أحمد إبراهيم الشريف

زهور نهر تيزا.. كتابة جميلة عن حياة الإنسان

الثلاثاء، 13 مارس 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«وفى تلك اللحظة بدأ الطنين يتصاعد كموسيقى ليوش ياناتشيك، ويزداد كثافة حتى ارتفعت سحابة هائلة ومنتظمة الشكل فوق المياه، ووجد جورجيو ومارينا أنفسهما محاطين بتلك السحابة، التى تمتد فى مرمى النظر، لتغطى سطح النهر طولا وعرضا. كان مشهدا رائعا بكل بساطة تجسدت فيه من اللاشىء ملايين الكائنات الصغيرة المجنحة وقد تفتحت كالأزهار».. إنها حكاية شيقة وجميلة صاغها الكاتب الإيطالى المعاصر دانتى مارياناتشى فى روايته البديعة «زهور نهر تيزا» التى صدرت ترجمتها عن سلسلة الجوائز التابعة للهيئة المصرية العامة للكتاب والتى ترجمتها نجلاء والى.
 
فى الرواية حكاية جورجيو الطويلة الذى يبحث فى فوضى مكتبته، بين الكتب الأدبية، عن تفسير لذلك الخمول والفتور القاتل الذى أصابه، الذى يحاول طوال الوقت الوقت الاعتماد على ذاكرته لإعادة تركيب حياته، والبحث عن لحظات التشكيل ولحظات البهجة.
 
 فى لحظة ما، وعندما وصل الحال بـ جورجيو إلى كثير من الضغط العصبى فر من من عمله مديرا لأحد المراكز الثقافية، ولجأ إلى الريف، وهناك تداعى عليه الماضى بكل ما فيه، فأعمل ذاكرته فى كل شىء، لكنه ظل خاضعا للملل والرتابة والخوف، فما زالت الكوابيس تطارده حيث يلاحقه دائما جدى أسود بناقوس رنان فى شوارع القرية، وهو يجرى ويلهث، ثم يسقط على الأرض، وعندما يقترب الجدى من الإمساك به يستيقظ فجأة.
 
لم تتغير حياة جورجيو رغم تعمده الدائم تذكر لحظات المتعة والفرح فى حياته، إلى أن ظهرت الفتاة الشابة «مارينا» التى جاءت مرة واحدة لتسلمه «طردا» قادما إليه من إيرلندا فيه رواية من تأليف إحدى حبيباته القديمات، فلنا أن نعلم أن مارينا التى درست العلوم وتبحث عن منحة للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة والحياة، والتى تعمل فى البريد بصفة مؤقتة، سوف تغير حياة جورجيو عندما تحدثه عن «زهور نهر تيزا».
 
فجورجيو لم يكن يعرف أن هناك حشرات تسمى «ذبابة اليوم الواحد» وهى فى الحقيقة تعيش بضع ساعات فقط، هذه الكائنات البسيطة تقضى ساعاتها القليلة فى مطاردة جميلة بين الذكور الجائعة والإناث المستثارة جنسيا، والتى يمكن من خلال تصرفاتها ملاحظة شهوانية العالم وحقيقته، فمصير الملايين والملايين من تلك الحشرات فى النهاية هو الموت هناك، والغرق فى المياه بعد الاستمتاع مع الإناث التى ستترك البيض يسقط فى المياه. 
 
صفحات الرواية لا تتعدى المائة صفحة، لكنها شيقة وجميلة، وفلسفتها حقيقية ومؤثرة، كما جاءت ترجمتها متمكنة حسبما تظهر اللغة المستخدمة القادرة على نقل أحداث الرواية وتصوراتها عن الحياة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة