أكرم القصاص - علا الشافعي

جيلان جبر

تعددت المسارات والمصير واحد

الخميس، 01 مارس 2018 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرض تُستباح ووطن ينتهك شعبه يوميا وسلاح وإرهاب يهدد مصير هذه الدولة وحتى قرار مجلس الأمن رقم 2401 الخاص بوقف الأعمال القتالية فى سوريا لمدة ثلاثين يومًا، والذى صدر منذ أيام، مازال يواجه عقبات لا تبدو سهلة، خاصة فى ظل عدم التوافق على تحديد رادع لموعد تفعيله أو نطاقه الجغرافى الخاص بالتهدئة وأهمية الفصل بين تنفيذه وبين العمليات العسكرية الموجهة ضد التنظيمات الإرهابية الموجودة هناك، خاصة «داعش» و«القاعدة» و«جبهة النصرة» أو «جبهة فتح الشام» والذى يدفع الثمن فيها الشعب، نساء وأطفالا، وبالتالى هذه المجزرة الإنسانية يدفع ثمنها وحدهم هؤلاء الأبرياء بسبب الخلاف الواضح فى المواقف بين الأطراف المحلية من جهة والقوى الإقليمية والدولية من جهة أخرى، فهى التى تواجدت منذ فترة وتركزت بقواتها هناك والمعنية بمصالح سياسية واقتصادية ولا يهمها سوى أن تحصد النتائج من الصراع السورى وتطوراته ومساراته المحتملة، خاصة بعد التصعيد الملحوظ من هذه المواجهات المسلحة فى منطقة الغوطة التى تعتبر قريبة لدمشق، فهى رسالة متبادلة بين هذا النظام السورى والمعارضة مما يعنى بداية للتسوية والمقايضة على إخراج وضع جديد على الأرض يريد أن تفرضها القوى المتحكمة من النظام ومعها عدد آخر من مصالح واضحة لكل من روسيا وإيران والأمريكان وتركيا، بالإضافة للمليشيات المسلحة مما يزيد الشكوك حول احتمالات الوصول إلى الحسم فى القرار للأزمة السورية فى الشهور القادمة.
 
وبدأت قوات النظام، بالتصعيد لتحسين موقفها وذلك بالقيام بعمليات عسكرية كبيرة لفرض سيطرتها على الغوطة، بهدف الحسم لأطراف محددة فى هذه المعركة وبحيث تخرج النتائج لصالح الحلف الروسى فى هذا التوقيت المهم من جهة وبتوصيل رسالة معينة وهى الإصرار على هذا الموقع المهم لتحسين وضعية النظام فى مرحلة تتطلب تحسين شروط التفاوض والتقييم لتوازنات القوى على الأرض لتحديد الأولويات فى الحسابات السياسية التى ستتم صياغتها قريبا.
 
إذا المشهد أمامنا يؤكد أن التصعيد العسكرى فى الغوطة الشرقية ليس صدفة، بل كان متوقعا إلى حد كبير، حيث تحظى هذه المنطقة بموقع جغرافى مهم يكسبها ثقلاً عسكريًا ويمكنها من تغيير موازين الصراع لصالح الطرف الذى يمكن أن يسيطر عليها، لأنها الامتداد الحقيقى بين العاصمة وحمص، ولأنها أيضا تعتبر منفذًا للمرور إلى جميع المحافظات السورية، كما أنها تدخل أيضًا فى إطار العاصمة السياسية لسوريا، وبالإضافة إلى ذلك، تعد الغوطة آخر وأهم معاقل المعارضة السورية، وبالتالى فإن السيطرة عليها تضمن للنظام السورى تأمين المكاسب التى حققها خلال الفترة الماضية، ومن دون شك، فإن السيطرة على الغوطة مهم، فى ظل ما سوف تفرضه من انعكاسات على وضع المفاوضات فى كل من جنيف وسوتشى، هذا ما يؤكده المحللون فى مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بالإمارات.
 
ففى الوقت الذى تسعى فيه روسيا نحو فرض الحل الذى تريده ممثلاً فى بقاء نظام الأسد وتثبيت وجوده، على نحو أدى إلى تأخير صدور القرار الأخير فى مجلس الأمن، فإن النظام يحاول من خلال العملية العسكرية تحقيق مكاسب أخرى، خاصة فيما يتعلق بممارسة ضغوط أقوى على تركيا، حيث كان لافتًا أن الهجوم على الغوطة تزامن مع التقدم التركى فى عفرين والقصف التحذيرى الذى تعرضت له الميليشيات المتحالفة مع النظام من جانب المدفعية التركية، عقب محاولتها الدخول إلى عفرين وانسحابها، وما أعقبها من تحذيرات أطلقها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بأن بلاده لن تسمح لأى مجموعة مسلحة بالدخول إلى عفرين.
 
يفرض تشابك وتعقد مصالح وحسابات القوى المنخرطة فى الصراع مسارات متعددة، وربما متناقضة، للمعركة فى الغوطة الشرقية، حتى بعد صدور القرار الأممى، حيث يمكن تحديد ثلاثة مسارات محتملة: المسار الأول يراه المحللون فى مركز المستقبل للأبحاث والدراسات يتمثل فى نجاح النظام السورى فى إحكام سيطرته على الغوطة، وهو احتمال يعززه انقسام قوى المعارضة المسلحة فى المنطقة، إذ شهدت الشهور الماضية تصعيدًا ومعارك عسكرية بين «جيش الإسلام» من جهة و«فيلق الرحمن» و«جبهة النصرة» من جهة أخرى، بسبب تصاعد حدة الصراع على النفوذ ومصادر التمويل. ويتوازى ذلك، مع إشارة اتجاهات عديدة إلى أن اختلاف التفسيرات الخاصة بالقرار رقم 2401، يمكن أن يؤدى إلى استمرار المواجهات العسكرية خلال المرحلة القادمة.
 
المسار الآخر يشير إلى استمرار المعركة دون حسم، خاصة فى حالة عدم تطبيق قرار مجلس الأمن، مع الوضع فى الاعتبار القدرات البشرية والمهارات القتالية التى تمتلكها الميليشيات المسلحة، مقارنة بالجماعات الأخرى الموجودة فى مناطق مختلفة داخل سوريا، وهو ما يعنى أنه لا يمكن استبعاد احتمال تمكن تلك الميليشيات من مواجهة العمليات التى يشنها النظام، على نحو يفرض حدودًا للتقدم الذى قد يحققه النظام. أو ينتهى الصراع بهزيمة النظام وبقاء الوضع على ما هو عليه، وهو مسار قد يتحقق فى حالة ما إذا تدخلت قوات عسكرية خارجية بدرجة يمكن أن تغير من توازنات القوى فى غير صالح النظام. لكن هذا الاحتمال غير مطروح على الأقل فى المرحلة الراهنة.
 
مسارات متعددة ومصالح متناقضة كلها تعنى أن الجهود المبذولة للوصول إلى تسوية للصراع فى سوريا ما زالت تواجه تحديات كبيرة مهما صدر من قرارات وظهر من تفاهمات لأن الكوارث مازالت مستمرة على شعب لا يملك من كل هذه الأطراف المتنازعة طرفا واحدا يحميه أو يؤمن له الاستقرار، وحده المواطن السورى هو من ينزف أو يدفع الثمن ليبقى صامدا على أرضة مهما كانت الاختيارات، فهو وحدة من يدفع الثمن.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة