شهدت محافظة الإسكندرية عقب ثورة 25 يناير وخلال فترة الانفلات الأمنى، مسلسلًا لهدم الفيلات الأثرية استنادًا لأحكام قضائية صادرة من محكمة القضاء الإدارى، وشمل مسلسل الهدم عددًا من الفيلات والمبانى الأثرية، حيث تعرضت المحافظة لخسارات متتالية وفادحة لمبان ومنشآت أثرية ذات قيمة لا تعوض، بما ينذر بكارثة تواجه التراث العمرانى والمعمارى بالمحافظة.
بدأت مذبحة المبان التراثية منذ عام 2007، ومستمرة حتى الآن برفع نحو 50 مبنى وفيلا أثرية بالإسكندرية من مجلد التراث، بما يعطى لمالك المبنى الأثرى حرية التصرف فيه بالهدم أو بالبيع.
وأصبح الأمر يمثل أزمة حقيقية يتطلب تدخل تشريعى فورى من الدولة بكافة مؤسساتها لتعديل نص المادة الثانية من القانون 144 لسنة 2006 لتتلاءم مع نص المادة الثانية من لائحته التنفيذية، وذلك لتجعل التميز العمرانى سببًا فى ذاته للإدراج فى مجلد الحفاظ على التراث والمبانى الأثرية.
تفاقم الأزمة بهدم "راقودة" و"نيو كريستال"
تفاقمت الأزمة بهدم مبانى تراثية ليس فقط المسجلة بمجلد التراث، ولكنها تمثل تاريخ المدينة وأثرت فى وجدان الشعب السكندرى، ولعل أشهر تلك المبانى الضجة التى أثارها هدم مبنى "راقودة" ذو الطابع المعمارى المتميز فى منطقة الشاطبى، ومؤخرا مقهى "نيو كريستال".
وعلى الرغم من أن كلا منهما لا يمثل قيمة أثرية، إلا أن ساهم فى تشكيل وجدان المواطن السكندرى، حيث يتميز مبنى راقودة بالطراز العمارى المتميز والذى ظل كائن على كورنيش الإسكندرية بمنطقة الشاطبى 70 عاما، وكان يقطن به المخرج العالمى يوسف شاهين.
أما مقهى "نيوكريستال" فأثار هدمها عاصفة غضب لدى السكندريين، حيث كانت ملتقى الأدباء الشعراء والفنانين وكان لكل مواطن سكندرى أو حتى وافد إليها ذكريات لا تنسى داخل هذا المقهى.
"أجيون وأمبرون ومؤسسى الأهرام" أشهر الفيلات التى فقدتها الإسكندرية
وشهدت الإسكندرية هدم عدد كبير من الفيلات الأثرية المميزة لها ذات الطراز المعمارى المتميز، مثل الفيلا رقم 26 شارع أحمد يحيى – زيزينيا - بحى شرق بخريطة رقم 12 بمجلد التراث، وتم هدمها بالفعل فى 25 فبراير 2014 والمسجلة تحت رقم 1976 بمجلد الحفاظ على التراث بالإسكندرية، وتم حذفها بقرار وزير الإسكان رقم 577 لسنة 2013، بناءً على حكم قضائى، منشور فى الوقائع المصرية فى 14 ديسمبر 2013.
كما تم هدم الفيلا رقم 59 شارع مصطفى أبو هيف بالإسكندرية، وهى عبارة عن فيلا مساحتها 300 متر تقريبًا ملحق بها حديقة مسورة مكونة من ثلاثة طوابق خالية من السكان والمنقولات، وانهار مبنى الفيلا حتى سطح الأرض عدا الجانب الأيسر، وفيلا رقم 31 شارع سوريا بحى شرق، وفيلا عبد السلام اللقانى 4 شارع عبد السلام القبانى بحى وسط والتى تم هدمها خلال فترة الانفلات الأمنى عقب ثورة 25 يناير، كما تم هدم العقار رقم 26 /28 شارع محمد فريد (36/38 ونجت سابقًا)، والعقار رقم 79 طريق الحرية (شارع فؤاد) الذى تم هدمه فى يونيو 2012.
بالإضافة إلى عدد من الفيلات الشهيرة التى أثارت ضجة كبرى عند هدمها وفى مقدمتها فيلا "أجيون " حيث خسرت الإسكندرية المعركة بعد 14 عاما من الصراع، و لقد كانت معركة الحفاظ على فيلا "جوستاف أجيون" بمنطقة وابور المياه وسط الإسكندرية وأشرس المعارك التى شهدتها الإسكندرية فى مجال الحفاظ على المبانى الأثرية، حيث أثار هدم الفيلا أزمة كبيرة فى الإسكندرية منذ فبراير عام 2014، فى أول محاولة لهدم الفيلا الأثرية بعد أن كان الصراع فى السابق بين أروقة المحاكم فقط، واستمر وقف أعمال الهدم إلى أن تمكن ملاك الفيلا الجدد، فى غفلة من الدولة.
ثم جاء هدم فيلا "أمبرون" فى محرم بك والتى شهدت ميلاد رباعية "درايل"بعد حصول المالك على حكم محكمة بخروجها من مجلد التراث، وبالتالى يحق له التصرف بها سواء بالهدم أو البيع، بالرغم من القيمة الأثرية، حيث أنها من تصميم المهندس المعمارى "بيل إيبوك" وشيدت على الطراز الإيطالى عام 1920، وكانت ملكا لعائلة المقاول الإيطالى أمبرون وزوجته الفنانة التشكيلية إميليا، ويعد البرج الأثرى الملحق بها أهم ما يميزها ويجعلها تجمع ين مميزات الفيلا والقصر معا، كما أنها كانت بيتا لعدد من الفنانين المصريين والأجانب، وأشهر من سكنها الكاتب البريطانى لورانس داريل خلال الفترة من 1924 حتى عام 1956.
أما هدم فيلا "تقلا " التى كانت مملوكة لعائلة "بشارة وسليم تقلا مؤسسى جريدة الأهرام" الكائنة بـ510 طريق جمال عبد الناصر "بوكلى" فقد أثار غضب كبير بين مثقفى الإسكندرية بعد رفعها من مجلد التراث ليصبح المالك حر فى بيعها أو هدمها وبناء برج سكنى.
هدم 70 مبنى أثرى من إجمالى 1350 بالإسكندرية
من جانبه، قال الدكتور محمد عوض، رئيس لجنة حماية التراث بالإسكندرية، إن المبانى الأثرية والتراثية المهددة بالهدم تقدر بنحو 1350 مبنى تراثى وأثرى بالمحافظة، موضحا أن عدد المبانى الأثرية والتراثية التى تم هدمها حتى الآن 70 مبنى أثرى وتراثى من الإجمالى.
وحول التعديلات التشريعية للقانون أشار عوض، لـ"اليوم السابع"، إلى أن الدولة تساهم بهدم تلك الفيلات الأثرية من خلال التقاعس عن التعديلات التشريعية، مطالبا بتدخل تشريعى فورى من السلطة الحالية لتعديل نص المادة الثانية من القانون 144 لسنة 2006 لتتلاءم مع نص المادة الثانية من لائحته التنفيذية وذلك لتجعل التميز العمرانى سببًا فى ذاتة للإدراج فى مجلد الحفاظ على التراث والمبانى الأثرية، وذلك لوقف الخسارات المتتالية والفادحة لمبان ومنشآت ذات قيمة لا تعوض، بما ينذر بكارثة تواجه التراث العمرانى والمعمارى بالمدن المصرية.
محافظة الإسكندرية تشكل مجلس التراث السكندرى
من جهه أخرى بدأت محافظة الإسكندرية فى اتخاذ خطوات نحو مواجهة تفاقم الأزمة، حيث تم تشكيل مجلس التراث السكندرى تفعيلا للقرار الذى أصدره الدكتور هشام الشريف وزير التنمية المحلية، رقم 581 لسنة 2017، بتشكيل المجلس برئاسة الدكتور محمد سلطان محافظ الإسكندرية والمهندس محمد أبو سعدة رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، وبعضوية مركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط بمكتبة الإسكندرية وعدد من ممثلى أجهزة الدولة كرئيس اللجنة الدائمة للحفاظ على التراث ورئيس الأمانة الفنية للحفاظ على التراث بالإسكندرية.
ويختص المجلس بمهام تنموية تختص بالإسكندرية منها الحفاظ على مدينة الإسكندرية كتراث حضارى إنسانى يحترم التاريخ والتنوع والتواصل والثقافة والحضارات، والارتقاء بمحافظة الإسكندرية تراثيًا وفنيًا وتنسيقهًا عمرانيًا وحضاريًا، لتكون محافظة مميزة عالميًا من خلال وضع قواعد لتطوير وتحسين الصورة البصرية للمدينة ككل ولاستخدامات الميادين والفراغات العامة بصفة خاصة مع الاهتمام بحدائق وقصور المنتزه ومنطقة الميناء الشرقى والمبانى التراثية والمواقع الأثرية المختلفة بالمحافظة، وإعداد المشروعات التنموية والتراثية المراد تنفيذها بالإسكندرية.
أما عن مواجهه هدم المبانى التراثية غير المسجلة بمجلد حفظ التراث، فقد أصدر الدكتور محمد سلطان محافظ الإسكندرية قرارا رقم 2301 لسنة 2017، بإنشاء اللجنة الدائمة لحصر المبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز بالمحافظة، على أن يتولى رئاستها الدكتور مجدى محمد موسى أستاذ العمارة والتخطيط وعميد كلية الفنون الجميلة الأسبق جامعة الإسكندرية، وتضم فى عضويتها أساتذة الهندسة الإنشائية والهندسة المعمارية والنحت والعمارة بكلية الفنون الجميلة، وكلية الهندسة، وأساتذة الآثار والتاريخ وممثلين عن المحافظة ووزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وتختص اللجنة بأعمال حصر المبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز المرتبطة بالتاريخ القومى أو بشخصية تاريخية أو التى تمثل حقبة تاريخية أو التى تعتبر مزارا سياحيا وذلك لبيان مدى مطابقتها للمعايير ومواصفات المبانى الصادر بشأنها قرار رئيس مجلس الوزراء، وتقوم اللجنة بقيد العقارات المحظور هدمها فى سجلات يوضح فيها أسباب القيد للمبانى والبيانات الخاصة على النحو الوارد بالقانون رقم 144 لسنة 2006، ولائحته التنفيذية.
لافتة تحمل رقم الحكم وترخيص الهدم
هدم فيلا مؤسسى الأهرام من الداخل
فيلا مؤسسى الأهرام
المدخل الرئيسى يشير إلى التاريخ الأثرى
بوابة الفيلا
هدم فيلا " تقلا "من الداخل
استمرار أعمال هدم الفيلات الأثرية
الفيلا محاطة بالأشجار الكثيفة
البوابة الخارجية لفيلا مؤسسى الأهرام
هدم أمبرون حتى سطح الأرض
فيلا أمبرون بمحرم بك
فيلا أجيون
فيلا أجيون قبل الهدم
مبنى راقود
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة