"من العزلة إلى الفيس بوك".. هل تفقد الرهبنة جوهرها؟.. رحلات الأديرة ومواقع السوشيال ميديا تعيد التواصل بين الرهبان والعالم الخارجي.. وتسلب الناسك عزلته الاختيارية

الجمعة، 02 فبراير 2018 02:00 ص
"من العزلة إلى الفيس بوك".. هل تفقد الرهبنة جوهرها؟.. رحلات الأديرة ومواقع السوشيال ميديا تعيد التواصل بين الرهبان والعالم الخارجي.. وتسلب الناسك عزلته الاختيارية البابا شنودة والبابا تواضروس وكمال زاخر
سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا كان التعريف الأولي للرهبنة المسيحية هو الموت عن العالم والحياة مع الله، فإن أبسط قواعد هذا الموت هو الانفصال عن الحياة الدنيا ونذر الروح للرهبنة ولعبادة الله، وهى القواعد التى وضعها آباء المسيحية الأوائل منذ القرون الأولى حين ظهرت الرهبنة على أيديهم في صحاري مصر، واتخذت أشكالًا مختلفة ما بين رهبنة الوحدة التي يسكن فيها الراهب مغارة منفردة، ورهبنة الجماعات وحتى نظام الأديرة، إلا أن تلك القواعد الجوهرية لا تتغير بتغير الزمن وإلا فقدت الفكرة جوهرها الأساسي.
 
البابا-شنودة
البابا-شنودة
 

لماذا يقبل الشباب المسيحي على الرهبنة؟

في كتابه، لماذا يقبل الشباب المسيحي على الرهبنة؟، يشير الأنبا مكاريوس أسقف المنيا، إلى أن الرهبنة القبطية شهدت نهضة كبيرة في أيام البابا كيرلس السادس وازدهرت فى أيام البابا شنودة، والذى كان  يغلب عليه الطابع الرهبانى سواء في تعليمه أو سلوكه بالرغم من خروجه إلى العمل الرعوى إلى خدمة الكنيسة كأسقف ثم كبطريرك.
 
يوضح أسقف المنيا، أن فكرة الرهبنة تبدأ عندما يرغب شخص فى الخلاص والحياة مع الله، إذ يضحى من أجل ذلك بكل شيء، وفي سبيل تلك الفكرة يقدم على أى قرار، ويرى أنه لن يتسنى له ذلك إلا من خلال حياة هادئة بعيدا عن العالم، ومن ثم يقرر الشاب أن يحيا حياة مسيحية مثالية، وإذ يتعذر عليه إتمام ذلك وهو بين الآخرين في العالم فهو يتجه من ثم نحو أطراف المدن، ومن جهة أخرى فإنه يعمل كذلك لينفق على نفسه ثم على المحتاجين حتى يتسنى له بذلك إتمام وصية محبة القريب بجانب محبة الله.
 

شروط صارمة لقبول الرهبان الجدد

في هذا السياق، وضعت الكنيسة شروطًا صارمة لقبول الرهبان الجدد، إذ يخضع طالب الرهبنة لعدة اختبارات، أهمها أن يشعر الدير برغبته الحقيقية فى هجر العالم والانضمام له، فلا تقبل الأديرة إلا أصحاب المؤهلات العليا، ممن شغلوا وظائف قبل الرهبنة حتى لا تكون الرغبة بدافع البطالة، ولا تقبل الأديرة إلا حسن السير والسلوك والسمعة، لتبدأ بعدها مرحلة الاختبار فيظل طالب الرهبنة قيد الاختبار عام أو عامين حتى يقرر رئيس الدير رسامته راهبًا فتصلى عليه صلاة الموتى وتقرأ أوشية الراقدين بعدما يموت عن حياته السابقة، ويترك أهله ويتنازل عن أمواله، ويبدأ حياته الثانية فى الدير، فيتغير اسمه بالميلاد، إلى اسم جديد، ويتغير شكله إلى الشكل الرهبانى المعروف، فلا يرتدى إلا أبسط الثياب، ويأكل من عمل يده، وفقا لتوزيع خدمته فى الدير.
 
تلك الرهبنة الحقيقية التى عاشها آباء القرون الأولى، أما الآن فقد انفتحت الأديرة على العالم الخارجى، وصارت تستقبل رحلات وزيارات نبه كمال زاخر إلى خطورتها على الحياة الرهبانية في كتابه" قراءة فى الواقع الكنسي"، وأشار إلى أن تلك الزيارات تفقد الدير سمته الأساسية وهى الهدوء والسكينة، إذ يقصد الراهب هذا المكان فى سعيه للالتصاق بالله  فى عزلة تامة عن العالم، ولكن زيادة عدد الزوار يتطلب تجنيد عدد من الرهبان لخدمتهم، كما يبدأ الرهبان في تلقى اعترافات من المترددين على الأديرة، الأمر الذى يشكل عبئا نفسيًا عليهم، ويفتح بابا للعلاقة مع العالم الخارجي.
 
 
البابا-تواضروس
البابا-تواضروس
 

تفاعل الرهبان على مواقع التواصل الاجتماعى

أما أكثر ما يلفت النظر حاليًا، هو هذا التفاعل النشط لبعض الرهبان على مواقع التواصل الاجتماعى، فالكثير منهم لديه صفحات على مواقع الفيس بوك وتويتر، حتى أن الراهب القس سيرافيم الباراموسى الذي يتولى الإشراف على مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية ينتج فيديوهات عالية الجودة تشرح بعض الأفكار المسيحية واللاهوتية، الأمر الذى لاقى اعتراضات من جماعات كنسية أخرى نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي المعارك والتفاعلات التى تفقد الراهب علاقته الانقطاعية عن العالم والمتواصلة مع الله، وتجعله جزء من الحياة التى تركها حتى وإن كان وجوده مجرد حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنه فى المقابل يجعل وجوده فى الدير، مجرد جسد بينما العقل والروح في مكان آخر.
 
كمال-زاخر
كمال-زاخر
 
يؤكد التاريخ إن الرهبان الأوائل لم يبرحوا مغاراتهم الصحراوية إلا لأسباب قهرية، فالأنبا انطونيوس الملقب بأبو الرهبان لم يزور الإسكندرية إلا حين اشتد الخلاف بين البابا اثناسيوس الرسولي و"أريوس" الذى تعتبره الكنيسة من الهراطقة منحرفى الإيمان، وفى تلك الظروف أراد القديس أن ينتصر للإيمان المسيحي الذى يراه دون أن يكسر فكرة الرهبنة وجوهر حياة العزلة حتى إنه عاد مرة أخرى لمغارته بعد انقضاء تلك الأزمة.
 
فى كتاب "قراءة في واقعنا الكنسي" ينبه زاخر لضرورة الالتفات إلى تلك القضايا التى يرى إنها تسلب الرهبنة الحقيقية جوهرها إذ يضيع منها المضمون ويبقى الشكل وهو الأمر الذى يهدد أحد أهم روافد الكنيسة روحيًا وبشريًا.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

ابن مصر

الحكمة

الحكمة التي تكلم عنها سليمان و خصص لها سفرا كاملا ، و هي التي تبني البيت اي تفيد و لا تضر و قد راينا اسقف ترك ابرشيته و رجع لديره باحثا عن خلاص نفسه ، و كان البابا شنودة يقضي يومين كل اسبوع بالدير ، كما ان معظم الاساقفة الذين لهم مواقع الكترونيه يديرها لهم ادمن من الخدام

عدد الردود 0

بواسطة:

Adel

الي سارة علام

مع كل الاحترام لمقالك ووجهة نظرك في ان الراهب يجب ان يكون بكامل كيانه في الدير لكن مع التطورات الفكرية المسيحية آلتي تحدث الان انا كمسيحي محتاج لفكر وتفسير هوءلاء الرهبان المتعمق وتواصلهم معنا لتصحيح ما قد يصل إلينا من أفكار مشوشةمن المدعين بالمفكرين المسيحين .

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة