أصغر "مدمن هيروين" يكشف لـ"اليوم السابع" العالم السرى للبودرة.. "ميدو": أدمنت المخدرات فى العاشرة.. وبدل ما اشترى لعبة كنت بضيع مصروفى على "الكيف".. وفقدت براءة الطفولة بالإدمان

السبت، 24 فبراير 2018 10:49 ص
أصغر "مدمن هيروين" يكشف لـ"اليوم السابع" العالم السرى للبودرة..  "ميدو": أدمنت المخدرات فى العاشرة.. وبدل ما اشترى لعبة كنت بضيع مصروفى على "الكيف".. وفقدت براءة الطفولة بالإدمان الطفل المدمن
كتب - محمود عبد الراضى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس كباقى الأطفال فى سنه، الذين يلتفون حول ألعابهم، يجرون ويمرحون فى شوارع منطقتهم بالمطرية بقلب القاهرة، فقد كان اهتمامه الأكبر بالحصول على «جرعة البودرة».
«محمد.ص» أصغر مدمن «هيروين فى مصر»، دخل مملكة الهلوسة منذ نعومة أظافره، حيث بدأ رحلة الإدمان فى العاشرة من عمره، على مدار 4 سنوات متصلة، كان قاب قوسين أو أدنى من الموت عدة مرات خلال هذه السنوات الأربع، حتى تدخلت الأسرة والأصدقاء لإنقاذ «الطفل» ودخوله مصحة لعلاج الإدمان لإنقاذ ما تبقى منه كطفل.
 
1
 
التقت «اليوم السابع»، بـمحمد ليسرد قصته مع الإدمان والعالم السرى للمخدرات، وكيف تحول من طفل برىء إلى مدمن تسيطر عليه المخدرات.
 
الطفل طويل القامة نحيف الجسد، قال :«رجل كبير فى السن، من عمر جدى، مش ممكن أنساه، هو السبب فى إدمانى»، مضيفًا: كنت أجلس قبل 4 سنوات من الآن بجوار رجل مسن يتعاطى الهيروين، فساقنى فضولى لسؤاله عن المادة التى يتعاطها، فلم يتردد الرجل فى منحى بعضا منه، ومن وقتها أصبحت مدمنًا.
 
وأردف الطفل، منذ ذلك الوقت وصار تعاطى البودرة أمر روتينى بالنسبة لى، وأصبحت أتحرك فى شوارع المطرية وأحصل على الهيروين من الأصدقاء وبعض الشباب بسهولة، حتى أصبحت لا أستطيع العيش بدونه.
 
الطفل-المدمن
 
ويضيف الطفل، بحروف متلعثمة، ربما كان الأطفال فى عمرى يبحثون عن «لعبة» بينما كنت أنا أبحث عن «البودرة» التى دمرت عقلى، وجعلتنى شخصا آخر، جعلت الناس تنظر إلى وتعاملنى على أنى رجل كبير مخيف، فقد غيرت من ملامح وجهى، وشعرت بأن العمر تقدم، فلم أستمتع بطفولتى مثل باقى الأطفال، كان «نفسى مثلاً أجرى وألعب واتنطط، واشوف تومى وجرى فى التليفزيون»، كنت أحلم «بشرب اللبن فى الصباح الباكر، والخلود للنوم مبكرًا مثل باقى الأطفال»، لا أفكر فى شىء، ولا يشغلنى شىء سوى اللعب.
 
الطفل يكمل حديثه: الهيروين قلب حياتى رأسًا على عقب ودمرنى بالمعنى الحرفى للكلمة، حتى أصبحت ألعن هذا الرجل العجوز الذى أعطانى يومًا «البودرة»، والتى كانت بمثابة نقطة تحول فى حياتى.
 
مصحة-لعلاج-المدمنين
 
يلتقط الطفل أنفاسه، ويكمل حديثه قائلاً: كنت أعمل «فواعليا» باليومية، فتارة أذهب مع «مبلط»، وأخرى مع «سباك» وهكذا، وأحصل فى اليوم على أجر مادى يفوق الـ 150 جنيها، اشترى بجميع ما أملك من أموال على مدار الأسبوع «بودرة»، فلم أفكر يوماً فى شراء الأكل أو شرب، فلم يشغلنى لحظة من اللحظات سوى البحث عن الهيروين، الذى بات كل شىء فى حياتى.
 
وتابع الطفل: بدأت أتوسع فى التعاطى، وباتت الأموال التى أحصل عليها من عملى غير كافية لشراء الجرعة التى أتعاطها، ومن ثم لجأت لسرقة الأجهزة الكهربائية من المنزل وبيعها لشراء المخدرات.
 
واستطرد الطفل، سرقت كل شىء وقعت عليه عينى فى المنزل، فكل ما يباع كنت أسرقه، كل هدفى الحصول على جرعة الهيروين بأية وسيلة، فإحساس صعب ومؤلم عندنا يأتى موعد تعاطى الجرعة ولا تكون موجودة، أشعر وقتها أن الموت ينهش فى جسدى.
 
بكاء مستمر ودعوات أن يخلصنى المولى عز وجل من هذا الكابوس الذى حاصر حياتى لمدة 4 سنوات متتالية، ساعدنى فى الاستمرار به أصدقاء السوء، ولم يتوقف الأمر على الشباب، بل امتد للفتيات، فقد تعرفت على سيدة وفتاة فى منطقتنا كنت أذهب إليهما يومياً لتوفير الهيروين، حيث كانت السيدة تتعاطى «البودرة» بمعرفة زوجها، وكنت أقاسمها الكيف يوميا.
 
وعن تعافيه من الإدمان، قال «الطفل»، لم أستطع الصمود طويلا أمام «شبح الإدمان» فقررت التوقف عنه، وساعدنى فى ذلك جارى «متولى.س»، الذى يتبنى مبادرة «اشفى مدمن»، حيث كان يربطنى بالجنازير فى قدمى ويدى، لمنعى من تعاطى السموم البيضاء.
 
وتابع الطفل، عشت أيام قاسية فى بداية الأمر، وأنا أقاوم بكل ما أوتيت من قوة شبح الإدمان وساعدتنى والدتى كثيرا فى هذا الأمر، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، وإنما أرسلونى لمصحة لعلاج الإدمان مكثت بها عدة أيام، وبدأت بالفعل الاقلاع تماماً عن تعاطى الهيروين.
 
يعود الطفل بظهره للخلف، ويكمل حديثه قائلا، بدأت أشعر بالراحة نفسيا لأول مرة بعد إقلاعى عن الإدمان، وبدأت أشعر بطعم الأكل، وأتناول وجباتى بالكامل، وشعرت بصحتى تنتعش كثيرا.
وعن رسالته للمدمنين، قال الطفل، لا تضعفوا أمام الشيطان، ولا تتركوا أنفسكم فريسة سهلة لنزواتكم، تجلدوا بالشجاعة والقوة، ولا تنحدروا لطريق الإدمان، فالعواقب وخيمة، والأضرار فاجة، واعلموا أن صحتكم أمانة أودعها المولى عز وجل لكم، فلا تخانوها وحافظوا عليها.
 
وأضاف الطفل، عالم الإدمان صعب وقاس، يدمر الشباب ويقتل أحلامهم، فلا تقتربوا منه، ولا تجالسوا أصدقاء السوء، ولكم فى قصتى العبرة والعظة، فأعتذر لأمى التى طالما تحملتنى، أعتذر لدموعها التى سقطت حزنا على مصير، أعتذر لخوفها وقلقها، فلتسامحنى أمى، أعدك لن أعود لهذا الطريق، فقد تعلمت الدرس.
 
والتقطت الأم أطراف الحديث من ابنها، قائلة، تجربة صعبة وقاسية عاشها ابنى «ميدو» أو «محمد» كما يطلقون عليه، فكدت أفقد فلذة كبدى بسبب المخدرات، والحمد لله الذى عافاه.
وأضافت الأم، لم أكن أدرى أن ابن مدمن هيروين، فقد كنت مشغولة طوال اليوم فى العمل خارج المنزل لتوفير المصاريف لأبنائى، خاصة أن زوجى مصاب بالعجز فى يديه ولا يستطيع العمل، ومن ثم كنت مشغولة عن «ابنى» وباقى أشقائه.
 
وعن اكتشافها تعاطى ابنها للمخدرات، قالت الأم: دخلت يوم المنزل فجأة فشاهدته يتعاطى الهيروين، وعرفت أنه مدمن منذ وقت طويل، ومن وقتها بدأت جهودى لوقفه عن تعاطى المخدرات.
وتابعت الأم ابنى باع كل شىء فى المنزل، حتى «الأطباق» التى نأكل فيها باعها من أجل الحصول على المال لشراء «الهيروين»، وكنت أوثقه بالمنزل لمنع خروجه وتعاطيه الهيروين، حتى نجحنا فى وقف مسلسل الإدمان.
 
وطالبت الأم، الجهات المعنية بتوفير سكن مناسب لهم بعيدا عن المنطقة التى يقيمون فيها لحماية ابنها من العودة للإدمان مرة أخرى، قائلة، الخوف الآن من عودته لتعاطى المخدرات مرة أخرى بعد مثوله للشفاء داخل المصحة.
 
بدوره، قال «متولى.س» صاحب مبادرة «اشفى مدمن»، أنه أطلق مبادرته وذلك بعد مقتل أحد أقاربه والذى كان يعمل سائق «توك توك» بمنطقة المطرية، حيث خرج عليه مدمنون وقتلوه لسرقة «التوك توك» وبيعه وشراء المخدرات بثمنه.
 
وأضاف «متولى» لـ«اليوم السابع»، من وقتها سخرت نفسى وطاقتى لإنقاذ الشباب من الإدمان بعدما اكتشفت وجود العشرات من الشباب المدنين فى منطقتى، وأن المخدرات تنهش فى جسد الشباب وصغار السن من الأطفال. وتابع متولى، تعرضت لتهديدات من قبل تجار المخدرات بعدما كشفت عن أوكارهم، ومنعت الشباب من التعاطى، وتعرضت لتهديد بقتلى واقتحام منزلى، لكن كان لدى إصرار كبير فى إكمال رسالتى، وفى سبيل ذلك تواصلت مع القائمين على مصحات لعلاج الإدمان، وبالفعل أبدى عدد منهم الاستعداد فى مساعدتنا، واستقبلوا مدمنين من الشباب والأطفال بالمجان، وفى المقابل أبدى المدمنون رغبتهم فى العلاج والتعافى من هذا الخطر الكبير.
 
وعن مساعدته للطفل «محمد» أصغر مدمن هيروين فى مصر، قال «متولى»، بمجرد علمى بإدمان الطفل، سارعت فى التواصل مع أسرته، وكنت أذهب إليه يوميا ونوثقه بالجنازير فى قدميه ويديه حتى أقلع عن الإدمان اللعين، ولم أكتفى بذلك وإنما تواصلت مع طبيب فى مصحة لعلاج الإدمان، حيث استقبل الطفل وعالجه بالمجان.
 
وتابع صاحب مبادرة «اشفى مدمن» هدفنا القضاء على الإدمان نهائيا ونشر الوعى بمخاطر الإدمان، خاصة الهيروين الذى سعد من أخطر المواد المخدرة على الإطلاق، ولها تأثير إكلينيكى على المتعاطى، حيث يعطى إحساسا وهميا بالسعادة وفقدان الإحساس بالألم، ومن أهم الأعراض عدم القدرة على التركيز والنسيان والخمول وتلعثم اللسان وضيق حدقة العين، واحتقان الملتحمة واحمرارها وزيادة ضربات القلب والتى سرعان ما تتحول إلى بطء فى ضربات القلب وانخفاض ضغط الدم، فضلا عن وجود أمراض مصاحبة لإدمان الهيروين، أبرزها الاكتئاب والقلق واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع ومرض الفصام، وأمراض عضوية كالإيدز والالتهاب الكبدى الوبائى، بالإضافة إلى السلوك الجنسى غير السوى، والضعف الجنسى.






مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد

المعالج بطل و انا متعافي الحمدلله

البطل الحقيقي هو الذي يعين اي شخص علي العلاج من هذا السم اللعين ..عن تجربه شخصيه انا متعافي منذ ٤ شهور بعد فتره ادمان خمس سنوات متواصل والحمدلله اتعافيت بالقوه والاراده و نفسي اكون معالج بدون مقابل مثل هذا البطل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة