هناك فارق كبير بين الحقيقة وما يصل إلى المواطن العادى البعيد عن بواطن الأمور، فهذا المجنى عليه يمكن أن نقنعه بأن هناك بطلا يحمل كل الخير ولا ينطق عن الهوى، والحقيقة أننا بشر وكل منا له أخطاء.
ويمكن أيضا أن نقنعه أن هناك شيطانا رجيما وكل ما يفعله رجس من عمل الشيطان، والحقيقة أنه مثله مثل كل بنى البشر يصيب ويخطئ.
آن الأوان نصارح أنفسنا بحجم السلبيات التى تفشت فى مجتمعنا، عندما يصبح الفساد أسلوب حياة فلا حديث عن تقدم.
جمعتنى الصدفة بأحد المسؤولين الحكوميين الكبار وتحدث معى عن أنه عندما استلم وظيفته وجد كما هائلا من الأجهزة الجديدة، وقد تم تخزينها لمدة أربع سنوات لدرجة أن موديلات هذه الأجهزة لم يعد لها قطع غيار وأنه لا يمكن تركيبها ولا يمكن بيعها لأنه لا يوجد من يشتريها، وفى نفس الوقت تشغل حيزا كبيرا من مخازن الحكومة فكان مصيرها أن تباع خردة رغم أنها لم تستخدم.
ولو حققت فى الموضوع ستجد أن لجنة شكلت لشراء هذه الأجهزة واختارتها بعينها لاعتبارات منها علاقات رئيس اللجنة بالشركة المصنعة، ولم تكن هى الأجهزة المطلوبة والنهاية ملايين راحت على البلد.
أحد المحافظين قال لى إن من 2011 حتى اليوم عدد المخالفات فى البناء على الأراضى الزراعية فى المحافظة وصل إلى آلاف الحالات وآلاف أخرى فى البناء بدون ترخيص، وفى زيادة أدوار بدون ترخيص، وعندما أراد تطبيق القانون بالإزالة سأل نفسه: أزيل مين وابتدى منين وكل المبانى دى مين هيخسر فلوسها؟ والناس اللى اشترت كيف نتعامل معها؟ وفى النهاية بقى الحال كما هو عليه ولا قانون تم تطبيقه ولا حياة لمن تنادى.
الناس استغلت ظروفا صعبة بتمر بيها البلد من 2011 وعملت كل اللى عاوزاه فى موضوع البناء المخالف من غير لاضمير ولاوطنية.
أحد المستوردين سألته بكم تشترى الدولار اليوم؟ أجاب أن السؤال يحتاج إلى تعديل بأن أحدد أى ساعة فى اليوم لأنه كل ساعة بسعر، قولت له وأنت مهما ارتفع هتشترى؟ قال طبعا أنا التاجر بيجيب لى الدولار وهو عارف إن عمرنا ما هنختلف وأى كمية عنده هاخدها.
المستورد ده بضاعته جايه فى البحر ولازم يدفع باقى تمنها قبل ما توصل، طيب لو حتى الدولار بقى بعشرين جنيه هو مش فارقة معاه لأنه هيحمله علي الزبون المهم إن البضاعة تدخل البلد وكده كده هتتباع ويولع الجنيه المهم مكسبه هو.
سألت أحد الموظفين فى الجهاز الإدارى عن أن رئيسه ليس متحمسا أنه يوقع على الورق مع أنه قانونى، قال لى يا بيه كل حاجة وليها أصول الورق سليم ومن حقك إنه يمضى عليه بس الأرقام اللى فى الورق كبيرة وكلك نظر مش معقول إن ورق زى ده الراجل ما يسترزقش من وراه، ولو حققت فى الموضوع هتلاقى إن المدير وكام واحد من اللى تحت إدارته مرتشين وحرامية ومكفرين سيئات الناس من غير أى داع.
وعشان ما بقاش متحيز جمعتنى الصدفة بأحد المحامين وسألته كيف ترفع قضية إيصال أمانة على زوجة شخص تكرهه وأنت تعلم أن لا صلة إطلاقا بينك وبينها؟ فقال لى: «هى مرات واحد بكرهه وهى الوحيدة اللى هتخليه ييجى عندى راكع وأنا مش خسران حاجة».
ولو حققت فى الموضوع هتلاقى إن المحامى واخد توكيل من شخص بسيط عطاله خمسين جنيه، وبيعمل القضايا على الناس باسمه وفى الآخر ابقى ارجع على الموكل ده لو لقيته أو عرفت مكانه.
جمعتنى الصدفة بأحد الإعلاميين، فسألته «إزاى تدافع عن فلان وانتو كنتو متخانقين وبتقول عليه فاسد؟
قال لى ياسيدى كان فاسد وتاب أنا مغسل ومش ضامن جنه، يعنى اللى عاوز يتصالح مع المجتمع نصالحه واللى عاوزين نكره المجتمع فيه نخلى المجتمع يكرهه، أنا راجل صنايعى ودى مهنتى.
ولو حققت فى الموضوع هتلاقى إن ده إعلامى معروف بنى ثروته من فلوس رجال الأعمال لأنه ياما هاجم ناس وياما ظبط ناس وكل ضحك على الناس وعشان مصلحته الشخصية.
مين كل دول اللى أنا قابلتهم؟ دول نماذج من مجتمعنا موجودين فى وسطينا وبعضهم مشهورين ومعروف عنهم الفهلوة وناس مجاملة وليهم أصحاب مهمين بس للأسف نماذج فاسدة، وأصبح فسادهم جزءا من تميزهم وأصبح الهجوم عليهم من أصعب ما يكون.
مع وجود هؤلاء لا يمكن أن يكون حجم التقدم ملموس لأنهم قادرون على نسف كل تقدم وعلى هدم كل بناء، لكن السؤال: إزاى نقضى على هؤلاء؟ إذا كان بعضهم منوط به تنفيذ القانون والآخر كشف المخالفين للقانون؟
الموضوع محتاج شخص قوى له ظهر لا يقسم، له سند كبير يستند عليه يصعب مهاجمته هذا الشخص يواجه هؤلاء بكل قوة مهما كانت مكانتهم فى المجتمع ولا يخاف من أصدقائهم أو من الهجوم عليه من كل المنصات وإنما يخاف الله وحده ويراعى مصلحة وطنه.
إن القضاء على الكبار من هؤلاء سيكون درسا لصغارهم وعبرة للجميع، ولا موائمات ولا حسابات لردود أفعال اقضى بالعدل وتوكل على الله ويد الله معك فى القضاء على رؤوس الفساد المحتمية بالشعبية أو الشهرة أو المال.
بالله عليكم إذا كان جزءا كبيرا من الشعب عارف ومتأكد من حجم هؤلاء فى مجتمعنا ويتعامل معهم يبقى هنتقدم إزاى؟
احنا عاملين زى اللى بيحرث فى المياه لا أثر لحرثه.
وأهم شىء لازم نبتدى بيه هو مصارحة أنفسنا نعم كثير منا فاسدون وأكثر يرون الفساد ولا يفعلون شيئا وغالبيتنا يتعامل مع الفساد على أنه عادة مصرية.
صوتنا بيعلو بس فى المطالبة بالحقوق وتسمع بقى: مصر زحمة وفيها تلوث وسرقة ورشوة ومحسوبية والدولار غلى والسلع زادت والمنتجات الزراعيه قلت.. بقى كل ده حصل وأنت مالكش ذنب؟ معقول!!
ده ربك بيدى كل واحد على قد عمله واحنا فى موضوع العمل ده مش شاطرين إلا فى الكلام، أى هرى فاضى وما تخدش إنجاز.
لما بشوف الشعب الألمانى اللى فيه كفره واللى عنده ضمير وذمة بقول يارب معقول الناس عندها ضمير فى الشغل أكتر من المتدينين بتوع ربنا اللى عندنا؟
الحقيقة اللى لازم نعرفها أنه على الأرض الدين والأخلاق لا علاقة لهم بجودة العمل، فالمهارة لا تقاس بأنك صليت ولا حجيت لأن المهارة فى التدريب والعلم والعمل.
كمان الوطنية مش بالهشتاج ولا بأنك تهتف ولا تعيط لما تيجى أغنية عن مصر فى القناة الأولى، الوطنية أن بعد ما تخلص عياط ماتسرقش بلدك ماترشيش ماتتنططش على الناس بعمك اللواء ولا بصاحبك اللى بيستناك فى المطار ولا تقول للظابط فى الكمين أنت لو ماعدتنيش ماتعرفش إيه اللى هايحصلك.
يا أخوانا احنا كل دول، احنا اللى مغرقين روحنا فى فساد كفيل ينهى على أى تقدم، وشىء غريب إن الناس بتعتقد أن البلد لو باظت بتبوظ على حكامها أبدا أنت غلطان، البلد بتبوظ على دماغ ناسها الأول، احنا اللى بنشيل الهم واحنا اللى قعدنا فى بيوتنا خايفين فى يوم من الأيام.
اليومين دول ظهرت ملامح كده بتودينا فى سكة اللى يروح وما يرجعش، خلو بالكم التالتة تابتة ساعتها والله ماهينفعنا حد، احنا ماصدقنا الحال اتصلح نوعا ما وبقى فى أمل من هنا أو من هناك.
هاتقولى يعنى يرضيك وضع حرية الرأى ولا الأسعار ولا السكر؟
هاقولك طيب بضميرك ياشيخ يرضيك أنت نص تصرفاتك اللى بتعملها وعارف إنها ضد البلد بس ساعتها بيبقى صوتك واطى مش زى ما صوتك جايب آخر الدنيا وأنت بتنتقد بلدك.
فكروا فى الكلام اللى أنا كاتبه هتلاقوه حقيقه فى كل بيت فى مصر.
نعيب بلادنا والعيب فينا وما لبلادنا عيب سوانا.
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد فايد رزق
برافو دكتور خالد
برافو دكتور خالد تشخيص جيد بس هل من مدكر؟