احتجاجات المطالبين بالوظائف تعطل صادرات الفوسفات التونسية

الأحد، 18 فبراير 2018 11:51 ص
احتجاجات المطالبين بالوظائف تعطل صادرات الفوسفات التونسية فوسفات - ارشيفية
رويترز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تعطلت صادرات الفوسفات التونسية لقيام شبان بسد المدخل المؤدى إلى منجم للفوسفات للمطالبة بتشغيلهم وذلك فى نزاع يعمل على تفاقم أزمة اقتصادية فى البلاد.

فقد احتل المئات مناجم شركة فسفاط قفصة التى تديرها الدولة وهى المصدر الرئيسى للوظائف فى المنطقة الجنوبية الفقيرة فى البلاد الأمر الذى حرم تونس من دخل تحتاج إليه بالعملة الصعبة ودفع عضو البرلمان عن المنطقة إلى التحذير من أن يلحق استمرار الاحتجاجات الضرر بالشركة.

ويرمز هذا النزاع إلى الصعوبات التى تواجهها الحكومة وهى تحاول خفض إنفاقها على الأجور العامة والذى يعد من بين الأعلى فى العالم إذ يبلغ نحو 15 فى المئة من الناتج المحلى الإجمالى وكذلك خفض العجز فى الموازنة حسب الاتفاق مع المانحين الأجانب وفى الوقت نفسه السيطرة على الاحتجاجات.

تفجرت الاحتجاجات فى مختلف أنحاء البلاد فى يناير كانون الثانى وأبدى كثيرون غضبهم من تدهور أوضاعهم مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الانتفاضة التى أطاحت بالرئيس زين العابدين بن على فى 2011.

وكانت الاضطرابات التى أعقبت الانتفاضة تسببت فى إبعاد السياح والمستثمرين وأدت إلى زيادة معدلات البطالة والتضخم وانخفاض قيمة الدينار بنسبة 40%.

وقد توقفت تلك المظاهرات غير أن الشبان غيروا أساليبهم فلجأوا إلى سد الطرق المؤدية إلى مناجم الفوسفات كلها، ورغم أن القطاع شهد احتجاجات من قبل فهذه هى المرة الأولى التى تغلق فيها كل المناجم.

وقال أحمد عصام الذى يعيش فى خيمة مؤقتة أقامها عند منجم فى مدينة أم العرائس الجنوبية "لن ننهى احتجاجنا ما لم تشغلنا الحكومة كلنا".

قال عصام البالغ من العمر 40 عاما "نحن نعانى من التلوث من إنتاج الفوسفات مثل المياه الجوفية الملوثة ولا نستفيد من الصادرات  فى العاصمة الحياة جميلة أما نحن فلا شيء لدينا".

وتحاول الحكومة التفاوض لإنهاء الاحتجاجات دون جدوى. فمن الصعب التوصل إلى اتفاق لأنه لا يوجد تنسيق يذكر بين مجموعات المحتجين. وما إن يعلن عن توظيف عدد من المنتظرين مثلما حدث قبل ثلاثة أسابيع حتى تظهر مجموعة أخرى من العاطلين لتحل محلهم.

وقال وزير الطاقة خالد قدور للإذاعة التونسية إن شركة فسفاط تونس لا تستطيع تشغيل الجميع، وأوضحت بيانات الشركة التى يتجاوز عدد العاملين فيها 30 ألفا أنها أنتجت 4.15 مليون طن من الفوسفات فى العام الماضى مقارنة مع 3.3 مليون طن فى العام 2016.

جاء وقت كانت فيه تونس من أكبر منتجى الفوسفات فى العام غير أن إنتاجها انخفض إلى النصف منذ عام 2010 بسبب الاحتجاجات المتكررة وانخفاض عدد المشترين الأجانب.

غير أن هذه الصناعة لا تزال مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة. أما السياحة وهى مصدر كبير آخر للنقد الأجنبى فكادت أن تنهار بعد هجومين شنهما متطرفون فى عام 2015. وارتفع عدد الزائرين الأجانب بنسبة 23 فى المئة فى العام الماضى لكنه ما زال دون مستواه قبل انتفاضة 2011.

وقد ازداد تدهور الاقتصاد فى الأسابيع الأخيرة وانخفضت الاحتياطيات من النقد الأجنبى إلى أدنى مستوياتها منذ 15 عاما لتصبح قيمتها أقل من احتياجات ثلاثة أشهر.

يسلط نزاع المناجم الضوء على هوة فى تونس تفصل بين شطرى البلاد. فالثروة تتركز فى العاصمة تونس وعلى الخط الساحلى. وفى تلك المناطق توجد الطرق السريعة وخطوط السكك الحديدية والاستثمارات الأجنبية التى تمكنت البلاد من اجتذابها.

أما فى داخل البلاد وجنوبها فالقصة مختلفة. فالوصول بالسيارة إلى منجم الفوسفات من العاصمة يستغرق ست ساعات بسبب سوء حالة الطرق فى تلك المسافة التى تبلغ 400 كيلومتر.

وفى الجنوب توجد شركة رئيسية واحدة من القطاع الخاص تستثمر فى المنطقة هى شركة ديليس للمواد الغذائية والتى تشارك فى ملكيتها شركة دانون الفرنسية.

وجعل ذلك من صناعة الفوسفات الهدف الرئيسى للغضب المتنامي. وأغلب المحتجين حاصلون على الشهادة الثانوية أو حتى شهادات جامعية لكنهم لا يجدون عملا. وفى محافظة قفصة يبلغ معدل البطالة نحو 30 فى المئة أى أنه يصل إلى مثلى المعدل العام على مستوى البلاد، وقال فوزى محسن أحد المحتجين عند المنجم "أنا عاطل عن العمل منذ تخرجى فى 2006".

والقطاع العام هو المصدر الرئيسى للوظائف فى تونس فى إطار نظام بن على الذى قام على شراء الولاء غير أن الحكومة تحاول تغيير ذلك فى إطار مساعى تهدف إلى تدعيم الوضع المالى للبلاد.

ويتفق عدنان الحاجى ممثل المنطقة فى مجلس نواب الشعب مع الرأى القائل إنه لا يمكن أن يوظف القطاع العام الجميع غير أنه يرى أن الفساد فى شركات الدولة زاد الطين بلة.

وقال الحاجى "البعض يقبض مرتبا دون أن ينتج شيئا. يوجد فساد ولا توجد شفافية فى التعيينات. ولهذا توجد احتجاجات وفوضى. والآن أغلقت الشركة".

وقال على الهوشاتى المتحدث باسم الشركة إن "الحديث عن الفساد خطاب شعبوى" لكنه امتنع عن التعليق أكثر من ذلك.

واستقرار تونس من القضايا التى تهم الدول الغربية لأن بعض التونسيين انضموا إلى موجة المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا أو سافروا إلى ليبيا أو سوريا والعراق للانضمام إلى تنظيم داعش.

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة