"بحلم أكون عالما كبيرا يفيد كل الناس.. وأنا نفسى أعمل مشروعات كبيرة وفى أماكن كتيرة.. أما حلمى أنا هو أنى أكون فنانة عظيمة برسم وأمثل وأعمل حاجة تبسط الناس".. كلها أحلام مشروعة ومن حق كل إنسان وإن كان مريضًا من نزلاء مستشفى العباسية، فالفن لغة بسيطة تعلمها جيدًا 7 ممثلين من مرضى الفصام والتصلب المتعدد ليخرجوا لنا مسرحية "صح صح" التى تدور حول استفاقة المرضى من حياتهم الروتينية على تهديد بسحب المستشفى منهم الذى أصبح بمثابة بيتهم، وكيف سيؤثر فيهم ذلك ويجعلهم يتصدون لأى محاولة تواجههم.
وعلى الرغم مما عكسته مؤخرًا الفيديوهات المسربة عن مستشفى العباسية من إهمال وسوء تعامل مع المرضى، إلا أن المرضى عكسوا صورة مختلفة تمامًا خلال المسرحية التى عرضوها بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، وتحدثوا عن جانب آخر يعانى منه المستشفى ويعتبر تهديدًا لهم، وهو محاولات الاستيلاء على المستشفى الذى كان بمثابة إسقاط عن الواقع، كما أكد الدكتور مصطفى السيد، الأخصائى النفسى بالمستشفى ومؤلف العرض.

عرض صح صح
علاج وأمان ومسكن
أما عن الفكرة، فقال الدكتور مصطفى السيد، إن هناك هاجسا عند الكثير من الموجودين فى مستشفى العباسية، بأنه سيتم سحبه بسبب الأجزاء التى تقتطع من مساحته وحديقة العروبة التابعة له وهذا الهاجس لدى الأطباء والمرضى أيضًا الذين تساءلون حول حقيقة ذلك.
وأضاف السيد: "أصبح المستشفى بيتا لهم فمنهم الكثير ممن استمروا فيه بعد التأهيل، لأنهم لم يتمكنوا من الحياة بالخارج، فلم يجدوا أحد يكفلهم، فكان المستشفى مأوى لهم، وذلك بجانب أكثر من 5 آلاف مريض يصرفون الأدوية ويترددون على العيادات فقط، يعتبرون أيضًا المستشفى بيتهم.

جانب من العرض المسرحى
هاجر.. 14 سنة مع مرض التصلب المتعدد
هاجر صلاح الدين مريضة تصلب متعدد "MS" لمدة 14 سنة، تقول فى تصريحات لـ"اليوم السابع": "أنا بحب التمثيل جدًا، وتطوعت للمسرحية مع فريق العباسية، وتتكلم المسرحية عن أشخاص سلبيين جدًا يعيشون داخل المستشفى دون القيام بأى شىء مفيد لهم، ولكن مع معرفتهم أن المستشفى سيتم أخذه منهم خافوا وبدأوا يتحركوا فعليا للمحافظة على مكانهم".
أما عن الصعوبات التى واجهت هاجر فى التعامل مع الدور، فقد اعتبرته تحديًا لأن حفظ نص مسرحى بالنسبة لها كان صعبًا إلى حد ما، خاصة أن مرض التصلب المتعدد يؤثر على الذاكرة، مؤكدة أن كل من يعرف أنها تذهب للعباسية، كانوا يشعرونها بأنها فى وقر عفاريت، بسبب عدم الصورة السيئة والوصمة التى ترتبط بالمرض النفسى.
وتصف هاجر إصابتها بالمرض على أنه أمر طبيعى تمكنت من تخطيه، والذى اكتشفته فى العام الأول الجامعى، حيث أصبح الجزء الأيمن لا يتحرك ولكنها تلقت التأهيل المناسب وعادت لحياتها الطبيعية، مؤكدة أنها تطور نفسها خطوة بخطوة وتستمر فى برامج التأهيل، ولم تجد أى صعوبات فى التعامل مع المرضى النفسيين بالعباسية، فقد تعاملوا معها كفرد من عائلتهم ولا يؤذيها أى منهم، بل كانوا أشطر فى التمثيل وأكثر تفاعلاً.

كواليس العرض خلال مراجعة النص
العلاج النفسى ليس فقط أدوية
العلاج النفسى ليس أدوية فقط ولكن تأهيل من خلال المشاركة فى المجتمع وتنمية المهارات المتنوعة، هذا ما أكدته الدكتور شيرين دحروج، أخصائى التأهيل النفسى بمستشفى العباسية، حيث إن المسرحية نوع من الأنشطة التأهيلية، والتى شارك فيها 5 مرضى فصام و2 مرضى تصلب متعدد.
وأضافت دحروج، أن هناك اثنين من المرضى المحتجزين فى المستشفى منذ أكثر من 20 عامًا، لأنه ليس لديهم من يستلمهم ويشاركون فى الأنشطة بحب وإقبال على تعلم أمر جديد، وهو الأمر الذى يعد بمثابة دعم نفسى لهم.

فريق العمل
المرض النفسى مثل الأنفلونزا

المؤلف والمخرجة مع الممثلين
جانب من تفاعل الجمهور