أصبحت "مصر الجديدة" ذلك الحى الراقى من أحياء القاهرة، أحد أهم ترندات السوشيال ميديا منذ الأمس، لمجرد قيام أحد الأشخاص بوضع منشور على "فيس بوك" يصور فيه لافتات وضعها أهالى المنطقة تحذر المارة من التبول فى الشارع، لأن المنطقة مراقبة بالكاميرات، وسيتم تصوير من يفعل هذا الفعل الفاضح ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعى.
ولأن تلقى رد الفعل على أى فعل هو أسرع ما يمكن حدوثه من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، فإن ترحيبا كبيرا لاقاه هذا الموضوع، بل وطالب البعض بتكرار وضع كاميرات المراقبة فى شوارع القاهرة والمحافظات لتصوير من يقومون بالتبول فى الشوارع وفضحهم للقضاء على هذه الظاهرة التى أصبحت السمة الأساسية بالشوارع، فمجرد مرورك بجوار أى حائط أو سور لأى منشأة بالقطع ستشم رائحة كريهة جدا جراء تكرار التبول فى هذا المكان، ولكن لماذا ينتشر الأمر بهذا الشكل فى مصر؟
الحقيقة التى يعرفها الكثيرون أن هناك نقصا حادا فى دورات المياه العمومية فى جميع المحافظات، فطبقا لأحدث بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يوجد فى مصر 1304 دورة مياه عمومية فى جميع محافظات مصر، وبما أن عدد سكان مصر بلغ 94.7 مليون نسمة فى التعداد الأخير لعام 2017، فهذا يعنى أنه يتوفر حمام عمومى واحد فقط لكل 73 ألف مواطن مصرى!
ويوجد محافظتين ليس بها دورات مياه عمومية على الإطلاق وهى جنوب سيناء، والإسكندرية ثانى أكبر المدن المصرية وأهم المدن الساحلية المصيفية، علاوة على سوء حال الحمامات العمومية الموجودة حاليا بل وبعضها لا يعمل من الأساس، فأسباب تبول المصريين فى الشارع واضحة تماما. ولكن هل المصريون فقط هم من يعانون من عدم وجود أماكن مناسبة لقضاء حوائجهم؟
حقيقة الأمر أن هذه مشكلة عالمية تتعلق بكثير من دول العالم، فطبقا لبيانات منظمة الأمم المتحدة فإن 892 مليون شخص حول العالم يقضون حاجتهم فى أماكن مفتوحة وليس لديهم حمامات، فأزمة الصرف الصحى عالمية، لذا تسعى المنظمة للعمل على معالجة هذه الأزمة لإنقاذ 4.5 مليار شخص بدون مرحاض عائلى يتخلص من نفاياتهم بطريقة آمنة لإنقاذ أرواح الملايين لأن النفايات البشرية تنشر الأمراض القاتلة – بحسب الموقع الرسمى للأمم المتحدة، وهو ما جعل المنظمة تخصص "اليوم العالمى لدورات المياه" فى 11 نوفمبر من كل عام كدفعة للعمل على معالجة أزمة الصرف الصحى العالمية.
وبحلول عام 2030، تهدف أهداف التنمية المستدامة، وتحديدا الهدف السادس منها، إلى إيصال الصرف الصحى وجعله متاحا للجميع، وخفض نسبة المياه العادمة غير المعالجة إلى النصف، وزيادة إعادة التدوير وإعادة الاستخدام الآمن – بحسب الأمم المتحدة، حيث أن تكاليف المياه والصرف الصحى السيئة تصل فى البلدان النامية إلى ما يقارب 260 بليون دولار سنويا، أى 1.5% من ناتجها المحلى الإجمالى، فى حين أن كل دولار يستثمر يمكن أن يحقق عائدا قدره خمسة أضعاف من خلال الحفاظ على صحة الناس وإنتاجهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة