سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 فبراير 1968.. أحمد بهاء الدين نقيب الصحفيين يتمسك ببيان النقابة المؤيد لمظاهرات الطلاب.. وعبدالناصر يرفض اعتقاله

الأربعاء، 28 فبراير 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 فبراير 1968.. أحمد بهاء الدين نقيب الصحفيين يتمسك ببيان النقابة المؤيد لمظاهرات الطلاب.. وعبدالناصر يرفض اعتقاله أحمد بهاء الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فرضت مظاهرات طلبة الجامعات نفسها على كل مؤسسات الدولة المصرية، منذ اندلاعها يوم 21 فبراير 1968 احتجاجا على ضعف الأحكام العسكرية الصادرة ضد قادة سلاح الطيران فى نكسة 5 يونيو 1967، وأخذت نقابة الصحفيين موقفها فى ذلك فأغضبت السلطة، وفقا للكاتب الصحفى محمد توفيق فى كتابه «الملك والكتابة - قصة الصحافة والسلطة فى مصر 1950 - 1999» عن «دار دلتا للنشر القاهرة».
 
يذكر «توفيق»، أنه فى صباح الأربعاء 28 فبراير «مثل هذا اليوم» 1968، عقد مجلس نقابة الصحفيين اجتماعا طارئا لمناقشة تطورات الموقف على أثر المظاهرات، ويضيف توفيق: «حضر الاجتماع أحمد بهاء الدين «نقيبا»، وأعضاء المجلس، كامل زهيرى، فتحى غانم، على حمدى الجمال، سعيد سنبل، صلاح الدين حافظ، صبرى أبوالمجد، محمود المراغى، منصور القصبى، سامى داود، واعتذر عن عدم الحضور «طلعت شعث»، وكما هو واضح من هذه الأسماء، كانت تنتمى تقريبا إلى المؤسسات الصحفية الموجودة وقتئذ، الأهرام، الأخبار، دار التحرير التى تصدر الجمهورية، دار الهلال، روز اليوسف.
 
جرت مناقشات واسعة حول الأحداث، ودور الصحافة فى هذه المرحلة، حسبما يؤكد «توفيق»، مضيفا: «اتفق مجلس النقابة على إصدار مذكرة ورفعها إلى المسؤولين، جاء فيها: «إن مجلس نقابة الصحفيين يعتقد أن المظاهرات التى قام بها طلبة الجامعات والعمال كانت تعبيرا عن إرادة شعبية عامة، تطالب بالتغيير على ضوء الحقائق التى كشفت عنها النكسة، وبناء عليه يجب الإسراع فى حساب كل المسؤولين، وتعميم هذا الحساب حتى يشمل كل القطاعات والمؤسسات فى البلاد، ويجب توسيع قاعدة الديمقراطية، والإسراع فى إصدار القوانين المنظمة للحريات العامة».
 
وقع الحاضرون على المذكرة، وطبقا لتوفيق: «قبل إذاعته رن جرس الهاتف فى مكتب نقيب الصحفيين، ووجد أن المتحدث هو الوزير محمد فائق وزير الإرشاد القومى، وقال للنقيب: «المطلوب هو عدم إذاعة أى بيان من نقابة الصحفيين»، فرد نقيب الصحفيين قائلا: «آسف يا سيادة الوزير لأن القرار ليس قرارى وحدى، ولكنه قرار مجلس النقابة».
 
هكذا كان رد «بهاء» حاسما وقاطعا على وزير الإرشاد القومى، غير أن الاتصالات لم تنقطع معه، وطبقا لتوفيق فإنها انهالت عليه، وكان من بينها اتصال من على صبرى أمين عام الاتحاد الاشتراكى الذى كان التنظيم السياسى الوحيد فى مصر وقتئذ، وقال صبرى فى اتصاله: «بصفتى أمين الاتحاد الاشتراكى أرجو عدم إصدار هذا البيان»، فجدد نقيب الصحفيين رده حاسما: «إن الاتحاد الاشتراكى قد يكون مالكا للمؤسسات الصحفية، ولكنه لا يملك نقابة الصحفيين»، والمعروف أن الصحف المصرية آلت ملكيتها للاتحاد الاشتراكى بعد قرار تأميمها يوم 28 يناير عام 1960.
 
يؤكد توفيق، أنه فى الساعة التاسعة مساء توجه أحمد بهاء الدين حاملا البيان مكتوبا بخط يده، وقام بكتابته على الآلة الكاتبة، وفى صباح اليوم التالى «1 مارس 1968» كانت هناك نسخة منه على مكتب الرئيس جمال عبدالناصر، الذى اعتبره، طبقا لتوفيق، «طعنة موجهة إليه من نقابة الصحفيين»، مضيفا: «اقترح البعض القبض على أحمد بهاء الدين، واقترح البعض الآخر القبض على عدد من أعضاء مجلس النقابة، لكن جمال عبدالناصر علق على تلك الاقتراحات، قائلا: لا تقبضوا عليه.. ده أحمد بهاء الدين وأنا عارفه.. مخه كده».
 
فى كتابه «المثقفون وثورة يوليو 1952» للدكتور مصطفى عبدالغنى عن «مركز الأهرام للترجمة والنشر»، شهادات حصل عليها المؤلف من مثقفين ينتمون إلى تيارات سياسية مختلفة من بينهم «بهاء الدين» حول علاقتهم بثورة يوليو وزعيمها، ويؤكد بهاء فى شهادته، أن بيان نقابة الصحفيين آلم عبدالناصر كثيرًا، وأثار غضبه، وتصادف بعده أن قابل عبدالناصر، سامى الدروبى، السفير السورى فى القاهرة والمقرب جدا من عبدالناصر، وفى نفس الوقت مقرب جدا لبهاء، وحسب رواية بهاء لعبدالغنى.. قال عبدالناصر للدروبى: «كنت غير متوقع من صاحبك كده»، وعندما استفسر منه الدروبى عن قصده، قال عبدالناصر: «البيان اللى طلع بيه كان طعنة خنجر فى ليلة مظلمة»، وواصل عبدالناصر: «أخبرنا النقابات ألا يعملون اضطرابات أو مظاهرات أو أى شىء يؤثر على عملنا، فقام هو وأصدر هذا البيان، وبهاء لا يعرف ظروف الفترة»، ويعلق بهاء: «يبدو أن الدولة كانت تنظر إلى الحدث بمنطق آخر، وأكثر ما يؤلمنى الآن أن عبدالناصر قال للدروبى قبل أن يفارقه: اذهب إلى بهاء وقل له «لماذا فعلت ذلك فى مثل هذه الليلة؟».
 
بالرغم من ذلك فإن «بهاء الدين» تصدى بقوة لحملة الهجوم الشرسة التى تعرض لها عبدالناصر منذ السبعينيات وحتى مرضه ثم وفاته عام 1996، ومن مقالاته الشهيرة فى ذلك: «موتوا بغيظكم».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة