كريم عبد السلام

حازم حسنى.. كان مشروع مفكر

الثلاثاء، 20 فبراير 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عرفت الدكتور حازم أحمد حسنى منذ سنوات طويلة تقارب العشرين عاما، عندما كنا فى مجلة «سطور» مع مطلع الألفية الثالثة، نتبنى منهج النقد الثقافى الاجتماعى، وكانت الملفات التى نقترحها تتصدى لتفسير مختلف الظواهر التى تحيطنا فى مصر خلال تلك السنوات المشحونة بالقلق والتساؤل والخوف على مستقبل البلد، وكان سؤال «إلى أين؟» هو السؤال الغالب على تلك المرحلة والشاغل لنا جميعا، كما كان احتلال العراق مؤشرا لنا جميعا بما هو قادم.
 
لم يتخلف الدكتور حازم عن المساهمة فى ملفاتنا التى تعنى بفهم مايجرى حولنا، بدءا من سؤال المؤامرة وانتهاء بنهاية النفق الأمريكى مرورا بمفهوم الاحتلال وبدايات الألفية والعالم الجديد الذى يتشكل حولنا، وكان فى مقالاته التى ننشرها له بارعا فى معالجة الفكرة وطرح الأسئلة واستعراض العناصر التى تحيط بها، مستخدما لغة فلسفية راقية ومشحونة بالهم الوطنى العام، إجمالا كان مشروع مفكر ننتظر منه إسهامات جادة لإيضاح ما يمر بنا وإرشاد الحائرين الباحثين عن طريق.
 
ما الذى حدث ؟ ولماذا لم يكتمل مشروع المفكر الذى عولنا عليه؟ وكيف تحول الكاتب الرصين إلى منصة فيسبوكية للطعن فى كل شىء وتشويه كل مشروع وإشاعة اليأس فى المستقبل بينما البلد يجاهد فى حروب داخلية وخارجية على عدة جبهات؟ وهل الحروب العسكرية والتنموية والمعلوماتية الشاملة المفروضة علينا فرضا، والتى يخوضها البلد بشرف وإصرار وصمود تقتضى الطعن فى الظهر وإحباط الناس والتشويه المتعمد لكل إنجاز يتحقق والتشكيك فى كل خطوة على الطريق؟ أم أن فقه الأولويات يستوجب تأجيل الخلافات فى وجهات النظر إلى أن تستعيد الدولة عافيتها ويطمئن كل فرد على موطئ قدميه فيها وتنتهى الأخطار، مع تقديم الاقتراحات بالحلول الوطنية وتصورات الإصلاح إلى من يهمه الأمر فى دوائر صنع القرار؟
 
تباعدت بينى وبين الدكتور حازم السبل، ليس فقط بعد توقف مجلة سطور عن الصدور، ولكن لاختلاف التوجهات والانحيازات فى السنوات التى تلت ثورة 25 يناير المسروقة، فقد توالت انهيارات الدول من حولنا، وكان فى سوريا صديق مفكر آخر على البعد هو ميشيل كيلو، منحته واشنطن سكينا لذبح بلاده على مذبح الديمقراطية، فاشترك مع عدة ضباط متقاعدين وعدد من العاطلين والانتهازيين وشكلوا ما يعرف بالمعارضة المعتدلة، ومنحتهم واشنطن أموالا للتحرك والإقامة فى أوروبا وأعدتهم لتمثيل سوريا الجديدة فى المحافل الدولية وعلى طاولات الحوار فى جنيف، حوارات تقسيم سوريا، ولم يدر ميشيل كيلو أن يد العار ستظل مرسومة بأصابعها الخمسة على وجهه وعلى وجه تابعيه.
 
درس ميشيل كيلو أكد لى أن انهيار أى بلد فى العالم الثالث، لابد وأن تسبقه تلك المدفعية الثقيلة لقصف العقول والأفئدة، مدفعية « المعارضة المعتدلة»، المصنوعة على عيون وبأيدى أصحاب المشروع الاستعمارى التدميرى لبلادنا العربية، على مهل وخطوة خطوة، وفى اللحظة المناسبة يأتيهم الأمر بالانطلاق وفتح النيران بكثافة على كل شىء، حتى إذا صاروا نجوما فى المعارضة - والمعارضة فى بلادنا وجاهة ومصالح بحسب الميراث السياسى الفاسد – تم استدعاؤهم حال اهتزاز البلاد أو سقوطها لاقدر الله، ليعبروا عن مطالب من صنعهم وينطقوا بلسانه ويوقعوا على عقود البيع بيده.
 
ما أسهل المعارضة يا دكتور حازم عندما ترفع صوتك بالشعارات المناوئة، ولكن هل لديك البديل؟ ما أسهل الخروج فى المظاهرات أو إنشاء الصفحات على مواقع التواصل ليجتمع حولها اللجان الإلكترونية والجنود المجهولون والشتامون والانتهازيون، لكن هل يستطيع هؤلاء تسيير بلد أو حمايته؟ وفى المقابل، ما أنبل أن تؤجل خلافاتك واختلافاتك مع الحكومة والنظام والرئيس، فكلهم زائلون ويبقى الوطن، إلى أن تنتهى الحرب ويعود البلد بلدا وتنتهى الأخطار والمخاطر.
 
خسارة يا دكتور حازم، يبدو أنك اخترت منذ زمن، الطريق نفسه الذى سار فيه ميشيل كيلو، لكن الله هو خير حافظا لهذا البلد، وأنت تعرف جيدا إلى أين سينتهى ميشيل كيلو وأشباهه.. فعلا خسارة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة