف الخميسى، وهو صديقى من عشرين سنة أو نحوها، وأعرف عنه أنه نفسه قطعة حية من شعر الحياة، وأن حياته ذاتها قصيدة عصماء».
 
ترك الخميسى سبعة دواوين «أشواق إنسان»، «دموع ونيران»، «الملكة تيتى» و«ديوان الحب» «مصر الحب والثورة» «أنى أرفض» و«ديوان الخميسى».
 
ومن المسرح والشعر الرومانسى والحياة الصعبة، ظهرت مجموعاته القصصية، وفى عام 1953 اعتقل الخميسى لموقفه من أجل الديمقراطية، وبعد الإفراج عنه 1956، التحق بصحيفة الثورة «الجمهورية»، ولكنه اختلف مع توجهات ثوار يوليو فتم نقله من الصحافة إلى وزارة التموين، فأسس فرقة مسرحية باسمه 1958، وجاب المحافظات، كتب وأخرج لها العديد من المسرحيات مثل «الحبة قبة»، و«القسط الأخير»، و«حياة حياة»، و«عقدة نفسية» لرواية «جون كلمنس» وسماها «الزواج السعيد»، وقدمت الفرقة مسرحية «نجفة بولاق» وتوقفت لأسباب مالية.
 
وكتب للإذاعة مسلسل «حسن ونعيمة» والتى تحولت إلى فيلم واكتشف من خلاله السندرلا سعاد حسنى، القصة التى اعتبرها النقاد «روميو وجوليت المصرية»، ثم قام الخميسى لأول مرة فى مصر بتعريب أوبريتات عالمية، ومنها «الأرملة الطروب» التى عرضت فى الأوبرا المصرية لأول مرة 1961، وللأسف عرضت مؤخرا مرتين دون الإشارة إلى اسم عبدالرحمن الخميسى لجهل أو نسيان.
 
يذكر للخميسى اكتشاف مبدع القصة يوسف إدريس وأول من نشر له قصصه، وعن الخميسى القاص قال يوسف إدريس: إنه «أول من حطم طبقية القصة»، وأنه: «عاش قويا عملاقا مقاتلا إلى ألف عام».
 
وصدر للخميسى الكثير من المجموعات القصصية مثل: مجموعته الأولى «من الأعماق»، «صيحات الشعب»، «قمصان الدم»، «لن نموت»، «رياح النيران»، و«ألف ليلة وليلة»، «دماء لن تجف» و«البهلوان المدهش» و«أمينة وقصص أخرى»، وكان الخميسى دائما يبحث عن قصة نشرت له فى «المصرى» أواخر الأربعينيات بأسم «الساق اليمنى».
 
الموسيقار الخميسى ألف الموسيقى التصويرية لعدة أفلام، إضافة إلى أربعة أفلام، شارك فى وضع قصصها وسيناريوهاتها مثل «عائلة محترمة»، «الحب والثمن»، «زهرة البنفسج»، «حسن ونعيمة»، وقام بالتمثيل مع يوسف شاهين فى فيلم «الأرض» دور الشيخ يوسف.. كما يذكر له اكتشاف الزعيم عادل إمام والسندريلا سعاد حسنى والقديرة زبيدة ثروت والفنان الكبير حسن يوسف، لم يترك الخميسى حتى النقد حيث قدم دراسات مثل: «الفن الذى نريدة» و«مناخوليا» «المكافحون» وغيرها، وترجم العديد من الأعمال ومنها: مثل «مختارات من شعرووردزورث» ومختارات من القصص العالمية وغيرها.
 
هاجر الخميسى من مصر فى رحلة طويلة من بيروت إلى بغداد ومن بغداد إلى ليبيا ومنها إلى روما ثم باريس ثم موسكو، حيث قضى ما تبقى من سنوات حياته فى الغربة حتى وفاته فى إبريل 1987، فنقل جثمانه ليدفن فى المنصورة حسب وصيته الأخيرة.. فكتب أحمد بهاء الدين: «دهشت عندما قرأت فى نعيه أنه توفى عن سبعة وستين عاما فقط وكنت أظنه أكبر من ذلك لكثرة ما أنتج وكثرة ما عاش، وكثرة ما سجن، وكثرة ما سافر فى أنحاء الدنيا، وكثرة ما ترك من الأبناء والبنات فى شتى عواصم العالم».
 
للأسف حتى الآن لم يحصل الخميسى على أى جوائز مصرية، رغم أنه حصل على العديد من الجوائز العالمية ومنها جائزة «لينين» أرفع جائزة روسية حينذاك، والآن هل تعيد الأوبرا فى ظل الوزيرة الفنانة إيناس عبدالدايم الاعتبار للخميسى، ويكتب اسمة على أوبرا «الأرملة الطروب»، خاصة أنها عرضت باسمة 1961، هل يقوم المجلس الأعلى للثقافة بتكريمة؟ هل يطالب اتحاد الكتاب باطلاق اسمة على أحد شوارع المنصورة؟، هل تقوم الجامعات بدراسة أدبة علما بأن هناك عشرات الدراسات العلمية عنه فى جامعات موسكو وفرنسا وأمريكا؟









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة