سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18مارس 1932طه حسين يرد على وزير المعارف: «أساتذة الجامعة أكرم على أنفسهم من أن يشتريهم وزير»

الأحد، 18 مارس 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18مارس 1932طه حسين يرد على وزير المعارف: «أساتذة الجامعة أكرم على أنفسهم من أن يشتريهم وزير» طه حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«أنا أرفع من أن تصيبه غمزات الوزير ولمزاته.. وأساتذة الجامعة أكرم على أنفسهم من أن يشتريهم وزير».. هكذا لخص الدكتور طه حسين ردوده على اتهامات وزير المعارف حلمى عيسى باشا له أمام مجلس النواب يوم 16 مارس 1932، أثناء رد الوزير على استجواب النائب عبدالحميد سعيد، وأسئلة برلمانية أخرى حول قرار الوزير بإبعاد «حسين» من عمادة كلية الآداب، وتعينه كبير مفتشى اللغة العربية فى وزارة المعارف.
 
تم الاستجواب بتوجيه من حكومة إسماعيل صدقى باشا، لوضع «حسين» فى مصيدة الاتهامات، بعد أن اشتعلت جامعة فؤاد الأول غضبا من قرار استبعاده «راجع: «ذات يوم 16 مارس 2018»، غير أن «حسين» لم يترك الحكومة ووزير معارفها تهنأ بما فعلت من تجريح له فى البرلمان، حيث رد عليه بقوة فى حديثه مع جريدة «الجهاد» يوم 18 مارس «مثل هذا اليوم 1932»، وحسب كتاب «ما قبل الثورة» تأليف صبرى أبو المجد، عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة»، فإن «الجهاد» نشرت فى نفس اليوم ثلاثة أحاديث مع وزيرى المعارف السابقين، على الشمسى باشا، وبهى الدين بركات باشا، ومدير الجامعة أحمد لطفى السيد، ودارت جميعها حول «الأزمة».
 
قال طه حسين فى حواره: «كنت أحب لوزير المعارف أن يسمو بنفسه إلى المنزلة الخلقية التى تليق بمن كان قاضيا، ومن يشغل منصب الوزارة فلا يتهم الناس بغير تحقيق، لاسيما وقد طلبت إليه وإلى رئيس الوزراء إجراء التحقيق، وظللت أنتظر إلى الآن فلم يحدث شيئا، ولم يسأل الوزير عن شىء، مع أن قواعد اللياقة الأولية كانت تقتضى أن يسألنى على أقل تقدير قبل أن يتحدث فى مجلس النواب، فهذه الخطة تدل دلالة واضحة على أن وزير المعارف تعمد أن يضيف إلى خطئه بنقلى فى غير حدود القانون والتقاليد خطأ آخر بالاعتداء على كرامة أستاذ أقل ما يوصف به أنه أرفع من أن تصيبه غمزات الوزير ولمزاته، ولست أخفى عليكم أنى تلقيت تصريحات الوزير بقهقهة عالية، فإن الذى يقرأ هذا الكلام يدهش إذا علم أن هذا الوزير نفسه أرسل إلى الوسطاء يسترضينى ويعرض على أمورا خطيرة رفضتها كلها، ليعلم حلمى باشا أن أساتذة الجامعة أكرم على أنفسهم من أن يشتريهم وزير، وإن كان هذا الوزير حلمى عيسى باشا».
كشف «حسين» عن طبيعة محاولات وسطاء الوزير قائلا: «طلبوا إلى أن أرضى بما كان وأظهر الرضى لتهدئة الأحوال، على أن يضع الوزير تحت تصرفى ما أشاء من المناصب الحالية فى وزارة المعارف مؤقتا، حتى تتهيأ الفرصة لأعود إلى الجامعة، والوزير يعد بألا يكلفنى عملا ما يفهم منه أنى نقلت حقا إلى وزارة المعارف، وبأن يعطينى ما أشاء من الاجازات، وبألا تمس كلية الآداب بأذى لطلابها ولا أساتذتها وبأن تصدر لائحة الجامعة فورا، وبأن يقف الوزير فى مجلس النواب أمام المستجوبين موقفا يدافع فيه أحسن الدفاع عن كرامتى العلمية والدينية، ثم يعرض على الوزير مكافأة العميد التى خسرتها بهذا النقل، ثم بأن يطبع لى الوزير على حساب الدولة ما أريد طبعه من كتبى- وأخيرا بألا يعين عميدا فى كلية الآداب حتى أعود إليها».
 
أكد حسين أن وسطاء الوزير اثنين، ووصفهما: «كلاهما عظيم القيمة والخطر»، وحول تمثيله لمصر فى المؤتمرات، قال: «ليس حلمى باشا ولا سائله هما اللذان يستطيعان أن يحكما على عملى فى المؤتمرات، وإنما الذين يستطيعون هم العلماء الذين تحدثت إليهم، وألقيت أمامهم محاضراتى، وليس يسوؤنى أن يغضب حلمى باشا إذا رضى «ليتمان، ونالينو، ونيكلسون، وبرجشر سبار، وغيرهم، وليس يغيظنى أن أكون جاهلا فى رأى حلمى باشا إذا كنت عالما فى رأى هؤلاء الناس».
 
وعن المكافأة التى تمنح للسكرتير ليعينه على ما تترجمه الجامعة من بحث أبحاث أساتذتها، قال حسين: «يضحكنى أن يحصى وزير المعارف الصحف التى ترجمت والأموال التى أنفقت، ولكن هناك شيئا آراه أحسن من هذا وهو، أن يجمع وزير المعارف أعوانه وأصحابه والذين يطمئن إلى علمهم العالى وتفوقهم النادر، ويكلفهم ترجمة ما أترجم، ومراجعة ما أراجع، يومئذ يعلم أنى لم أسرف فى أموال الدولة، إنما أتطوع لها بالعمل ولا آخذ إلا أجر من يكتب ويقرأ، وأنا أترجم الآن للجامعة كتابا هو «تاريخ أثينا فى أغسطس»، وأنتظر حلمى باشا ووزارته سنة كاملة، فإن ترجما هذا الكتاب إلى العربية ترجمة صحيحة مستقيمة فأنا رهين له وللدولة برد ما أخذت».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة