أكرم القصاص - علا الشافعي

خالد صلاح يكتب: المواد الخام لصناعة الديمقراطية

الخميس، 01 مارس 2018 12:00 م
خالد صلاح يكتب: المواد الخام لصناعة الديمقراطية الكاتب الصحفى خالد صلاح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مجلس النواب
 
الديمقراطية لا تولد فى الفراغ ولا تستحدث من العدم.
 
أنت تعرف ذلك طبعا، وإذا اتفقنا على ذلك، فإننى أقول لك إننا لا نستطيع أن نطرح ملف الديمقراطية وتداول السلطة فى بلد ما إلا إذا كان هذا البلد قد استكمل ملف «المواد الخام» المستخدمة فى صناعة مجتمع ديمقراطى، وامتلاك كافة العناصر التى تساعد على إتمام عمليات تداول السلطة، وقيام انتخابات حرة بين متنافسين جادين لتولى مسؤولية إدارة البلاد، والتخطيط والإعداد لبرامج واضحة فى إدارة شؤون الحكم، وتسيير أمور الدولة، ورعاية الشعب رعاية كاملة، والحفاظ على وحدة الوطن وسلامة أراضيه. 
 
فالديمقراطية ليست مصطلحا جميلا نطلقه فى الفراغ، وتداول السلطة ليس شعارا رائعا يتحقق من تلقاء ذاته دون مقومات حقيقية لذلك، هذه ليست صلاة الصبح فى جماعة، نصطف كتفا بكتف ونقول اللهم إننا ننوى الديمقراطية، فتتحقق بالنوايا والأفكار، الوصول إلى المجتمع الديمقراطى هو عملية كيميائية تحتاج إلى أسس وقواعد ومواد خام وعناصر مساعدة، واختبارات حقيقية لإنجازها على النحو الأكمل. 
 
الشرط الأول والأهم فى الوصول إلى مجتمع ديمقراطى هو أن يكون هذا المجتمع «آمن» أولا، الأمن هو أحد أهم الشروط التى تتحقق معه الديمقراطية، وقوة الدولة من الناحية الأمنية هى الأساس الذى يُمكّن القوى السياسية المختلفة من أن تدير معاركها الديمقراطية بكفاءة، وتتداول السلطة فيما بينها سلميًّا، وغياب الأمن وضعف الدولة لا يؤدى إلى الديمقراطية نهائيا، بل يؤدى إلى سيطرة الأقوى إلى الأبد، وهذا الأقوى قد يكون جماعة مسلحة أو تيارا متطرفا يستخدم الديمقراطية كوسيلة للوصول إلى الحكم ثم بعد ذلك ينقض على كل الأفكار الديمقراطية باسم الدين أو باسم القومية أو باسم الجماعة أو تحت أى شعار متطرف آخر. 
الأمن أولا، الأمن هو حجر الأساس فى بناء المجتمعات الديمقراطية، ولولا القوة الأمنية الحاسمة فى المجتمعات الغربية لتحولت الديمقراطية الغربية إلى ما يشبه ديمقراطيات جمهوريات الموز، فصائل متصارعة، وأراض مقسمة، وجنرالات حرب، وشعوب تنعم بحرية القتل، لا حرية البناء. 
 
ثم يأتى الشرط الثانى، والمادة الخام الفاعلة فى بناء المجتمعات الديمقراطية وهو الاقتصاد المستقر، وبدون اقتصاد مستقر يضمن رقى المجتمعات وارتفاع دخل الفرد، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، لا يمكن أن تتحقق الديمقراطية، لأن الأغنياء فقط هم الذى سيقودون البلاد عندها، ولن يقودوا البلاد بالأفكار، بل سيتولون شؤون الحكم بدفع الأموال للفقراء، وقد يكون الأغنياء هنا أفرادا، أو تنظيمات، تماما كما جرى فى سنوات الانتخابات «بالزيت والسكر» التى عاشتها مصر، ودفع ثمنها شعب مصر بالكامل.
 
الأمن، والاقتصاد، ثم يأتى ثالثا، البناء المؤسسى للقوى السياسية وقدرتها على إبداع برامج لإدارة الحكم ورسم خريطة المستقبل، البرنامج السياسى الجاهز للتنفيذ، لا الأوهام العبثية التى تتحول إلى شعارات لتضليل الناس لانتصار جماعة سياسية على جماعة أخرى، نحن عشنا لسنوات فى «تمثيليات ديمقراطية» لا قيمة لها، انتخب الناس «الإسلام هو الحل»، وانتخب الناس «ناصر والناصريين لاستعادة مجد الستينيات»، وانتخب الناس «أحزاب السلطة» بلا برنامج وبلا فكر وبلا خريطة طريق.
الآن، مصر تخرج بهدوء من عنق الزجاجة، وتبحث بشغف عن مسارات ديمقراطية، وإذا كنا نريد الديمقراطية حقا، فإن علينا أن نساعد الأمة على امتلاك المواد الخام أولا. 
الأمن، والاقتصاد، والبرامج الحقيقية. 
وبعدين نتكلم. 
 مصر من وراء القصد. 
سيناء
 
البورصة المصرية
 
مقال الكاتب الصحفى خالد صلاح

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة