حذر الاتحاد الأوروبى اليوم الأربعاء من أن تقلب السوق قد يشكل تهديدا على الاقتصاد المزدهر فى منطقة اليورو، وسط توقعات بنمو الكتلة النقدية الموحدة بأسرع وتيرة لها منذ عشر سنوات.
وتقدر المفوضية الأوروبية، فى تقرير صادر عن المفوضية ونشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، نمو منطقة اليورو بنسبة 2.4% خلال عام 2017، لتتجاوز بذلك التوقعات بنسبة 0.2 نقطة مئوية.
وعدلت اللجنة توقعاتها للنمو لعامى 2018 و 2019 مقارنة بتوقعاتها السابقة فى نوفمبر الماضى، حيث توقعت نمو المنطقة بنسبة 2.3% خلال العام الجارى و 2% فى عام 2019، بالرغم من تحقيق الاقتصاد الألمانى والفرنسى والإسبانى أداء قوي.
وقال بيير موسكوفيتشى مفوض الشؤون النقدية والاقتصادية الأوروبى "اقتصاد أوروبا بدأ عام 2018 وهو فى وضع قوي" و"يتمتع بمعدلات نمو لم تشهدها منذ الفترة التى سبقت الأزمة المالية العالمية".
وحذرت بروكسل أيضا فى توقعاتها المكونة من 44 صفحة من المخاطر السلبية على البيانات الإيجابية بقولها إنها "أصبحت أكثر وضوحا".
وأظهرت التوقعات - التى تم إعدادها قبل حدوث التقلبات التى شهدتها أسواق الأسهم العالمية هذا الأسبوع - احتمال حدوث "تصحيح حاد فى الأسواق المالية".
ويقول خبراء الاقتصاد فى اللجنة إن أسعار الأصول "قد تكون عرضة لإعادة تقييم الأسس والمخاطر التى قد تكشف الهشاشة المتعلقة بتدهور أوضاع الديون فى عدد من الدول الأعضاء".
وشددت بروكسل على أن أسعار الأسهم الأميركية تبدو مرتفعة للغاية، فيما تتداول أسواق الأسهم الأوروبية على النقيض على نحو أكثر اعتدالا".
وقالت المفوضية إن النمو فى منطقة اليورو يمكن التحقق منه من خلال "القيود المتعلقة بالعرض" مثل نقص العمالة الماهرة التى دفعت الاقتصاد للارتفاع فى وقت سابق عما كان متوقعا، كما تعد التوترات الجيوسياسية بشأن كوريا الشمالية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى من المصادر الأخرى لعدم اليقين.
وتتوقع اللجنة، فى توقعاتها الفردية لكل بلد، أن تشهد ألمانيا نموا قويا متواصلا بنسبة 2.3% فى 2018، أى بزيادة قدرها 0.2 نقطة مئوية مقارنة بالتوقعات السابقة و2.1% فى عام 2019.
وأظهرت التوقعات أن فرنسا ستحقق نموا هذا العام بنسبة 2% للمرة الأولى منذ عام 2011، كما توقعت أن ينمو اقتصاد إسبانيا بنسبة 2.6% فى عام 2018.
وأضاف التقرير أن آثار الأزمة الكتالونية على الاقتصاد الإسبانى "لا تزال واردة" حتى الآن، وقد تتسبب أى تطورات مستقبلية بشأن الأزمة فى حدوث تأثير على الاقتصاد، وهو ما لا يمكن توقع حجمه فى هذه المرحلة.
ولا تزال إيطاليا متخلفة عن منطقة اليورو ككل، مع توقع نمو اقتصادها بنسبة 1.5% فى عام 2018، لتصبح أبطأ الاقتصادات الخمسة الرئيسية فى منطقة اليورو.
وتعتقد بروكسل أن الاقتصاد البريطانى سينمو بنسبة 1.4% هذا العام، أى بزيادة طفيفة عن التوقعات بنموه 1.3% فى نوفمبر الماضي، ولكن أقل من النمو البالغ 1.8% المقدر لعام 2017.
وأضافت المفوضية أن توقعات النمو فى المملكة المتحدة "لا تزال ضعيفة نسبيا"، ويرجع ذلك أساسا بسبب تباطؤ الاستهلاك الخاص.
يذكر أن توقعات المملكة المتحدة قد تم حسابها على أساس "افتراض تقني" بأنه لن يكون هناك أى تغيير فى العلاقات التجارية البريطانية مع الاتحاد الأوروبى حتى نهاية فترة التوقعات فى عام 2019.
وبالرغم من أن المملكة المتحدة ستغادر الاتحاد الأوروبى فى مارس المقبل، إلا إن حكومة تيريزا ماى تسعى إلى الدخول فى فترة انتقالية لمدة عامين آخرين.
وأشار خبراء الاقتصاد فى اللجنة إلى المسارات المتفاوتة تدريجيا التى يتخذها البنك المركزى الأوروبى - الذى لا يزال يوفر "درجة كبيرة" من التحفيز لمنطقة اليورو، بما فى ذلك من خلال شراء 30 مليار يورو من الأصول فى الشهر الواحد - إضافة إلى بدء مجلس الاحتياطى الفيدرالى فى الولايات المتحدة فى رفع أسعار الفائدة بشكل مستمر.
وعلى الرغم من أن البنوك المركزية قد أكدت للمستثمرين أن التحولات فى السياسة النقدية ستكون "حكيمة" و "تدريجية"، حذر التقرير من أن عمليات تقييم الأسهم الأمريكية المزدهرة قد تكون ضعيفة بسبب شيخوخة سكان العالم وانخفاض النمو على المدى الطويل.
وأضافت اللجنة أن الأسهم الأوروبية تعد أقل عرضة لخطر إعادة التسعير المفاجئ لأن قيمتها لا تزال معتدلة، كما سجلت قيمة عائدات السندات السيادية الأوروبية أسعارا "منخفضة للغاية".
وتوقعت أيضا أن يظل التضخم الأساسى فى منطقة اليورو "ضعيفا" حتى عام 2019، حيث يتراجع الركود فى سوق العمل ببطء، فيما لا تزال هناك ضغوط على الأجور.