أكرم القصاص - علا الشافعي

د.أيمن رفعت المحجوب

دوار الفكر الاشتراكى العقيم

الجمعة، 09 فبراير 2018 05:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كنت قد قدمت فيما سبق الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والفكرية لتدخل الدولة فى الاقتصاد، وبداية نهاية المذهب الاقتصادى الكامل الحرية، وندخل اليوم عنصراً جديداً ساعد على التعجيل بتدخل الدول فى الحكومات فى النشاط الاقتصادى وهو نضال العمال وتجاوب أرباب العمل.

فقد كان من أهم العوامل الدافعة للحد من نتائج المذهب الحر المطلق على العمال، تراكم العمال فى الشركات الكبرى وشعورهم ببؤس وانسجام، وسريان مبدأ التكتل النقابى بينهم رغم مقاومة السلطات وأصحاب العمل فى أول الأمر لمثل هذه التكتلات، حتى صدور أول قانون عام 1884 بتشكيل النقابات الحرفية فى فرنسا وعندها أصبحت المنظمات النقابية ثابتة القواعد وغدت أمراً محتوماً مسَلماً به، تحت ضغط العنف والقوة واللجوء إلى الاضراب والاعتصام، بل وللثورات فى كثير من الدول، مما يفرض على الدول التدخل لسن تلك التشريعات لتضمين العمال الشروط الملائمة للعمل فى بيئة انسانية.

وقد زاد فى قوة هذه المنظمات النقابية وباسمها حصول العمال على حقوق التصويت ودخولهم المعترك السياسى ومجال إدارات الشركات، حتى ظهر أول حزب سياسى عمالى فى إنجلترا 1903، إذ أخذت الأحزاب السياسية تتنافس على اكتساب تأييد العمال والحصول على أصواتهم فى الانتخابات النيابية ، وقد كان نجاح العمال فى المعارك السياسية مرافقاً دوماً لصدور التشريعات العمالية والاجتماعية التى تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة فى الحقوق والواجبات بين العمال وأصحاب العمل.

أما أصحاب العمل فلم يكن دورهم كبيراً فى هذا الصدد، إلا أنه كان لتجاوب المستنيرين منهم ومبادراتهم الفردية، أكبر الأثر فى حمل المشرعين على ترجمة ارادتهم والتعبير عنها بلغة القانون فتوالت التشريعات العمالية والاجتماعية فى فرنسا وباقى دول أوروبا من قانون تحريم تشغيل الأطفال عام 1841 وحتى قانون تحديد ساعات العمل اليومية بثمانية ساعات عام 1919.

وكان لإدخال بعض أصحاب العمل أسلوب المجالس الاستشارية، ولجان المهن المختصة فى الشركات والمؤسسات، وخصوصاً عمالهم، أثر فى حصول العمال على حصص من الأرباح، وعوائد على الانتاج، وتعويضات لقاء الأعباء العائلية، وقاموا بأحداث الخدمات الطبية والسكنية والثقافية والتعليمية لهم ولأولادهم وأنشئوا لهم صناديق التقاعد والمؤسسات التعاونية وغير ذلك من الخدمات العمالية المعروفة اليوم.

وقد ترتب على هذا أن تأثر المشرعين فى أغلب دول أوروبا وأمريكا فى كثير من هذه الميادين حيث خطوا خطى أصحاب الأعمال المستنيرين، كما أن الاتحادات والمنظمات النقابية قد أخذت على عاتقها أيضاً، تحمل قسط من عبء هذه الخدمات وفقاً لما تسمح لها من مواردها وإمكانياتها المادية المحدودة فى أول الأمر. ومن هنا كانت بداية بناء امبراطورية العدالة الاجتماعية المنشودة، حتى ظهر "دوار الفكر الاشتراكي" العقيم.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة